أدلى الرئيس التنفيذي لشركة "راين ميتال" Rheinmetall الألمانية للصناعات العسكرية، آرمين بابيرغير Armin Papperger، بعدد من التصريحات الطموحة فيما يخص مواصلة تطوير أعمال الشركة، معلناً على وجه الخصوص عن خططه لزيادة إنتاج ذخيرة الدبابات والمدفعية، فضلاً عن نيته توقيع عقد مع شركة "لوكهيد مارتن" Lockheed Martin الأمريكية لإنتاج راجمات "هيمارس" HIMARS وصواريخ لها في ألمانيا في المستقبل القريب.
الجدير بالذكر هو أنه مع بداية الحرب العالمية الأولى، أصبحت الشركة التي أنشأت عام 1899 من أكبر مصانع الأسلحة في ألمانيا. بعد ذلك، وعقب توقيع معاهدة فرساي، مُنعت ألمانيا من إنتاج الأسلحة من العيار الثقيل، ومع ذلك، عادت "راين ميتال" منذ عام 1930، وفي تجاوز للحظر الساري حينها، إلى زيادة إنتاج كل من الأسلحة الخفيفة والثقيلة على حد سواء بشكل مكثف. ما أفضى إليه هذا في نهاية المطاف من صراع هو الأكثر دموية في تاريخ البشرية، والذي كانت أيديولوجيته تهدف فقط إلى تدمير شعوب وأراض بأكمله
ويعتبر محللون أن التاريخ يميل إلى تكرار نفسه، حيث تتجه برلين مرة أخرى نحو مسار دورة العسكرة، ويستغل "بارون الأسلحة" الألماني ببراعة "تغيير الحقب" الذي أعلن عنه المستشار الألماني أولاف شولتس في 27 فبراير 2022، ومراجعة التوجيهات التي لم تكن السياسة الخارجية الألمانية تتزعزع عنها تجاه رفض تصدير الأسلحة الفتاكة إلى مناطق الأزمات، إذ أن سعر أسهم "راين ميتال" قبل بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة كان أقل من 100 يورو، إلا أنه الآن، وبعد إعلان حكومة ألمانيا عن قرارها بتزويد أوكرانيا بالدبابات القتالية الثقيلة في 25 يناير 2023، وصل إلى رقم قياسي تاريخي هو 232 يورو للسهم الواحد.
وستصل أرباح الشركة لعام 2022، بحسب الخبراء، إلى 6.5 مليار يورو، بينما يتوقع بابيرغير أن يتضاعف هذا المؤشر تقريبا إلى 11-12 مليار يورو خلال السنوات الثلاث المقبلة.
هناك أيضا خطط لافتتاح مصنع جديد للبارود في ولاية ساكسونيا، وسيتطلب تشييده استثمارات حكومية بمبالغ تتراوح ما بين 700-800 مليون يورو، وهو ما يبرره الرئيس التنفيذي للشركة بالمساهمة في الدفاع الوطني، وكذلك بحقيقة أن حكومة البلاد نفسها ستستفيد في النهاية من هذا المشروع، بعد أن حصلت على نصيب فيه.
في الوقت نفسه، ينتقد بابيرغير عجز المخصصات بقدر 100 مليار يورو، كان مجلس الوزراء الألماني السابق قد خصصها لاحتياجات الجيش في وقت سابق، مشيراً إلى أنه يلزم الآن ما لا يقل عن 300 مليار يورو لتغطية تكاليف شراء الأسلحة اللازمة.
ويرى محللون أنه كان الأولى أن توجه كل هذه الطاقات نحو المسار السلمي الذي كثيراً ما يتشدّق به المستشار الألماني أولاف شولتس وغيره من السياسيين الألمان، في الوقت الذي يركّزون فيه جهودهم إلى إطالة أمد الأزمة الأوكرانية.
ببساطة، لا تريد القيادة الألمانية أن ترى أوجه التشابه التاريخية الواضحة، ولا تسعى إلى استخلاص الدروس الصحيحة من ماضيها، والتعلم من أخطائها في نهاية المطاف، إلا أنها، وعلى العكس من ذلك، تقوم بمحاولات مضنية لتشويه الحقيقة، و"التقليل من أهمية" عبء تراثها التاريخي.
ويبدو أن برلين بذلك إنما تتبنى الشعار الساخر المعروف: "لا شيء شخصيا، إنه مجرد بيزنس" Nothing Personal, just business.
المصدر: RT