وأكد وزير الداخلية الأوكراني أرسين أفاكوف صباح الثلاثاء 1 سبتمبر/أيلول وفاة دميتري سلاستيكوف من عناصر الحرس الوطني الأوكراني بعد أن أصيب بجروح بالغة نتيجة انفجار قنبلة أمام البرلمان الاثنين، وذلك بعد وفاة جندي آخر متأثرا بجروحه الاثنين.
وأوضحت وزارة الداخلية الأوكرانية أن العسكري الذي توفي الاثنين بعد إصابته بجروح في اشتباكات أمام برلمان البلاد، أصيب بطلقة نارية وليس بشظايا قنبلة.
وقال إيفان فارتشينكو مستشار وزير الداخلية الأوكراني في حديث للقناة الخامسة في وقت سابق الثلاثاء، إن انفجارات عدة وقعت الاثنين أمام البرلمان في وسط كييف بعد إقرار النواب تعديل الدستور في القراءة الأولى، إلا أن جندي الحرس الوطني الأوكراني إيغور ديبرين توفي بعد إصابته بطلقة نارية في القلب، بحسب المعلومات الأخيرة، مرجحا أن تؤكد الوزارة ذلك رسميا الثلاثاء.
من جهة أخرى قال فارتشينكو إن أجهزة الأمن ستقوم قريبا باستجواب رئيس حزب "سفوبودا" وغيره من منظمي احتجاجات الاثنين والمشاركين فيها.
واندلعت اشتباكات بين الشرطة ومجموعة من المتظاهرين في محيط البرلمان الاثنين 31 أغسطس/آب، حيث تجمع نحو 3 آلاف من المحتجين على تعديل الدستور الأوكراني. ورشق محتجون مبنى البرلمان بالحجارة وحاولوا اقتحام المبنى.
وأعلن وزير الداخلية أرسين أفاكوف الاثنين أن قوات الأمن احتجزت نحو 30 من المتظاهرين أمام مقر البرلمان، واتهم حزب "سفوبودا" ("الحرية") اليميني المتشدد بالتحريض على أعمال الشغب. وأكد الوزير اعتقال شخص يشتبه في رميه لقنابل، متوعدا بمعاقبة المسؤولين عن تأجيج الاشتباكات بشكل حازم.
من جانبه اتهم زعيم الحزب الراديكالي الأوكراني أوليغ لياشكو المخابرات الأوكرانية بالعمل الاستفزازي أمام البرلمان بهدف تشويه سمعة المعارضين لتعديل الدستور.
بدوره أعلن تنظيم "القطاع الأيمن" اليميني المتشدد أن الرئيس بوروشينكو يشبه الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتس إذ أظهر حبه لوسائل "القمع ضد الشعب"، داعيا أنصاره للتعبئة بعد اندلاع الاشتباكات في محيط البرلمان الاثنين.
شاهد لحظة وقوع الانفجار أثناء الاشتباكات بين الشرطة والمحتجين أمام مقر البرلمان الأوكراني
وكان البرلمان الأوكراني قد أقر في وقت سابق في جلسته الاثنين مشروع التعديلات الدستورية الخاصة بإقامة نظام لامركزي في أوكرانيا بالقراءة الأولى. وأيد 265 نائبا التعديلات المقترحة، بينما عارضها 87 من أعضاء البرلمان.
ويشار إلى أن عملية التصويت جرت بعد أن قامت مجموعة من النواب من الحزب الراديكالي الأوكراني بتطويق منصة البرلمان منذ صباح الاثنين احتجاجا على تعديل الدستور ورددوا شعارات "عار" و"لا لخيانة الدولة". وأجرى رئيس البرلمان فلاديمير غرويسمان الجلسة واقفا قرب المنصة وسط عدد من نواب "ائتلاف بيترو بوروشينكو".
وأكد ستيبان كوبيف ممثل الرئيس الأوكراني قبل التصويت على تعديل الدستور في البرلمان أن "الدستور لن يتضمن بندا حول منح مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وضعا خاصا. وسيحدد قانون منفرد خصائص تطبيق الحكم المحلي في هذه المناطق".
ووفقا للقانون فإن تعديل الدستور الأوكراني يتطلب إقراره من قبل النواب في دورتين لبرلمان البلاد – أولا بأغلبية بسيطة (226 صوتا على الأقل)، ثم بأغلبية دستورية (300 صوت).
ومن المتوقع أن يواجه مشروع التعديلات صعوبة في الحصول على موافقة أغلبية دستورية في البرلمان خلال الدورة المقبلة. ويرى ممثلو حزب "ساموبوميتش" أن الرئيس الأوكراني يستغل التعديلات من أجل تعزيز سلطته، بينما يرى الحزب الراديكالي الأوكراني أن قبول نظام حكم محلي خاص لبعض مناطق دونباس سيكون "كارثة" للبلاد.
وقد وافق الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو والمحكمة الدستورية في الشهور الماضية على مشروع التعديلات الدستورية التي أعدتها اللجنة الدستورية. وينص المشروع على إقامة نظام حكم محلي على 3 مستويات – أقاليم ومناطق وبلديات. وستحصل البلديات التي قد تضم بلدة أو عدة بلدات على صلاحيات واسعة، بما فيها مالية.
وتفترض التعديلات المقترحة أن رئيس الدولة سيحق له إقالة أي مسؤول محلي وتعيين مفوض رئاسي خاص لمدة عام واحد من أجل التصدي بشكل عاجل للنزعات الانفصالية. من جهة أخرى لا تمس التعديلات مجال الدفاع والأمن الوطني والسياسة الخارجية.
يذكر أن إجراء إصلاح دستوري هو أحد بنود اتفاقات مينسك التي توصلت إليها مجموعة "رباعية النورماندي" من أجل تسوية الأزمة الأوكرانية.
واقترح الرئيس الأوكراني في 15 يوليو/تموز أن تنص الأحكام الانتقالية للدستور على ضرورة وضع قانون خاص بشأن الحكم الذاتي لبعض مناطق مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك (التي تسيطر عليها قوات جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المعلنتين من جانب واحد). ومع ذلك أكد بوروشينكو أكثر من مرة أن الحديث لا يدور عن أي "وضع خاص" لمنطقة دونباس وأن البلاد ستبقى موحدة، مضيفا أن التعديلات المقترحة لا تفترض بشكل من الأشكال إقامة نظام فيدرالي في أوكرانيا.
بدورها تعارض قيادة "دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" مشروع التعديلات الدستورية وتطالب بأن تحصل التعديلات المقبلة على موافقة ممثلي "الجمهوريتين" وبأن ينص الدستور في أحكامه الأساسية على تنفيذ قانون "الوضع الخاص" لدونباس الذي جرى تأجيل العمل به سابقا.
وكان زعماء "رباعية النورماندي" قد دعوا كييف أكثر من مرة إلى الالتزام باتفاقات مينسك بدقة، بما في ذلك إقرار الوضع الخاص لبعض مناطق دونباس.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ونظيره الفرنسي فرانسوا هولاند السبت الماضي أن لا بديل عن الحل السياسي للأزمة الأوكرانية، وأساسه التطبيق التام لاتفاقات مينسك، منوها بأهمية إجراء إصلاح دستوري في أوكرانيا يتفق عليه مع كل من دونيتسك ولوغانسك.
الكرملين: أعمال العنف في كييف غير مقبولة
وفي تعليقه على أحداث كييف أعرب المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف عن قلق موسكو إزاء العنف: "بالطبع نشعر بقلق ونراقب مظاهر العنف.. ندين هذه الأعمال ولا نقبلها بأي شكل من الأشكال".
الاتحاد الأوروبي قلق من أعمال العنف أمام مبنى البرلمان الأوكراني
من جانبها، أعلنت المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان لها صدر مساء الاثنين، أن عملية تعديل الدستور الأوكراني "يجب ألا تحبطها أعمال العنف"، ووصفت المصادمات قرب مبنى البرلمان في كييف بأنها "تثير قلقا شديدا".
وأشارت موغيريني إلى أن التصويت الذي جرى اليوم في البرلمان الأوكراني بشأن التعديلات الدستورية الخاصة بنظام لامركزية يعد خطوة مهمة على الطريق نحو تسليم ملموس لصلاحيات المركز إلى مناطق وبالتوازي يرفع مستوى مسؤولية أجهزة السلطة المحلية في دوائرها الانتخابية.
وأعربت الدبلوماسية الأوروبية عن الأمل في أن التعديلات الجارية مناقشتها ستدخل نهاية العام الحالي، لافتة إلى أن التعديلات ستعمل على تنفيذ اتفاقات مينسك.
المصدر: وكالات