وحاولت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في تقرير نشرته الأربعاء، الإجابة عن هذا السؤال، استنادا إلى أكثر من 15 ألف وثيقة للتنظيم عُثر عليها في مدينة الموصل بعد تحريرها من الإرهابيين.
وذكّرت الصحيفة بأن التنظيم، بعد صعوده في عام 2014، تمكن من الاستيلاء على أراض واسعة في العراق وسوريا وليبيا ونيجيريا والفلبين تعادل مساحتها بريطانيا ويقيم فيها 12 مليون شخص، مضيفة أن الوثائق التي عثر عليها أتاحت كشف الستار عن الأساليب التي كان الإرهابيون يستخدمونها في إدارة الأراضي الخاضعة لسيطرتهم.
وأشار التقرير إلى أن التنظيم لم يدر المناطق الخاضعة لسيطرته بالعنف وحده بل وبقوة البيروقراطية، حيث أن مسلحي التنظيم أظهروا في بعض الأحوال مهارة أكثر مما لدى حكومات تلك الدول في إدارة المناطق التي استولوا عليها، وخاصة فيما يتعلق بإزالة النفايات وتزويد منازل المواطنين بالطاقة الكهربائية.
ونقلت الصحيفة عن الكاتب والباحث الأمريكي اللبناني فواز جرجس قوله في كتاب "تاريخ داعش" إن قدرات التنظيم الإدارية ليست أقل خطورة من وحشية مسلحيه".
وأكدت الصحيفة أن مسلحي "داعش"، بعد سقوط الموصل في أيديهم، طالبوا المسؤولين المحليين بالعودة إلى عملهم مهددين من يرفض ذلك بالعقاب.
وأظهرت الوثائق التي تم العثور عليها أن "داعش" تمكن من إنشاء هيكلة إدارية فعالة أتاحت له جمع الضرائب والتقاط النفايات ومنح جوازات سفر وبطاقات هوية وحتى تأسيس إدارة ترخيص السيارات.
وأفادت الصحيفة بأن مسلحي "داعش" استخلصوا، على ما يبدو، درسا من الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة بعد غزو العراق، وخاصة عزل جميع المسؤولين المنتمين إلى حزب "البعث" الحاكم من مناصبهم، ما أدى إلى ظهور فراغ إداري في البلاد.
وذكرت الصحيفة أن المسلحين أقاموا "خلافتهم" على أساس الهيكل الإداري الموجود في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، مضيفة أن أحد أهم نجاحات التنظيم الإدارية يكمن في تنويع مصادر الدخل، حيث لم تكن الغارات الجوية من قبل التحالف الدولي كافية للإضرار باقتصاد التنظيم الإرهابي.
ونفى التقرير صحة الادعاءات التي تعتبر تجارة النفط أهم مصادر تمويل "داعش"، موضحة أن أرباح التنظيم في المجال الزراعي كانت أكبر بكثير حيث بلغت مئات ملايين الدولارات.
وتابعت الصحيفة أن المسلحين فرضوا حزمة واسعة من الضرائب في جميع المجالات، أشدها "الأخلاقية"، مشيرة إلى أن الدخل من الضرائب (نحو 800 مليون دولار سنويا) تجاوز ست مرات ما كان في مجال النفط.
وأشارت الصحيفة إلى أن محاولات التحالف الدولي منع "داعش" من موارده المالية عن طريق قصف المواقع النفطية كانت فاشلة منذ البداية لهذا السبب.
وذكرت الصحيفة أن المسلحين، بعد وقت قصير من سيطرتهم على الموصل، منعوا النساء من العمل وأغلقوا رياض الأطفال وكذلك القسم القانوني لإدارة الزراعة (التي تحولت إلى "ديوان الزراعة")، مدعين أن تسوية جميع الخلافات ستتم بموجب "قانون الله".
وفرض "داعش" حظرا على التنبؤ بالأجواء مدعين أن الأمطار تهطل "بإذن الله"، ومنع الموظفين من حلق لحاهم وأجبروهم على ارتداء سراويل لا تغلق الساقين.
وبعد تثبيت مواقفهم في الأراضي المحتلة، أجبر "داعش" النساء على ارتداء الحجاب في الشوارع وشرع في تشديد الإجراءات العقابية بحق "المخالفين".
وسرعان ما وزّع "داعش" على الموظفين وثيقة تتألف من 27 صفحة تحمل تسمية "خلافة على منهاج النبوة"، حيث أعلن عن "تأميم" جميع الممتلكات التابعة للشيعة والمسيحيين واليزيديين والعلويين الذين فروا من المنطقة قبل سيطرة التنظيم عليها، ولهذا الغرض تأسس ما يسمى "وزارة غنائم الحرب" التي تولت المسؤولية عما صودر في منازل غير السنة.
ونشرت الصحيفة العديد من وثائق التنظيم، بما في ذلك جوازات سفر وبطاقات هوية وأوراق "رسمية" وحتى كتاب دراسي باللغة الإنجليزية.
المصدر: نيويورك تايمز
نادر عبد الرؤوف