يتعلق هذا التصريح الذي أطلقه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الخميس 4 يونيو/حزيران بموسكو خلال مؤتمر "الأمن والاستقرار في منطقة شنغهاي" بنقطتين أساسيتين. الأولى، ضمان الأمن الكامل لجمهورية طاجكستان العضو في منظمة شنغهاي للتعاون وفي منظمة معاهدة الأمن الجماعي أيضا. والثانية، الأكثر إلحاحا، المساهمة في استعادة السلام والاستقرار في أفغانستان.
وفيما يتعلق بالنقطة الأولى، فقد اجتمع وزراء دفاع دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي (أرمينيا وبيلاروس وكازاخسنان وقرغيزستان وروسيا وطاجكستان) في العاصمة الطاجيكية دوشنبه تزامنا مع انعقاد لقاء وزراء خارجية دول منظمة شنغهاي للتعاون في موسكو. وقد ناقش المجتمعون في دوشنبه سبل تعزيز التعاون العسكري ونتائج اختبار جهوزية القوات المشتركة للرد السريع. وقال أمين عام المنظمة نيكولاي بورديوجا إن الوزراء اتفقوا على اتخاذ عدد من الإجراءات القوية، بما في ذلك المتعلقة بتعديل السياسة العسكرية- التقنية للمنظمة.
لقد تمت مناقشة تطورات الوضع في منطقة آسيا الوسطى والتحديات التي تواجهها طاجكستان والدول الأخرى، بما في ذلك أفغانستان. وذلك بعد أن بدأت آثار ظهور تنظيم داعش هناك، والتهديدات المتوالية لدول المنطقة، ما يستدعي بالفعل تعزيز قدرات المنظمة.
إن طاجكستان التي تشكل حزام أمن فعال في الفضاء المشترك، تبدي قلقا متزايدا إزاء معلومات استخباراتية تفيد بتقدم مجموعات مسلحة من الأراضي الأفغانية باتجاه الحدود معها. وذلك حسب ممثل اللجنة الحكومية للأمن القومي في طاجكستان الذي أكد، مطلع الشهر الحالي أن نحو 4 إلى 5 آلاف مسلح وفق معطيات الاستخبارات الطاجيكية، يتجهون من منطقتي بادهشان وقندوز الأفغانية شمالا. هذا إضافة إلى وجود عدد كبير من التشكيلات المسلحة غير الخاضعة للحكومة الأفغانية.
أضف إلى ذلك إعلان قائد القوات الخاصة في الشرطة الطاجيكية الكولونيل غول مراد حليموف ، الذي تلقى تدريبه في الولايات المتحدة، انضمامه لتنظيم "داعش" في شريط فيديو نشره على موقع "يوتيوب". والمعروف أنه كان يتولى قيادة قوات المهمات الخاصة في الشرطة الطاجيكية التي كانت تنفذ عمليات ضد المجرمين والمتشددين، لكنه اختفى في أواخر أبريل/ نيسان الماضي، ثم ظهر متعهدا بالقتال ضد روسيا والولايات المتحدة. وقال حليموف، موجها حديثه إلى الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمانوف والوزراء: "لو تعلمون فقط كم من أبنائنا وإخواننا هنا ينتظرون ويتوقون للعودة إلى طاجكستان لإعادة حكم الشريعة... نحن قادمون إليكم بإذن الله. قادمون إليكم بالنحر".
وفيما يخص خطر ترويج أفكار تنظيم "الدولة الإسلامية" في طاجكستان، قال ممثل اللجنة الحكومية للأمن القومي الطاجيكي، إنه تم تحديد مراكز تجنيد الشباب المحليين وأسماء وألقاب 417 من مواطني طاجكستان الذين يقاتلون في صفوف التنظيم المتطرف، وتم فتح تحقيقات بشأنهم. وتقدر المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات أن نحو 4000 آلاف شخص من دول آسيا الوسطى يحاربون في صفوف التنظيم الإرهابي الذي سيطر على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق وليبيا.
وفي ما يتعلق بالنقطة الثانية الخاصة بأفغانستان، فقد قال وزير الخارجية الروسي لافروف إن تنظيم "داعش" الإرهابي يعزز موطئ قدم له في هذا البلد، حيث البيئة المغذية لتنامي التطرف والإرهاب بسبب ضعف مؤسسات الدولة، وخاصة في مناطق شمال البلاد القريبة من حدود منظمة شنغهاي. أي القريبة من طاجكستان العضو في المنظمتين الكبيرتين. وشدد على أن "داعش" يكثف هجماته تحت أنظار المجتمع الدولي برمته، إذ يستولي على مخازن أسلحة ومؤسسات إنتاج نفط ويبسط سيطرته على مساحات واسعة من الأراضي.
لكن المثير للتساؤلات هنا أن حلف الناتو والولايات المتحدة يضعان المعوقات تلو الأخرى أمام المشاركة الكاملة لروسيا في الحفاظ على أمن أفغانستان. ومن الواضح أن 15 عاما تقريبا ليست كافية بعد للناتو ولواشنطن في القضاء على الإرهاب في أفغانستان. بل ويقوم هذان الطرفان بالإعلان عن انتصارات وهمية، واستقرار وهمي في أفغانستان التي تتزايد فيها أعداد القتلى، وترتفع فيها معدلات الجرائم الإرهابية، وإنتاج وتجارة وتهريب المخدرات على الرغم من تواجد قوات الناتو والولايات المتحدة طوال ما يقرب من 15 عاما.
إن موسكو تدعو إلى توسيع التعاون بين دول "شنغهاي" في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف والانفصالية. وتدعو إلى زيادة مساهمة المنظمة في تطوير التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب برعاية الأمم المتحدة. وربما النقطة الأخيرة بالذات لا تروق للأطراف الغربية التي تريد الاستئثار بكل شيء بصرف النظر عن مصالح الدول الأخرى أو الأضرار التي تلحق بهذه الدولة أو تلك. بل ومنع قوى كبرى قادرة على الإسهام بقسط كبير في الحفاظ على الأمن الدولي والإقليمي.
أشرف الصباغ