وذكر الكرملين في بيان صدر الخميس 16 يوليو/تموز تعليقا على مكالمة هاتفية جرت بين بوتين ورئيس الوزراء الهولندي مارك ريوتي: "أوضح الرئيس بصورة مفصلة الموقف الروسي من مبادرة مجموعة من الدول، بينها هولندا إلى إنشاء محكمة دولية لملاحقة الأشخاص المسؤولين عن تدمير الطائرة الماليزية، باعتبار هذه المبادرة سابقة لأوانها وهدامة".
كما دعا الرئيس الروسي إلى الكف عن تسريب معلومات عن مختلف الفرضيات المسيسة بشأن أسباب الكارثة إلى وسائل الإعلام، واصفا هذه التصريحات بأنها غير مقبولة.
وتابع البيان: "شدد (بوتين خلال المكالمة) على أنه قبل اتخاذ القرارات باستحداث آليات قضائية ومعاقبة مرتكبي هذه الجريمة، يجب العمل بنشاط على استكمال التحقيق الدولي الذي يجب أن يكون دقيقا وموضوعيا ويتميز بطابع مستقل وشامل، وذلك بمراعاة تمامة لأحكام القرار رقم 2166 الصادر عن مجلس الأمن الدولي".
وأوضح الكرملين أن الزعيمين في المكالمة جرت بمبادرة الجانب الهولندي، أكدا اهتمام البلدين بنجاح التحقيق في ملابسات تحطم الطائرة الماليزية في شرق أوكرانيا في 17 يوليو/تموز عام 2014.
روسيا تدعو إلى انتظار نتائج التحقيق في تحطم طائرة الـ"البوينغ"
ومن جهته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس 16 يوليو/تموز أن روسيا تدعو إلى انتظار نتائج التحقيق في تحطم طائرة الـ"البوينغ" قبل طرح مبادرات حول إنشاء محكمة دولية.
وقال "إننا ننطلق الآن من مبدأ عدم وضع العربة أمام الحصان، فالتحقيقات مستمرة وقرار مجلس الأمن رقم 2166 يدعو في الواقع إلى تقديم المذنبين إلى العدالة. والتحقيق سينتهي ليس قبل شهر أكتوبر/ تشرين الثاني، ربما بعد ذلك الموعد بوقت قصير - حتي نهاية العام الحالي".
وأكد أن فكرة إنشاء محكمة دولية خاصة بتحطم طائرة الـ"بوينغ" الماليزية MH17 موجهة لمعاقبة من هم في نظر الولايات المتحدة مذنبون، وقال: "إذا كانوا في واشنطن يعلمون كل شيء، وفي الولايات المتحدة يدعمون بشكل نشيط جدا إنشاء المحكمة الدولية من خلال قرار لمجلس الأمن الدولي، فيمكننا أن نفهم بسهولة الهدف الذي سوف تلاحقه المحكمة، أي نستنتج من ذلك أن المحكمة هدفها معاقبة أولئك الذين واثقة واشنطن في ذنبهم".
وأكد لافروف أن تحطم طائرة "البوينغ" الماليزية في أوكرانيا هو نتيجة جريمة جنائية وليس تهديدا للسلام والأمن العالمي.
وأشار لافروف إلى أن التحقيقات تطرح تساؤلات من ضمنها من ما يتعلق في مسألة الوصول إلى المعلومات التي تم جمعها.
وقال إن "الأسئلة التي ظهرت عند سلطات الطيران لدينا والمختصين في وزارة الدفاع الروسية تم الإعلان عنها جميعها ووزعناها على مجلس الأمن الدولي، ومع هذا لم نحصل على أي جواب أو أي رد فعل من الجهات التي أجرت التحقيق".
وأضاف لافروف "أنهم دعوا مختصينا للمجموعة الدولية للتحقيق لكننا هناك حتى الآن في وضع غير متكافئ لأن الوصول إلى المعلومات التي عند هذه المجموعة الدولية يختلف، فبعض أعضاء المجموعة يحصلون على حرية الوصول إلى جميع الوثائق والمواد، أما مختصينا يحصلون عليها بالجرعات".
وأشار لافروف إلى أن روسيا لم تحصل على تفسيرات واضحة لسبب عدم إعطاء المختصين الروس المعلومات الكاملة.
تجدر الإشارة إلى أن طائرة "بوينغ" الماليزية رحلة MH17 تحطمت في مقاطعة دونيتسك جنوب شرق أوكرانيا في أثناء قيامها برحلة من أمستردام إلى كوالالمبور. وقتل جميع ركاب الطائرة، وعددهم 283 شخصا، وأفراد الطاقم الـ15 جراء الكارثة.
وحسب الفرضية الأساسية للتحقيق، تم إسقاط الطائرة بواسطة صاروخ. وسارعت السلطات الأوكرانية وجمهوريتا دونيتسك ولوغانسك المعلنتان من جانب واحد، إلى تبادل الاتهامات بإسقاط الطائرة، علما أن الكارثة وقعت في منطقة النزاع بالقرب من خط الجبهة.
وتترأس هولندا التحقيق الدولي، علما بأن معظم الركاب كانوا يحملون الجنسية الهولندية.
وكانت هولندا وماليزيا وأستراليا وبلجيكا وأوكرانيا قد قدمت في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار حول إنشاء محكمة دولية خاصة لملاحقة المذنبين بإسقاط الطائرة الماليزية. وحسب مصادر دبلوماسية، من المتوقع أن يطرح المشروع للتصويت في يوم 21 يوليو/تموز الجاري.
وفي السياق نفسه، نقلت قناة "سي إن إن" التلفزيونية الأمريكية ما قالت إنه تسريبات من تقرير المحققين الهولنديين بشأن الكارثة، إذ حملوا قوات الدفاع الشعبي التابعة لـ لوغانسك ودونيتسك مسؤولية إطلاق صاروخ يفترض أنه أسقط الطائرة الماليزية.
وحسب القناة فإن التقرير يحمل شركة "الخطوط الجوية الماليزية" جزءا من المسؤولية عن الحادث، بسبب عدم تخليها عن القيام برحلات جوية فوق منطقة النزاع في دونباس.
وكالة الطيران المدني الروسية: تسريبات فرضيات بشأن كارثة الطائرة الماليزية يهدف إلى الضغط على التحقيق
قال أوليغ ستورتشيفوي نائب رئيس وكالة الطيران المدني الفدرالية الروسية إن التسريبات الأخيرة عن نتائج التحقيق في كارثة الطائرة الماليزية تستهدف الضغط على المحققين.
وتابع أن الوكالة الروسية لا تتفق مع العديد من الاستنتاجات التي توصل إليها المحققون الهولنديون، مضيفا أنها قد أرسلت ملاحظاتها إلى هولندا، لكن لا يحق لها نشر هذه الملاحظات حتى صدور القرار النهائي عن نتائج التحقيق.
وذكر ستورتشيفوي أن روسيا لا تحاول فرض أية فرضيات على المحققين، لكنها تدعو إلى أخذ جميع البيانات المتوفرة بعين الاعتبار. وأوضح أن الخبراء الروس لا يشاركون في التحقيق، إذ تم إبعادهم عنه عمليا.
وتابع أن هناك أدلة كثيرة قد تدل على إسقاط الطائرة بصاروخ "أرض-جو" أو "جو-جو". لكنه نفى فرضية تقول إن الطائرة أُسقطت بصاروخ أطلق من منظومة "بوك" في بلدة سنيجنويه الخاضعة لسيطرة قوات الدفاع الجوي، موضحا أنه لو كان الأمر هكذا، لسجلت الرادارات العسكرية في مدينة روستوف عملية إطلاق الصاروخ بدقة.
وكانت وزارة الدفاع قد نشرت البيانات التي سجلتها وسائل المراقبة العسكرية الروسية بشأن الوضع في منطقة النزاع يوم 17 يوليو/تموز، وتشير تلك البيانات إلى وجود منظومات "بوك" تابعة للجيش الأوكرانية بالقرب من المنطقة التي سقطت فيها الطائرة الماليزية. وتجدر الإشارة إلى أن قوات الدفاع الشعبي لا تملك مثل هذه الأسلحة التي تسمح باستهداف الطائرات على ارتفاعات كبيرة، وكما أنها لا تحتاج إلى مثل هذه الصواريخ، علما بأن الطائرات العسكرية تحلق على ارتفاعات منخفضة بالمقارنة مع طائرات الركاب ويمكن التصدي لها بأسلحة أقل قوة.
موسكو تحث واشنطن على نشر بيانات أقمارها الاصطناعية حول كارثة "الماليزية"
دعت موسكو الولايات المتحدة مرارا إلى نشر ما لديها من بيانات واردة من وسائلها الخاصة بالمراقبة الجوية والفضائية حول كارثة الطائرة الماليزية بشرق أوكرانيا.
وفي بيان صدر عنها االشهر الماضي أعادت وزارة الخارجية الروسية إلى الأذهان أن موسكو كانت تدعو منذ البداية إلى "تحقيق شامل ونزيه" لكارثة الطائرة الماليزية، وإذا كانت لدى الولايات المتحدة بيانات وردت من أقمارها الاصطناعية أو أنظمة "أواكس" للإنذار المبكر والتحكم، فيجب نشر هذه البيانات.
وتابع البيان قائلا إنه من الضروري أيضا نشر تسجيلات لمكالمات المراقبين الجويين الأوكرانيين مع العسكريين، مشيرا إلى أن الجانب الأمريكي يتجاهل باستمرار مطالب موسكو الملحة بنشرها.
وأضاف أن "هناك أسئلة أخرى كثيرة تبقى بلا جواب، الأمر الذي يدل على أن لدى كييف ما تريد إخفاءه".
من جهتها أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف أن واشنطن لا تنوي تقديم أي معلومات إضافية حول الكارثة. وقالت هارف إن الولايات المتحدة قد قدمت للمحققين "جميع المعلومات التي كنا نعتبرها في محلها".
فرضيات التحقيق: إسقاط الطائرة بصاروخ "أرض - جو"
فور حدوث كارثة الطائرة الماليزية اتهمت سلطات كييف قوات الدفاع الشعبي التابعة لجمهورية دونيتسك الشعبية (المعلنة من جانب واحد) بإسقاط الطائرة بواسطة منظومة "بوك" المضادة للجو. ومن اللافت أن وسائل إعلام أوكرانية وزعت قبل أيام من إسقاط الطائرة معلومات عن استيلاء خصوم كييف على عدد من منظومات "بوك" كانت في قاعدة عسكرية أوكرانية.
وفي أول تعليق لها على المأساة، تحدثت كييف عن المنظومات ذاتها، إلا أنها سرعان ما غيرت رأيها وقدمت رواية أخرى تقول إن منظومة "بوك" التي أسقطت الطائرة قدمت من روسيا ومن ثم عادت إلى الأراضي الروسية. ولا توجد أية أدلة على امتلاك قوات الدفاع الشعبي أسلحة مضادة للجو من هذا النوع.
لكن شركة "الماز-أنتي" الروسية المنتجة للأسلحة المضادة للجو والصواريخ (ومنها منظومات "بوك") كشفت بدورها عن نتائج تحليلها للكارثة، وأهمها استنتاج مفاده أن إسقاط الطائرة تم على الأرجح بواسطة صاروخ "9 إم 38 إم 1" موجه أطلق من منظومة "بوك-إم1" المضادة للجو. وتملك القوات المسلحة الأوكرانية العديد من هذه المنظومات القديمة التي صممتها شركة "ألماز-أنتي".
وفي هذا السياق، نشرت "ألماز-أنتي" بيانات مفصلة متعلقة بمواصفات منظومة الصواريخ "بوك"، ومنها بيانات تنشر لأول مرة بعد أن وافقت وزارة الدفاع الروسية على رفع صفة السرية عنها.
ومن تلك البيانات السرية سابقا طريقة طيران شظايا الصاروخ الذي تطلقه المنظومة، وهي معلومات حاسمة تساعد في تحديد مسار الصاروخ الذي أصاب الطائرة.
وفي مؤتمر صحفي عقدته الشركة في أوائل يونيو/حزيران في موسكو، استبعد ميخائيل ماليشيفسكي مستشار مصمم عام "ألماز-أنتي" استخدام منظومة "بوك إم2" (التي يستخدمها الجيش الروسي) لإسقاط الطائرة، موضحا أن الصواريخ التي تطلقها هذه المنظومة الحديثة تتميز بعناصر ضاربة فريدة، أما طبيعة الأضرار التي ألحقت بالطائرة فلا تتفق مع هذه المواصفات.
بدوره قال يان نوفيكوف مدير عام الشركة الروسية إن الصاروخ الذي أصاب الطائرة الماليزية كان من طراز توقفت روسيا عن إنتاجه عام 1999.
وشدد على أن روسيا تملك أدلة دامغة تؤكد امتلاك القوات المسلحة الأوكرانية لصواريخ من هذا الطراز، إذ كان عددها عام 2005 يتجاوز 990.
فرضة إسقاط الطائرة بصاروخ "جو-جو"
أما المحققون الروس فينظرون في فرضية إسقاط الطائرة الماليزية بصاروخ "جو-جو"، وذلك اعتمادا على البيانات المذكورة التابعة لوزارة الدفاع الروسية، والتي أشارت إلى أن مقاتلة تابعة لسلاح الجو الأوكراني قامت بتحليق في المنطقة التي تم فيها إسقاط الطائرة الماليزية، كما سجل ارتفاع هذه المقاتلة إلى ارتفاع غير معتاد للطائرات العسكرية.
هذا وأعلنت لجنة التحقيق الروسية أن هناك شاهدا مهما في القضية، وهو عسكري أوكراني عمل كميكانيكي في مطار عسكري أوكراني قريب، أكد أن 3 طائرات من طراز "سو - 25" أقلعت من المطار في يوم وقوع الكارثة، وتم إسقاط اثنتين منها، أما الطائرة الثالثة فعادت إلى المطار سالمة، ولكن بدون إحدى الصواريخ التي حملتها. ونقل الشاهد عن المحققين تصريحات غامضة لقائد المقاتلة، يمكن تفسيرها على أنها تشير إلى إسقاط الطائرة الماليزية بصاروخ أطلقتها المقاتلة.
فرضية إسقاط الطائرة الماليزية بصاروخ اسرائيلي الصنع
نشر مؤخرا تقرير أعده خبراء طيران روس فضلوا عدم الكشف عن هويتهم. ويعتمد التقرير على الصور التي نشرها التحقيق الدولي، لتحليل الأضرار التي الحقت بالطائرة جراء انفجار الصاروخ. واستنتج واضعو التقرير أن الصاروخ أصاب الطائرة في جزئها الأمامي، بينما كان وزن رأس الصاروخ لا يتجاوز 40 كيلوغراما، كما أنه كان مزودا بعناصر ضاربة تراوح عددها بين ألفين و4 آلاف.
ويؤكد التقرير أن هذه المواصفات لا تتناسب مع أي من أنواع الصواريخ الروسية الصنع، وليس للخبراء معلومات كافية عن الأسلحة المماثلة أجنبية الصنع، لكن من الواضح أن الحديث يدور عن صاروخ "جو-جو" قصير المدى.
ومن الصواريخ المعروفة التي يتناسب وزن رؤوسها مع البيانات المذكورة، يشير التقرير إلى الصاروخ الفرنسي "Magic-2" والصاروخين الاسرائيليين "Shafrir" و"Python " والصاروخ الأمريكي "ِAIM-9"، لكن الخبراء اعتبروا أن الصاروخ الأخير يتناسب بقدر أكبر مع نتائج تحليلاتهم التي قدمت في التقرير.
المصدر: وكالات