وحسب تقرير صادر عن مشروع حلول للسياسات البديلة التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة فإن مصر تدفع أعلى سعر فائدة في العالم للاقتراض واستبقاء الأموال الساخنة بسبب الاعتماد المتنامي على الديون قصيرة الأجل – التي ازدادت نسبتها إلى إجمالي الدَّين الخارجي من 7% في 2013 إلى أكثر من 17% في 2021 – وسط واقع اقتصادي هش.
وما يعزز من هشاشة الوضع وفق ذات التقرير اعتماد مصر المتزايد على الديون قصيرة الأجل، عبر شراء الأجانب الأوراق المالية الحكومية في صورة سندات بأسعار فائدة مرتفعة، وهي بطبيعتها أموال سريعة الحركة شديدة التأثر بالأوضاع العالمية، ولذا تسمى بالأموال الساخنة – والتي خرج منها حوالي 22 مليار دولار من مصر بشكل مفاجئ في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية – والتي مع رفع أسعار الفائدة الأمريكية في 2022، شكَّلتا ضغطًا كبيرًا على الموارد الدولارية المحدودة.
وسجلت عقود مقايضة مخاطر التخلف عن السداد في مصر، التي يتم استخدامها للتأمين ضد مخاطر عدم السداد أكبر نسبة صعود على مستوى العالم في مارس 2023، بعد الإكوادور، مُظهرةً تراجع ثقة المستثمرين الأجانب في السندات المصرية.
وأضاف التقرير أن مصر توسعت خلال السنوات العشر الأخيرة في الاقتراض الخارجي بزيادة بلغت نحو 277%، وتحتل حاليًّا مرتبة ثاني أكبر عميل لصندوق النقد بعد الأرجنتين، الدولة الاكثر اقتراضًا من الصندوق.
وأظهرت بيانات حكومية تزايد الدَّين الخارجي المصري ووصوله إلى مستوًى تاريخي مسجلًا 162.9 مليار دولار نهاية ديسمبر 2022، مقابل 145.5 مليار دولار نهاية عام 2021، أي بزيادة نحو 17.4 مليار دولار وبنسبة 11.9% في عام واحد فقط.
وذكر تقرير مشروع السياسات البديلة التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة أنه يتعين على مصر سداد ديون خارجية بنحو 9 مليارات دولار مستحقة في العام المالي 2023 الذي ينتهي يوليو المقبل، وتحتاج إلى 41 مليار دولار لتغطية مدفوعات الديون وعجز الحساب الجاري حتى نهاية 2023.
ورغم الالتزام بنشر معلومات تطور الدَّين الخارجي بشكل منتظم، فإنها عادة ما تأتي متأخرة بعد مرور شهور، وهو ما يجعل الواقع متجاوزًا لها في كثير من الأحيان. يعادل آخر رقم منشور للدَّين الخارجي 5 أضعاف احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري البالغ 34.4 مليار دولار في فبراير 2023 ونظرًا إلى الزيادة المتوقعة للدَّين الخارجي في اللحظة الراهنة – إذ حصلت الحكومة على قروض خارجية جديدة في 2023 تشمل طرح صكوك إسلامية بقيمة 1.5 مليار دولار– فإن نسبة الدَّين الخارجي بالمقارنة مع احتياطي النقد الأجنبي حاليًّا تكون قد جاوزت الـ 5 أضعاف المذكورة.
ويرى عمرو عادلي – أستاذ مساعد بقسم العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن المسوغ الرئيسي للتوسع في الاقتراض الخارجي في مصر كان لتأهيل البيئة الاقتصادية الكلية لإعادة اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية في صورة استثمارات، على النحو الذي من شأنه أن يطلق النمو ويرفع التشغيل، بينما يسد الفجوة التمويلية ويعالج العجز في ميزان المدفوعات على المدى المتوسط والبعيد إلا أن البيانات الرسمية بينت أن معدلات نمو الدَّين الخارجي كانت أكبر بكثير من نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة منذ 2016، والتي لم تشهد نموًّا كبيرًا في العقد الماضي.
المصدر: القاهرة 24