قالت حركة "أنصار الله" اليمنية (الحوثيون) إن "سلاح الجو المسير في القوات المسلحة اليمنية نفذ عملية عسكرية نوعية بطائرة مسيرة جديدة اسمها "يافا" قادرة على تجاوز المنظومات الاعتراضية للعدو ولا تستطيع الرادارات اكتشافها، وإن العملية حققت أهدافها بنجاح".
في حين تقول إسرائيل إن الطائرة بدون طيار كانت- في أفضل الأحوال- نسخة معدلة قليلا من تلك التي استخدمها الحوثيون لسنوات.
وحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، فقد يكون كلاهما على حق، وفق تحليلات الخبراء.
وأشار خبراء في الأسلحة لـ""نيويورك تايمز""، إلى أن الطائرة بدون طيار التي قتلت شخصا وأصابت نحو 10 آخرين، تبدو وكأنها نسخة مختلفة من طائرة "صماد 3" التي صنعها الحوثيون والمصممة إيرانيا، والتي تم إطلاقها لأول مرة في عام 2018، لافتين إلى أنه، على الأقل، تم طلاؤها بلون داكن لتفادي الدفاعات الجوية، كما تم تجهيزها بخزان وقود أكبر ومحرك أكبر لمنحها المدى الكافي للوصول إلى تل أبيب.
ولكن هناك أيضا احتمال أن "يكون الحوثيون قد زودوا طائرة "صماد 3" بمواد تساعدها على التهرب من الدفاعات الجوية الإسرائيلية، حيث يحاول المسلحون اليمنيون تكرار ما تفعله إيران لتطوير تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الخفية".
وفي كلتا الحالتين، قال محمد الباشا، محلل شؤون الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي، وهي شركة أبحاث وأمن دولية مقرها في فرجينيا: "كان لا بد أن يحدث هذا.. يحاول الحوثيون منذ نوفمبر تحقيق ضربة كبيرة داخل إسرائيل".
ويُظهر مقطع فيديو للطائرة بدون طيار قبل لحظات من ارتطامها، نشره الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى صور لحطامها، طائرة صماد التي تم تعديلها بشكل صغير على الأكثر.
وأوضح جيريمي بيني، محلل الأسلحة وخبير الطائرات بدون طيار في شركة جينز، وهي شركة استخبارات دفاعية: "يبدو الأمر عاديا جدا..من المحتمل أنهم قاموا للتو بتوسيع نطاقهم".
وذكر أنه لم ير أي شيء في حطام الطائرة بدون طيار يشير إلى أنها طائرة شبحية تتخفى عن الرادار.
وتركت الروايات المتضاربة غيرَ واضح بالضبط كيف تمكنت الطائرة بدون طيار من التسلل عبر الدفاعات الجوية الإسرائيلية، التي تعتبر من بين أكثر الدفاعات الجوية تطورا وقوة في العالم، وفق التقرير.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري، إن الطائرة بدون طيار التي ضربت تل أبيب تبدو وكأنها طائرة "صماد 3" مطورة بمدى للطيران، أطلقت من اليمن، وأن أنظمة الدفاع الإسرائيلية التقطت على ما يبدو الطائرة بدون طيار ولكن من خلال "خطأ" فشل في تسجيله كتهديد.
وقال المتحدث باسم الحوثيين، نصر الدين عامر، إن الطائرة المسيرة سلاح متطور مزود بتقنيات تجعل من الصعب اكتشافه.
وأضاف أنه تم تصنيعها بالكامل في اليمن وتم تسميتها "يافا"، وهي الكلمة العربية لـ"يافا"، المدينة الساحلية القديمة التي أصبحت الآن جزءًا من تل أبيب.
وبين عامر أن غارة يوم الجمعة جاءت ردا على تصعيد المجازر ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
وفق "نيويورك تايمز"، سُميت الطائرة الأصلية بدون طيار "صماد 3" على اسم زعيم حوثي سابق، وكان مداها يبلغ حوالي 1120 ميلا فقط، وهو مدى لا يمكنها من الوصول إلى تل أبيب إذا انطلقت من اليمن.
وخلصت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة إلى أن طائرة "صماد 3" كانت من بين الطائرات بدون طيار التي هاجمت حقول النفط السعودية في عام 2019.
في حين لفت الخبير جيريمي بيني إلى إن إيران بدأت في استخدام "صماد 3" في عام 2020، وكشف الحوثيون رسميا عن وجودها لديهم في مارس 2021. مضيفا: "من المؤكد أن التصميم يأتي من إيران..لكن يبدو أن هناك بعض الأدلة على أنها تُنتج جزئيًا على الأقل في اليمن".
وقال خبير أسلحة آخر هو إبراهيم جلال، في مركز الشرق الأوسط التابع لمؤسسة كارنيغي، يبدو أن الطائرة بدون طيار المستخدمة في هجوم الجمعة كانت من طراز "صماد 3" معدلة، ومطلية بلون أغمق من الأصلية، لكنه أوضح أنه ربما تم تصنيعها بمواد كربونية معينة استخدمتها إيران في بعض طائراتها الشبحية لتعزيز امتصاصها موجات الرادار، وهو الاحتمال الذي ردده الباشا.
وأردف جلال "إذا لم يتم اكتشافها بالفعل، فسيكون ذلك تطورا مثيراً للاهتمام، ليس فقط بالنسبة للحوثيين، ولكن بالطبع بالنسبة لمجموعة كاملة من محور المقاومة الإيراني، من حزب الله إلى الآخرين الذين يتقدمون، لأنها قابلة للتحويل فيما بينهم".
وذكر جيمس باتون روجرز، خبير الطائرات بدون طيار في جامعة كورنيل، أن طائرة "صماد 3" تم تصميمها عمدا لتكون طائرة بدون طيار "منخفضة وبطيئة"، لتجعل من الصعب على الدفاعات الجوية التقاطها.
وبين روجرز أن ذلك يسمح لها "بالطيران حرفيًا تحت الرادار، مما قد يجعل من الصعب اكتشافها بشكل لا يصدق".
ورأى فابيان هينز، الخبير في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، أن الدفاعات الإسرائيلية ربما أخطأت الطائرة بدون طيار ببساطة بسبب خطأ بشري، و"ساهمت في حصول الحوثيين على ضربة محظوظة".
وكان نصر الدين عامر، المتحدث باسم الحوثيين، قد أكد أن إيران لم تكن متورطة في قرار تنفيذ الهجوم على تل أبيب، لكنه قال إن الحوثيين أطلعوا الإيرانيين على الأمر بعد ذلك.
في حين أثار الخبير إبراهيم جلال احتمال تورط إيران وأحد وكلائها الآخرين، مثل قوات "حزب الله" في لبنان، في ضوء "الحوادث الأخرى التي قد يدعي فيها الحوثيون الهجوم، ولكن ليس بالضرورة أن ينفذوه بالفعل".
وقد وقع الانفجار في تل أبيب فجر يوم الجمعة، على بعد حوالي 100 متر من مجمع المكتب الفرعي للسفارة الأمريكية.
المصدر: "نيويورك تايمز" + RT