ومع الإعلان الرسمي عن أن المشافي العامة وصلت إلى طاقة الاستيعاب القصوى بمرضى كورونا، لا يبقى أمام من يحتاج إلى عناية مشددة سوى المشافي الخاصة، حيث تبدأ أسعار اليوم الواحد فيها بمليون ومئتي ألف ليرة، بينما لا تقل أجرة اليوم الواحد في الغرفة العادية عن 750 ألف ليرة.
ووصف اختصاصي الأمراض الصدرية محسن شاهين الوضع بالمخيف، قائلا لـ RT إن ما يحدث في المشافي الخاصة غير طبيعي. تكلفة اليوم الواحد في العناية المشددة تتراوح بين 1.2 مليون ليرة، و1.5 مليونا، (وهو ما يعادل وسطي راتب موظف لمدة سنتين).
دواء غير معترف به
ويضيف شاهين أن تلك التكلفة لا تشمل الأدوية، ويشير إلى نقطة مهمة وهي أن ثمة مشاف خاصة تبالغ في تقديم أدوية لم يثبت أن لها أية فائدة في علاج كورونا، مثل دواء "ريمديسيفير" الذي يعطى للمرضى فيها مع أن تطبيقه ممنوع حسب البروتوكول العالمي، وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية التي أنتجته.
وقد أوصت منظمة الصحة العالمية في 20 من أكتوبر الماضي بعدم استخدام دواء "ريمديسيفير" الدواء لمرضى كوفيد ـ 19.
ويقول شاهين إن سعر الإبرة الواحدة من ذلك الدواء يعادل 800 ألف ليرة، وإن بعض المشافي تعطي المريض 10 أبر منه، (أي أن ثمة مرضى يدفعون 8 ملايين ليرة على دواء دون أي فائدة)
ويشير شاهين إلى أن ثمة أدوية أخرى تعطى للمريض بمبالغ تصل إلى 300 ألف ليرة، وهكذا يكون على مريض كورونا أن يدفع أكثر من مليوني ليرة في المشفى الخاص (أجرة غرفة العناية المشددة، وإبرة واحدة من دواء غير معتمد دوليا، وأدوية أخرى).
بناء على ذلك يقول شاهين إنه لا يحول مرضاه إلى مشاف خاصة، بل يقدم لهم العناية في المنزل، ويشير إلى أن نسبة 80 في المئة من المرضى يمكن أن يتلقوا العلاج في منازلهم، والباقي يحتاجون علاجا في المشافي، بينما نسبة من يحتاجون لعناية مشددة لا تتعدى 6 في المئة.
وأمام تلك التكاليف التي تتجاوز بأضعاف كبيرة مستويات دخل معظم السوريين، يرى شاهين أن الحل يكون بتخصيص مشفى كامل، كالمواساة مثلا، لعلاج مرضى كورونا، بدلا من المعتمد حاليا بتخصيص أجنحة في المشافي العامة لأولئك المرضى.
وشهدت الإصابات في سوريا زيادة كبيرة مؤخرا وخاصة في دمشق التي تتركز فيها منذ أيام أعلى نسب الإصابات والوفيات، حسب الأرقام المعلنة، حتى أن نسبة الإشغال وصلت إلى حدها الأقصى (100 في المئة) حسب ما أعلنت وزارة الصحة منذ أيام، قبل أن تعلن عددا من الإجراءات الاستثنائية في دمشق، ومنها إيقاف العمليات الباردة (غير الإسعافية).
وفي المحافظات السورية الأخرى يكاد يكون الوضع مشابها لما تشهده العاصمة، خاصة من ناحية الأسعار.
مؤسس مبادرة "شهيق زفير" منتصر كيالي يصف الوضع العام في حلب بأنه غير جيد نتيجة عدم الالتزام بأي إجراءات وقاية، "رغم أن الحكومة حاولت أن تقدم ما هو إيجابي"
وعن الأسعار في مشافي القطاع الخاص يقول كيالي لـ RT إن تكلفة اليوم الواحد فيها تصل إلى 240 ألف ليرة، في حال لم يحتج المريض إلى العناية المشددة، وإذا احتاج إلى غرفة عناية مشددة، ترتفع التكلفة إلى 750 ألف ليرة على الأقل وقد تصل إلى مليون ليرة
ويضيف أن المبادرة هي قوة تطوعية مضافة للعمل الإنساني، ولديها فرق طبية متكاملة في محاولة لمساعدة وزارة الصحة، وأنها تقدم مساعدات كالتحاليل وأسطوانات الأكسجين.
وحول الوضع الجديد يقول إن الأدوية متوفرة رغم أن أسعارها ارتفعت، ويشير إلى ارتفاع تكلفة تعبئة أسطوانة الأكسجين بأكثر من الضعف، إذ كانت بنحو ألفي ليرة وارتفعت إلى 5 آلاف ليرة، يضاف إلى ذلك عدم توفر الأكسجين في السوق نتيجة زيادة الطلب عليه.
أما سعر الأسطوانة فقد ارتفع أيضا من نحو 240 ألف ليرة إلى نحو 470 ألف ليرة، علما أن المبادرة تقوم بإيصال الأكسجين مجانا للمرضى، وتعقيم البيوت مجانا بعد شفاء المريض، كما يقول كيالي.
وتعيش البلاد موجة ثالثة من كورونا على وقع أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، إذ وصل التضخم إلى مستويات غير مسبوقة وازدادت الهوة بين الأجور والأسعار، مع تدهور في قيمة العملة المحلية، ما جعل كثيرا من الأسر غير قادرة حتى على تغطية تكاليف الغذاء.
أسامة يونس
المصدر: RT