مواقف متنوعة ظهرت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بشأن هذه المأساة، إلا أن أغلبها رأى في مصرع إيلان المروع إدانة للإنسانية ولأثرياء العرب ودولهم وحكوماتهم.
وتراءى للكثيرين أن الطفل الغريق المسجى على رمال الشاطئ كان يبدو كما لو أنه يشيح بوجهه عن العالم كابيا على الرمال بعد أن حمله الموج إلى أحضان الأرض من جديد.
وفيما عبر البعض عن يأسهم وقنوطهم من الإنسانية، رأى آخرون في مصرع الطفل السوري أثناء إبحار أسرته بحثا عن ملجأ صدمة مدوية ستوقظ ضمير العالم، وستجعل الدول والأفراد يتعاملون بطريقة أكثر إيجابية مع اللاجئين السوريين المعذبين المشتتين في أصقاع الأرض.
تناول المهتمون هذا الموت المأساوي من جوانب عدة وبأساليب متنوعة، وكتب أحد النشطاء في حسابه مناجيا الضحية "صغيري.. وجه هامتك للبحر.. ووجه نعل حذائك لنا.. فالبحر بأمواجه ووحوشه كانوا أكثر حنانا عليك منا"، ووضع آخر صورة إيلان وكتب بجوارها: بحر الموت المتوسط.
وعبّر أحد النشطاء عن مشاعره تجاه مشاهد مصرع الطفل إيلان القاسية في صيغة رسالة مذيلة باسم الطفل إيلان كردي تقول :" آسف على إيقاظ إنسانيتكم بصورتي على الشاطئ. عودوا للنوم. أعدكم لن أغرق ثانية".
وتساءل أحد النشطاء في صيغة صادمة " ماذا لو كان ابنك#إيلان_كردي"، وكتب آخر "البحر أمامه ونحن خلفه.. هامته للموج.. ونعل حذائه لنا"، وعبّر آخر بنفس المعنى قائلا: " أغرقتَ إنسانيتنا قبل أن تغرق! نم قرير العين فنحن الغرقى!".
لم يترك موت الطفل السوري إيلان عبد الله كردي أحدا ممن يتصف بقدر من الإنسانية من دون أن يمس داخله محركا مشاعره، مثيرا قلقه مما يجري للسوريين اللاجئين من مآس وويلات وهم في طريقهم هربا من جحيم الحرب التي أحرقت بلادهم.
وعلى الرغم من أن البعض حاول أن يستغل هذا الموت المؤثر والصادم إلى وسيلة للهجوم على أعدائه السياسيين، إلا أن أغلب التعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي اتسمت بأبعاد إنسانية مجردة ومشاعر مشبوبة، حيث كتب أحدهم فيما يشبه الصرخة المنطلقة من فم الطفل إيلان :" سأخبر الله عن كل شيء!!!!!!!!!!!".
وعبّر أحد النشطاء عن مشاعره تجاه هذه المأساة بأسلوب خاص طافح بالألم: "كل الذين ماتوا نجوا من الحياة بأعجوبة!".
ورأى أحد النشطاء أن الطفل إيلان كان يعيش في أمان "إلى أن أتى الجحيم العربي وحرق بلده.. وتخلى عنه من دعم المقاتلين بالسلاح"، ووضع أحدهم تعليقا بجانب صورة للطفل إيلان ولصورته مع طفله يقول: كابوس يلاحقني كل يوم".
وأعطى أحد النشطاء للطفل إيلان صفة "لاجئ إلى السماء"، ووصف سنوات عمره القصير قائلا:"قضى عيد ميلاده الأول تحت القصف... والثاني قضاه في خيمة على الحدود... وقبل عيده الثالث اختار أن ينام للأبد...لم يجد في هذه الدنيا ما يستحق البقاء".
لقي الطفل السوري إيلان عبد الله كردي حتفه على شاطئ غريب. رمت به وبأهله شرور الحرب إلى المهالك. انتزع البحر من جسده الغض الروح، لكنه أعاده إلى رمال الشاطئ، إلى الأرض لينام إلى الأبد لعل الإنسانية تصحو من غفوتها وقسوتها، فيكون لموته معنى.
محمد الطاهر