أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن سبب الأزمة في أوكرانيا هو غياب المهنية في سلوك الغرب الذي فقد زمام الأمور.
وقال بوتين في حديث لصحيفة Corriere della Sera الإيطالية نُشرت مقتطفات منه صباح السبت 6 يونيو/حزيران "هذا ليس خيارنا بل أجبرنا على الرد على ما يحدث".
وأضاف بوتين للصحيفة عشية توجهه الى إيطاليا أن موسكو لا تستطيع التأثير على سلطات كييف كالولايات المتحدة وأوروبا لحمل السلطات الأوكرانية على تنفيذ كل ما جرى الاتفاق عليه في مينسك، مؤكدا أن موسكو فعلت وستفعل كل ما بوسعها للتأثير على جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المعلنتين من طرف واحد.
وأشار إلى أن الوثيقة التي جرت المصادقة عليها في مينسك "تعتبر الأصح، وقد تكون الطريق الوحيد اليوم لحل المشكلة، ولو لم نعتبرها صحيحة وعادلة ويمكن تنفيذها لما صادقنا عليها".
وفيما يخص جنوب شرق أوكرانيا، يرى الرئيس الروسي أن على كييف البدء بإعادة تأهيل منطقة دونباس وإجراء إصلاحات دستورية وانتخابات محلية، مشيرا الى أن المشكلة تكمن في عدم رغبة السلطات الحالية في كييف بالجلوس الى طاولة المفاوضات مع قوات الدفاع الشعبي.
وشدد على أن "روسيا معنية وستسعى الى التنفيذ الكامل غير المشروط لجميع اتفاقات مينسك، ولا يوجد سبيل آخر للتسوية اليوم حسب رأيي"، مذكرا في حديثه للدورية الإيطالية بأن زعماء الجمهوريتين المعلنتين من جانب واحد صرحوا علنا باستعدادهم لدراسة إمكانية اعتبار أنفسهم جزءا من الدولة الأوكرانية.
بوتين: انضمام القرم كان خيارا شعبيا
وأعلن فلاديمير بوتين بخصوص انضمام القرم الى الاتحاد الروسي، أن ذلك كان على أساس الخيار الشعبي لسكان شبه الجزيرة، بينما صوت الناس في دونيتسك ولوغانسك لصالح الاستقلال، والوضع فيهما مختلف. وأشار إلى أن الديمقراطية هي خيار الشعب أو السلطة المعتمدة على خيار الشعب قائلا إن "حل مشكلة القرم معتمد على خيار الشعب القاطن في القرم".
هذا ولفت بوتين الى أن أوكرانيا تعاني من أزمة سياسية صعبة تنعكس على اقتصادها، والاتحاد الأوروبي يستطيع تقديم مساعدة مالية أشمل لتخطي الأزمة، قائلا "هناك التزامات معينة أخذها شركاؤنا الأوروبيون على عاتقهم بما فيها وعدهم باستئناف النظام المصرفي".
أما بالنسبة للعلاقات الروسية الغربية فرأى بوتين أنها يجب أن لا تبنى على منطق المواجهة "نحن لا نشعر أن أحدا خدعنا أو تصرف معنا بطريقة غير لائقة، الأمر ليس كذلك، بل يجب أن تبنى العلاقات على أساس طويل الأمد".
سلوك موسكو رد على التهديدات
وأكد أن روسيا والولايات المتحدة تواصلان العمل المشترك في كثير من القضايا بما في ذلك ملف إيران النووي، وتعتبران "حليفتين" في مسائل عدم انتشار سلاح الدمار الشامل ومحاربة الإرهاب، وتواصلان الحوار المتعلق بالسيطرة على السلاح، منوها بـ "أننا نتعاون في كثير من المسائل الجدية بالإضافة إلى برنامج إيران النووي".
وأكد بوتين أن ما تقوم به موسكو هو مجرد رد على التهديدات التي تواجهها، وهو رد مقيد بأطر لكنه يضمن أمن البلاد، وروسيا لا تحدث أحدا بلهجة تصعيد. وذكر أنه عرض على الأمريكان عدم الخروج من اتفاقية الدفاع الصاروخي من جانب واحد والتعاون في إقامة منظومة دفاع صاروخي روسية أمريكية أوروبية، إلا أن ذلك رفض.
وقال "من أجل ضمان التوازن الاستراتيجي سنطور قدراتنا الاستراتيجية الهجومية وسنفكر في منظومة تخطي الدفاع الصاروخي، وقد حققنا تقدما ملموسا في هذا الاتجاه".
بوتين: مريض من يخيل هجوم روسيا على الناتو
ولفت بوتين في هذا السياق الى أن نفقات الولايات المتحدة العسكرية تساوي كل نفقات دول العالم مجتمعة، أما نفقات حلف شمال الأطلسي فهي أكبر بعشر مرات من نفقات الاتحاد الروسي، وخلافا للولايات المتحدة لا تملك روسيا عمليا قواعد عسكرية خارج البلاد.
كما لفت بوتين الانتباه الى أن روسيا لم تستأنف تحليق طائراتها الاستراتيجية الا بعد عدم امتناع واشنطن عن ذلك، وأن الغواصات الأمريكية موجودة بحالة تأهب دائم عند الشواطئ النرويجية ما يسمح لصواريخها ببلوغ موسكو في 17 دقيقة "بينما نحن أخلينا منذ زمن بعيد من كوبا القواعد ذات المهام الاستراتيجية، وتريدون القول (بعد ذلك)، أننا نتصرف بعدوانية؟"، الناتو هو الذي يقترب من حدودنا، "هل هذا دليل عدوانيتنا؟".
واعتبر الرئيس أن من يستطيع تخيل هجوم روسيا على الناتو ليس عاقلا، "وبعض الدول تتلاعب بـ(مشاعر) الخوف من روسيا"، معربا بهذا الصدد عن رأيه بأن الأمريكيين لا يرغبون كثيرا بالتقارب الروسي الأوروبي بل يريدون الحفاظ على زعامتهم.
وقال بوتين "لا داعي للخوف من روسيا، فالعالم تغير الى ذاك الحد الذي لا يستطيع فيه العاقلون تصور مثل هذه الأزمة العسكرية الشاملة اليوم. وأؤكد لكم، لدينا ما نفعله".
تعليق مراسلنا في موسكو
المصدر: "نوفوستي"