وسيقوم الباحثون في هذه الدراسة، التي تتكلف 1.5 مليون دولار، بجمع البيانات الجينومية والجزيئية والفسيولوجية للرائد سكوت كيلي ومقارنتها ببيانات أخيه التوأم رائد الفضاء المتقاعد مارك، الذي سيبقى على الأرض.
وستكشف الاختلافات بين الأشقاء كيف يمكن أن يتواءم الجسم مع البيئات القاسية، ويغير من تركيباته الفسيولوجية.
بالرغم من ذلك ربما لا ترى نتائج هذه الدراسة النور، إذ أنه سيتم فحص سلاسل الجينومات للأخوين بالكامل، وإذا ما اكتشفا معلومات طبية حساسة قد لا يرغبان في الإفصاح عنها، مثل قابلية التعرض لأمراض معينة، يمكن ألا تنشر هذه النتائج أبدا.
ومن المرجح أن تُفيد بيانات هذه الدراسة وكالة ناسا أكثر من الدراسة التي أجريت على رائد الفضاء "جون غلين"، الذي دار حول الأرض عام 1962، ثم سافر مرة أخرى داخل مكوك فضائي بعد مرور 36 عاما على رحلته الأولى، عندما بلغ عمره 77، وقامت ناسا وقتها بعمل مقارنة بين سجلاته الطبية في حالة الشباب وفي حالة الشيخوخة.
إلا أن دراسة التوأم ربما تحقق نتائج أفضل حيث ستكشف الكثير من الحقائق العلمية الوراثية، وفقا لما قالته مارثا فيتاتيرنا، أستاذة الأمراض العصبية في جامعة نورث وسترن في إيفانستون، إلينوي.
ما هي أهمية الدراسة في الكشف عن موائمة الأجسام للبيئات القاسية ؟
دراسة الأخوين "كيلي" ستكون الأولى من نوعها، التي تقوم بعمل مقارنة بين اثنين من البشر متطابقين وراثيا، واحد منهم يتعرض للإشعاع الفضائي وسيتعرض لبيئة قريبة من انعدام الجاذبية لفترة طويلة من الزمن، بينما الآخر على الأرض لا يتعرض لأي من هذه الظروف القاسية.
ومن خلال مقارنة نتائج التحليلات على جسدي كل منهما سيتمكن العلماء من معرفة الجينات التي يتم تشغيلها أو إيقافها في المدار خارج الأرض، وسيتمكن الباحثون من فهم أفضل للمسارات الوراثية التي تكمن وراء التغيرات الفسيولوجية التي تحدث في الجسم.
أيضا يمكن للأطباء استخدام النتائج من منظور أوسع لمعالجة قضايا عامة مثل الشيخوخة أو الإصابة بالأمراض.
كانت وكالة ناسا ووكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس" قد درسا لفترة طويلة كيفية تكيف أجسام البشر مع رحلات الفضاء.
لكن دراسة التوأم هي الاولى من نوعها للانتقال إلى العصر الحديث في علم الجينوم والعلامات الجينية، وقصر طول الكروموسومات التي تدل على حدوث عملية الشيخوخة وتفاصيل أخرى هامة حول الصحة العامة.
من أين جاءت الفكرة ؟
جاءت فكرة الدراسة من التوأم كيلي نفسيهما، فالرائد سكوت حلق بالفعل نحو 180 يوما في الفضاء، وسيمضي هو ورائد الفضاء الروسي "ميخائيل كورنينكو" الآن عاما كاملا في الفضاء.
أما مارك كيلي فقد حلق خلال 4 رحلات قصيرة 54 يوما فقط في الفضاء قبل تقاعده في عام 2011.
ومع عودة سكوت إلى الأرض، سيكون قد أمضى في الفضاء فترة تعادل 10 أضعاف فترة أخيه التوأم، وبذلك جاءت الفكرة من أن سكوت ومارك سيكون الاختلاف الأبرز بينهما هو طول فترة بقاء سكوت عن مارك في الفضاء، مما سيُنتج اختلافات فيسيولوجية جوهرية بينهما، ستكون هامة جدا للبحث العلمي.
وقد أعطى كلاهما بالفعل عينات للدم واللعاب والبول والبراز، وسوف يفعلان ذلك على فترات منتظمة طوال وقت بقاء سكوت في الفضاء وبعد عودته.
وستقتصر نتائج هذه الدراسة على المحققين الرئيسين العشرة الذين يقومون بالدراسة في وكالة ناسا، ولا يمكن نشر النتائج دون موافقة التوأم.
ويقول العلماء إن جمع المعلومات الجينية سيكون له آثارا كبيرة على اختيار رواد الفضاء في المستقبل، حيث ستساعد النتائج في فهم ما إذا كان رائد الفضاء من النوع الذي يمكن أن يتعرض وراثيا لآثار الإشعاع المؤين في الفضاء أم لا، وهذه المعلومات يمكن أن تؤثر على قرارات ناسا حول الرواد الواجب إرسالهم في مهمات الفضاء البعيدة لفترات طويلة.
المصدر: "ناتشر"