مباشر

دول العدوان الثلاثي تتهم روسيا وسوريا بإخفاء أدلة كيميائي دوما.. فهل يمكن ذلك عمليا؟

تابعوا RT على
أكد خبراء في الأسلحة الكيميائية أن اتهام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لروسيا وسوريا بإخفاء أدلة استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما بعيد من الواقع، إذ لا يمكن تنفيذ ذلك عمليا.

وزعم ممثلون رفيعون عن الدول الـ3، بالتزامن مع دخول بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى موقع الهجوم المزعوم، الذي يقال إنه وقع يوم 7 أبريل، أن العسكريين الروس والسوريين عرقلوا تعمدا وصول الخبراء إلى دوما لتأجيل إجراء التحقيق من أجل أن يتمكنوا من إزالة كل آثار استخدام الكيميائي ضد السكان المدنيين.

إزالة أحياء كاملة!

وأوضح الخبير الروسي في الأسلحة الكيميائية، وعضو بعثة المحققين للأمم المتحدة إلى العراق عام 1994، أنطون أوتكين، في حديث لقناة "RT"، أن "استخدام الأسلحة الكيميائية التي تحتوي على الكلور أو السارين، في قطعة أرضية تتجاوز مساحاتها مئات آلاف المترات، لابد وأن تبقى أثار المادة السامة على كل من التراب والمباني الموجودة في موقع الهجوم"، مشيرا إلى أنه يجب، من أجل محو الأدلة في هذه الحالة، "إزالة أحياء سكنية كاملة بجرافة ودفن الأنقاض في عمق مترين على الأقل تحت الأرض".

وشدد أوتكين على أن الخبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سيستجوبون السكان المحليين وسيفتشون المباني الموجودة في موقع الهجوم، ومن المستحيل أن لا يتحدث أحد لهم عن الهجوم الكيميائي أو أن يشير لهم إلى محاولات إزالة آثار استخدام هذه الأسلحة حال اتخاذها من قبل القوات السورية أو الروسية.

ولفت الخبير إلى أن شن الهجوم الكيميائي في دوما يرجح إصابة جماعية للناس بالمادة السامة، وفي مثل هذه الظروف لا يمكن إخفاء الأشخاص المتأثرين بهذه الأسلحة، لا سيما أن هناك أطباء وشهود عيان في المدينة يفترض أنهم عالجوا المصابين أو تعاملوا معهم، مشيرا كذلك أن بعثة منظمة حظر الأسلحة سيجمع عينات الدم للمرضى في مستشفى دوما وبعض المواطنين المحليين الآخرين، ولا مفر من أن تظهر وجود آثار أسلحة كيميائية لو كانت مستخدمة حقا في المدينة.

وحتى هذه اللحظة لا تزال مواقف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من هذه القضية تستند إلى معطيات نقلتها وسائل الإعلام الغربية عن "الجمعية الطبية السورية الأمريكية" و"الدفاع المدني السوري"، المعروف بـ"الخوذ البيضاء"، بالإضافة إلى "معلومات استخباراتية" ترفض بإصرار الكشف عنها، وذلك دون تقديم أي توضيحات حول أهداف هذا الهجوم وفائدته للحكومة السورية، التي تمكنت قبل ذلك من السيطرة على دوما وبدأت إخراج المسلحين منها في إطار اتفاق توصل إليه الطرفان بوساطة روسيا.

هذه المرة أيضا لم يبين أي من المسؤولين الأمريكيين أو البريطانيين أو الفرنسيين ما هي الطرق التي يمكن عبرها إخفاء الأدلة على مثل هذا الهجوم، إلا أنهم سارعوا في التقليل من أهمية التحقيق المتوقع، تمهيدا للنتائج السلبية بالنسبة لدول العدوان الثلاثي على سوريا، على الرغم من أن إزالة آثار أي هجوم كيميائي واسع خلال 10 أيام يعتبر أمرا مستحيلا تقريبا من الناحية العملية بل والعلمية.

وأكد أوتكين في هذا السياق أن اتهام روسيا وسوريا بمحاولة إخفاء الأدلة على استخدام الكيميائي في دوما لا أساس لها من الصحة على الإطلاق ويثير انطباعا بأن المسؤولين في الدول الغربية، التي سارعت في تحميل السلطات السورية المسؤولية عن تنفيذ الهجوم الكيميائي المزعوم، يعلمون مسبقا أن لا آثر تؤكد وقوع الحادث حقا.

وأعاد الخبير في إلى الأذهان أن هذه الدول هي التي أحبطت في مجلس الأمن الدولي مشروع القرار، الذي تقدمت به روسيا ونص على توجيه بعثة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى دوما لإجراء التحقيق في الهجوم الكيميائي المزعوم، وهي لم ترد أصلا وصول الخبراء إلى الأرض السورية للكشف عن حقيقة ما حصل.

مهمة مستحيلة !

من جانبه، أكد الخبير العسكري الروسي، فيكتور ليتوفكين، في حديث لقناة RT أن "إخفاء آثار استخدام الأسلحة الكيميائية يتطلب إجراء سلسلة من الإجراءات الصعبة من بينها إصلاح التراب في موقع الهجوم المزعوم وإخلاء المستشفى، الذي نقل إليه المصابون المفترضون، من بقايا المواد السامة، وتنظيف جدار المباني المحيطة بمكان الحادث من كل مكونات السلاح الكيميائي المستخدم".

وشدد ليتوفكين على أن "تنفيذ جميع هذه العمليات في مثل هذا الوقت الوجيز يمثل مهمة مستحيلة".

ولفت الخبير الروسي إلى أن التقارير الإعلامية حول الهجوم تحدثت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، مشددا على أنه لا يمكن إخفاء مثل هذا العدد من الجثث وخاصة الأشخاص الأحياء المتأثرين بمادة سامة عن المحققين.

كما أشار ليتوفكين كذلك إلى أنه لو تم شن مثل هذا الهجوم في الحقيقة لكان هناك كثير من شهود العيان، ولم يوجد حتى الآن أي مواطن من المدينة أكد أنه رأى الضحايا المزعومين، ومن غير الممكن أن يتحدث العسكريون الروس أو السوريون الموجودون في المدينة لكل سكانها من أجل إقناعهم بعدم الكشف عن وقوع الحادث.   

ووصف الخبير العسكري الاتهامات الموجهة إلى سوريا وروسيا من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بأنها "مخض هراء" يهدف لـ"تبرير جريمة ارتكبتها هذه الدول ضد الشعب السوري".

ضعف هذه الاتهامات أشار إليه كذلك الخبير الفرنسي في الأسلحة الكيميائية، جان باسكال زاندرز، الذي قال في اتصال عبر "سكايب" لقناة "سكاي نيوز" بنسختها العربية: "من الصعب نقل أو محو جميع أدلة الهجوم الكيميائي، فالخبراء يتبعون طرقا عديدة في تحقيقاتهم، ولا يكتفون بتحليل عينات من الأرض أو من داخل المنازل التي لقي فيها الناس حتفهم".

وأضاف زاندرز: "سيطلب الخبراء التحاور مع الناجين من الهجوم، ويستجوبون العديد من الشهود، وينظرون في كل الروايات المرتبطة بالحادث، كما يتلقون بالضحايا الذين لا يزالوا يعالجون في المستشفيات، ويحللون عينات من دمائهم، ويفصحونهم طبيا ليروا إن تتضرر جهازهم التنفسي إثر تعرضهم للكلور أو لاتزال هناك بقايا بعض المكونات الكيماوية".

وأكد زاندرز أن الخبراء سيجدون "مؤشرات" على هجوم كيميائي حقيقي حتى لو ظن من أخفى الأدلة أنه نجح في طمسها تماما، مضيفا أن الكلور لا يبقى وقتا طويلا ويتبخر بسرعة في الدول التي ترتفع بها درجات الحرارة مثل سوريا، لكن تأثيره يظل واضحا على الجهاز التنفسي للضحايا.

وأوضح أن الخبراء يمكنهم أيضا الاستعانة بما تبقى من ذخيرة استعملت في يوم القصف، ليحددوا من خلالها إن كانت استخدمت في قصف بالكيميائي أم لا.

المصدر: RT + وكالات

رفعت سليمان

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا