مباشر

ابن المغرب وابن الأرض وأمير الرحالة المسلمين!

تابعوا RT على
على الرغم من شهرته إلا أن الكثيرين لا يعرفون تفاصيل ما حقق من إنجازات، أما هو فقد كتب عن نفسه قائلا إنه بلغ في "السياحة في الأرض ما لم يبلغه غيري فيما أعلم"، ولم يبالغ.

إنه أبو عبد الله اللواتي الطنجي الشهير باسم ابن بطوطة "1304 – 1369"، رحالة ومؤرخ ومغامر كبير، جاب العالم القديم ورأى ما لم يتسن لغيره من معاصريه.

لم يتجاوز الحقيقة حين نص في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" في وصف ما أنجزه بقوله: " بلغت بحمد الله مرادي في الدنيا وهو السيّاحة في الأرض، وبلغت من ذلك ما لم يبلغه غيري فيما أعلمه، وبقيت الأخرى، الرجاء قوي في رحمة الله وتجاوزه، وبلوغ المرام من دخول الجنة".

بالمقارنة قطع هذا الرحالة الكبير خلال ثلاثة عقود من الترحال إلى أقاصي الأرض 117000 كيلو متر، متجاوزا أشهر المستكشفين الكبار في عصره بما في ذلك من ولد بعده، من أمثال الرحالة البحري الصيني المسلم تسنغ خه، المعروف باسم حجي محمود شمس الدين والذي قطع في رحلاته البحرية حوالي 50000 كيلو متر، كما وفاق أشهر الرحالة الأوروبيين ماركو بولو الذي لم تتجاوز المسافة التي قطعها مسافة 12000 كيلو متر. 

بدأ ابن بطوطة رحلاته حين كان في الواحدة والعشرين من عمره، حيث انطلق من مسقط رأسه طنجة في 13 يونيو عام 1325 قاصدا مكة لأداء فريضة الحج في رحلة تستغرق في العادة ستة عشر شهرا، ومنها جاب أصقاع الأرض ولم يعد إلى المغرب لعدة عقود.

كتب هذا الرحالة الشهير عن ذلك يقول: "انطلقت بمفردي، ليس لدي زميل مسافر قد أجد في رفقته البهجة، ولا قافلة قد أنضم إلى جانبها، لكنني متأثر بدافع قوي بداخلي ورغبة عزيزة في حضني لفترة طويلة لزيارة هذه الأماكن المقدسة اللامعة. لذلك استعديت لقراري للتخلي عن أعزائي، إناثا وذكورا، وتركت منزلي، بينما تتخلى الطيور عن أعشاشها. ولأن والدي لا يزالان في أواصر الحياة، فقد أثقل كاهلي بشدة أن أفترق عنهما، وكلاهما أصيبا بالحزن على هذا الانفصال".

ارتحل ابن بطوطة في تلك الظروف القاسية والمهلكة بين القارات الثلاثة القديمة، إفريقيا وآسيا وأوروبا، من المغرب غربا إلى الصين شرقا، ومن نهر الفولغا شمالا إلى مومباسا في كينيا الحديثة جنوبا، ورأى العالم بعينيه الكثير من الشعوب والأمصار، وبلغ عدد البلدان التي زارها 47، فيما يمكن تقسيمها إلى ست رحلات.

الرحلة الأولى حج فيها إلى الأراضي المقدسة ومنها إلى اليمن ثم شرق إفريقيا، ففي عام 1325 ، غادر ابن بطوطة طنجة وسافر على طول ساحل شمال إفريقيا إلى الإسكندرية، ثم على طول النيل إلى القاهرة، وبعد ذلك زار القدس ودمشق وبغداد، ومن هناك توجه إلى مكة. بعد قضاء مناسك الحج، ارتجل ابن بطوطة إلى اليمن، وهناك استأجر سفينة وأبحر على متنها إلى مومباسا في شرق إفريقيا.

المرحلة الثانية جرت في عام 1330، حيث مضى بعد محطته الإفريقية إلى آسيا الصغرى، وزار أنطاليا ونيقية وبروسيا وسينوب.

عبر ابن بطوطة في الرحلة الثالثة في عام 1333 شبه جزيرة القرم والقوقاز، ووصل إلى مقر خان القبيلة الذهبية،في منطقة بياتيغورسك الحديثة، ثم صعد نهر الفولغا إلى فولغا البلغار، وأبحر عقب ذلك على طول البحر الأسود إلى القسطنطينية، ثم عاد إلى القبيلة الذهبية في نهاية عام 1334.

في رحلته الرابعة، توجه ابن بطوطة الهند والصين، وبعد مروره بقبيلة المغول الذهبية عبر خوارزم وأفغانستان، ووصل إلى الهند ، حيث عاش لمدة ثماني سنوات، بعد أن زار جميع السلطنات في المنطقة تقريبا. من الهند سافر إلى الصين عن طريق البحر ، وبعد ذلك في عام 1349  مرّ بماليزيا وسريلانكا واليمن ومصر، وعاد إلى طنجة.

في المرحلة الخامسة من رحلاته، سافر في عام 1350 إلى غرناطة والأندلس للمشاركة في حركة الجهاد هناك، وفي نفس الوقت للسياحة في أماكن جديدة.

في سادس رحلاته، توجه ابن بطوطة إلى مالي عبر اصعب  الطرق الصحراوية الإفريقية، ووصل إلى مدينة تمبكتو البديعة والرائعة في ذلك العصر، ومنها عاد إلى وطنه وإلى مسقط رأسه طنجة في عام 1354.

عاش ابن بطوطة حياة طويلة عريضة  مليئة بالأسفار والمغامرات والأحداث، وخلال تلك العقود التي قضاها في التجوال، عدة مرات، واستغل مه عشرات الحكام والأمراء، وتسنى له أن يعمل ممثلا للهند في الصين، وأن ينجو من الموت عدة مرات.

عاش هذا الرحالة الفريد حياته كاملة وتحمل الصعاب، ولذلك جاب الأرض أكثر من غيره ودخل التاريخ بأنصع الصفحات.

المصدر: RT

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا