بداية.. الفنان، سير إلتون جون، ليس من المغنين الذين يُعلن عن مواعيد حفلاتهم مسبقا بأشهر فحسب، وإنما من أولئك الذين تنفد تذاكر حفلاتهم في أيام معدودة، وهو ما حدث في هذه المرة أيضا، فقد نفدت كل التذاكر بعد أن طُرحت للبيع بأسعار مضاعفة عبر شركات وسيطة.. إلا أن ذلك لم يحل دون حضور جمهور غفير إلى صالة الحفل الواقعة على مشارف موسكو.
لم يماطل إلتون جون في ظهوره على المنصة، فقد خرج في الموعد المحدد، لوّح بيده سريعا ثم جلس خلف البيانو، فصدحت الموسيقى وسط تصفيق الجمهور.
غنى جون الكثير من أغانيه، ومفردة "الكثير" هنا في موضعها، إذ أن الفترة الزمنية الفاصلة بين الأغنية والتي تليها كانت قصيرة جدا، ما حدد إيقاعا معينا للحفل، الذي بدا في لحظة وكأنه مكوّن من أغنية واحدة بإيقاع واحد.
ولكن ذلك كان في نصف الحفل الأول ليتحول نصفه الثاني إلى أداء أغان بإيقاع سريع، حوّل قاعة الحفل إلى صالة رقص ضخمة شارك فيه الصغار قبل الكبار، حيث كان التصفيق بمثابة الآلة الموسيقية المصاحبة في توزيع أغاني هذا الجزء.
تواصل إلتون جون مع جمهوره بحرارة، وأعرب عن سعادته بزيارة موسكو بقوله.. هكذا هي روسيا دائما. وكان يقترب من حافة المنصّة لينال تكريم معجبيه الذين قدموا له باقات الورد، وأحد هؤلاء طفل صغير، ربما كان يستمع إلى أغاني إلتون جون وهو لا يزال في أحشاء والدته.
وعلى الرغم من تقدم السن بإلتون جون، حتى أن خطواته بدت ثقيلة بعض الشيء، إلا أن أعماله الفنية وإبداعاته لا تزال تتمتع بنكهتها الأولى التي استمتع بها جيل شاب جاء ليحضر الحفل، وُلد بعضهم في أوج شهرة الفنان.. وربما بعد أن حاز لقب سير في عام 1998.
يعد إلتون جون من الفنانين غزيري الإنتاج، وقد بدأ مسيرته الفنية وهو في الـ 15 من عمره، وذلك في الحانات والبارات حيث كان يعزف على البيانو، ويؤدي أغاني كبار الفنانين في حينه مثل جيم ريفز وراي تشارلز.. ومن ثم انطلق في عالم الغناء والشهرة حيث ترك بصمة مميزة بين غيره من الفنانين الذين يشيرون إلى إلتون جون كأحد أسرع كتّاب الأغنية.
وعلى الرغم من أن الكثيرين تعرفوا على وصف Rocket Man بعد أن أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على نظيره في كوريا الشمالية كيم جونغ أون، إلا أن الكثير ربما لا يعرف أن Rocket Man هو اسم إحدى أغاني إلتون جون التي أطلقها في عام 1972.
يصعب القول إن حفل إلتون جون في "كروكوس سيتي هول" كان على مستوى عال، مقارنة مع فنانين أقل شهرة منه. ولكن يبدو أن هذه هي الضريبة التي يدفعها المشاهير ممن يتمتعون بأسماء رنانة، تفرض انطباعا معينا على الجمهور الذي يحلق في سماء توقعات مبالغ بها.
وربما عندما يتم اختراع آلة الزمن ذات يوم، سنتمكن حينها من العودة إلى الحانات التي شهدت بدايات إلتون جون.. لربما سنستشعر آنذاك متعة أكثر بأداء الفنان الصاعد.. إلتون جون.
علاء عمر