وعن هذا الموضوع تقول الباحثة الاقتصادية رشا سيروب لـ RT إن "الزيادة المعلنة (20 ألف ليرة سورية للعاملين) وبسبب زيادة اقتطاعات حصة العامل من التأمينات الاجتماعية واقتطاعات ضريبة الدخل التي قد تصل إلى أعلى شريحة ضريبية 22%، ستكون أقل، فمن كان يتقاضى مثلا 50 ألفا كانت أعلى شريحة ضريبية يخضع لها هي 13%، وحجم الاقتطاعات 6500 ل. س (حصة الموظف من التأمينات الاجتماعية وضريبة الرواتب).
وأضافت أنه "مع الزيادة الأخيرة ستصل الضريبة إلى أعلى شريحة (22%) وحجم الاقتطاعات 13600 ل.س، وبالتالي لن يتجاوز مقدار الزيادة الصافية 13000 ل.س، وتشير سيروب إلى أن من سيشعر بأهمية الزيادة هم ذوي الدخول المنخفضة الذين تبلغ الزيادة في رواتبهم الصافية بحدود 50%".
وأكدت أنه على الرغم من أن هذه الزيادة في الراتب المقطوع "تعد الأعلى مقارنة بالزيادات السابقة، ورغم أهميتها بالنسبة للمتقاعدين، إلا أنها لا تتناسب مع الوضع المعاشي ولا يمكن أن تنعكس على تحسين الواقع المعاشي للموظف، كما تقول سيروب وتؤكد على أن ثمة "وضعا ماليا صعبا لا ننكره".
وترى أن إحدى أهم النقاط في المرسوم هي أنه وضع حدا أدنى للأجور في القطاع الخاص (47675) ليرة، وهذا الحد يحمي العاملين في القطاع الخاص، وهو أيضا يزيد إيرادات التأمينات الاجتماعية إذ كان القطاع الخاص يعتمد في تسجيل القسم الأكبر من موظفيه بالحد الأدنى حتى لو كان الموظف يتقاضى 100 ألف ليرة.
بدورها سارعت وزارة التجارة الداخلية إلى تحذير "بعض ضعاف النفوس" من "العبث بقوت المواطن" حسب كتاب وجهته إلى مديرياتها في المحافظات، وطالبت فيه بتكثيف الجولات الرقابية على الأسواق والسلع المطروحة.
كذلك سارعت غرفة تجارة ريف دمشق إلى نشر "مناشدة" وجهتها إلى التجار أهابتهم فيها بـ "عدم المبادرة إلى رفع الأسعار حفاظا على مبلغ الزيادة لمصلحة الموظفين وتأمين استفادتهم منها" حسب ما نشرت في صفحتها على "الفيسبوك". وهو ما يعكس حجم التخوفات التي بدأت تظهر خاصة أن لدى السوريين تجارب سابقة تؤكد تخوفاتهم.
حول ذلك تقول سيروب، إن من حق الناس أن يتخوفوا من ذلك طالما هناك غياب لأداء وزارة التجارة الداخلية في ضبط الأسعار، وتؤكد أن "زيادة الرواتب يجب أن لا تؤثر على أسعار السلع والخدمات، أولا لأنها لم تمول عن طريق رفع أسعار المشتقات النفطية (كما جرت العادة)، ثانيا أن نسبة زيادة الرواتب ما زالت متدنية، وحتى لو وصلت إلى 100% إلا أن تكلفة الرواتب والأجور لا تتجاوز 10%-15% من مجمل تكاليف أي منتج، لذا لا يمكن مقارنتها مع مستويات التضخم (في هذه الزيادة كانت أعلى نسبة تقارب 60% عند من كان أجره 15 ألف ليرة، لتنخفض إلى أقل من 20% عند الرواتب المرتفعة، لذلك لا يمكن تبرير انعكاسها على ارتفاع الأسعار، كما تقول سيروب وتضيف أنه "هنا يكمن دور وواجب وزارة التجارة الداخلية في مراقبة الأسعار وضبطها"
والواقع أن الانخفاض المتسارع الذي شهدته الليرة السورية مؤخرا يزيد المخاوف، إذ أن الأسعار ترتفع بوتيرة عالية، وبما لا ينسجم إطلاقا مع زيادة الرواتب، وتشير الإحصاءات، إلى ارتفاعات كبيرة في مؤشرات التضخم، وحسب سيروب، فإن مستويات الأسعار تجاوزت 1200 ـ 1300، ووصلت في بعض السلع إلى ما يزيد عن 1800%.
وقد كانت آخر الإحصاءات الرسمية المتعلقة بالدخل هي التي نشرها المكتب المركزي للإحصاء والتي أظهرت أن من يمكن أن يتم تصنيفهم ضمن فئة "الآمنين غذائيا" هم بحدود 33%، بينما نسبة غير الآمنين غذائيا فبنحو 28% والنسبة الباقية للمعرّضين لخطر انعدام الأمن الغذائي.
وذكر المكتب في "المسح الديمغرافي الاجتماعي المتكامل المتعدد الأغراض لعامي 2017 ـ 2018" أن متوسط الإنفاق العام للأسرة السورية يعادل نحو 115 ألف ليرة، وهو رقم يزيد عن وسطي الدخل بنحو بثلاثة أضعاف، ورغم ذلك فهو أقل من المستوى الذي يجب أن تنفقه الأسرة.
تؤكد سيروب أن دخل الأسرة يجب ألا يقل عن 200 ـ 250 ألف ليرة، وفقا للحدود الدنيا التي يجب أن يعيش فيها المواطن السوري.
ولكن كيف سيتم تمويل تلك الزيادة؟ سؤال كان يفترض أن تجيب عليه وزارة المالية ظهر اليوم الخميس إلا أنها أرجأت توضيحاتها حول المرسوم إلى يوم السبت.
في هذا الخصوص، تقول الباحثة سيروب إنه لا توجد إشكالية في ذلك إن كان تطبيق الزيادة سيبدأ مع بداية العام القادم، وأول إجراء يمكن أن يقوم به مجلس الشعب هو إعادة الموازنة إلى مجلس الوزراء من أجل تضمين هذه الزيادات ضمن موازنة 2020.
وإذا كانت ستطبق بدءا من الشهر القادم "فيمكن تمويلها عن طريق الوفورات والإيرادات التي تحققت نتيجة رفع الدعم خلال الأشهر السابقة عن البنزين والمازوت".
أسامة يونس - دمشق