شيخ فلسطيني يهتف في بودابست: حكامنا كونوا منافقين مثل ميركل وسنقبل بكم!
بودابست: من موفدنا سلام مسافر
هل ستحدث محنة اللاجئين هزة في الوعي العربي؟ وماهي الآثار الجانبية على الوعي الشعبي المجري والرأي العام الأوروبي؟
أسئلة تدور مثل دورة الأسطوانة، منذ أن تفجرت أنهار الأحزان في عيون آلاف اللاجئين الناجين من الغرق والمتدفقين موجات متلاحقة يطرقون بوابات أوربا العجوز، عبر أحد أصغر نوافذها وأكثرها حرجا؛ جمهورية المجر التي لم يتعرف عليها العرب سابقا بغير متع السياحة والاستجمام في مياه بحيراتها المعدنية.
تحولات الموقف المجري
---------------------
يقول سلتشاي لايوش، أبرز معلق إذاعي في محطة" كلوب راديو" إن حكومة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان تُمارس لعبة " القط والفأر " مع اللاجئين على حد تعبيره ويضيف:
- نلاحظ أنه أغلق الحدود، ومنع موجات اللاجئين الذين تمكنوا من الوصول إلى محطة قطار" كيلتي" من ركوب القطارات، حتى تكدس ألوف منهم في مساحة لا تزيد على ربع كليومتر مربع؛ تحيطهم شرطة تمنع التحرك باتجاهين، نحو القطارات أو إلى داخل بودابست. ثم سمح لهم بالسفر في حركة قطارات غير مسبوقة.
ويقول:
- بعد أسبوع تقريبا من الإجراءات المشددة، قامت حكومة أوربان بتنفيس الاحتقان؛ بل وفتحت الحدود لبضع ساعات دون رقابة بما سمح لمئات اللاجئين القادمين عبر صربيا بالدخول والتوجه مباشرة نحو محطة "كيلتي". وفي نفس الوقت غير فيكتور أوربان خطابه الذي اتسم خلال الفترة الماضية بنبرة معادية ليس فقط ضد اللاجئين ونعتهم بالإرهاب وبأنهم يريدون تغيير ثقافة أوربا المسيحية إلى التعاطف معهم وإبداء التفهم لمحنتهم. ثم عاد وأغلق الحدود ولوح بإجراءات مشددة بعد الخامس عشر من الشهر الجاري حين ستدخل حزمة قوانين جديدة حيّز التنفيذ تعاقب بشدة على الهجرة غير الشرعية.
صورة العدو
------------------
* كيف يمكن تفسير هذه التقلبات في المواقف؟
- رئيس الحكومة معني بقضية واحدة؛ الارتفاع بشعبيته الآخذة بالتدهور بفعل الفساد والبطالة وتردي الرعاية الصحية وتقليص مخصصات التعليم وخفض الرواتب التقاعدية، والزيادات الكبيرة في الضرائب وهروب رؤوس الأموال، وغيرها من مظاهر الأزمة الاقتصادية المستفحلة فإنه يسعى الى التحريض على اللاجئين باعتبارهم أساس البلاء. كما أن حزبا يميناً يرفع شعارات متطرفة ينافسه على السلطة في الانتخابات القادمة؛ هو حزب"يوب" يقوم بالتحريض ضد الأجانب ويطرح شعارات فاشية.
ويقول المعلق:
-حزب أوربان يستعير شعارات الحزب القومي المتطرف. وقبل بضعة شهور وزع حزب الشباب الديمقراطي الحاكم، ثمانية ملايين وخمسمئة ألف رسالة بتوقيع رئيس الحزب فيكتور أوربان؛ تتضمن أسئلة الجواب جاهز في منطوقها ضمنا؛ مثل هل تقبل أن تعود ابنتك من الديسكو لتصادف شبابا زنوجا يضايقونها في الباص أو المترو؟؟!
أو يعجبك منظر المحجبات في مدينتك؟ وهل تقبل أن ينافسك مهاجر على عملك وأن تخصص له مالا للرعاية الصحية فيما مواردنا محدودة؟ أسئلة سيجيب عليها المواطن بعدم القبول دون شك، والهدف منها خلق نموذج للعدو كي يشعر الرأي العام بان خطرا يتهدد البلاد وأن على الناس الالتفاف حول الحزب الحاكم.
سالت السيد لايوش:
* ولكن الحكومة قد تفقد دعم الاتحاد الاوربي قبل أن تكسب الشارع الداخلي ومعروف أن أكثر من عشرين مليار دولار يورو حجم مساعدات الاتحاد الاوربي على مدى السنوات السبع الاخيرة دخلت الخزينة المجرية؟
- نعم هذا صحيح على مستوى الرأي العام، ولكن على مستوى الأحزاب الحاكمة في أوربا وقسم منها يميني فإنها لن تتخذ إجراءات اقتصادية ضد المجر؛ ذلك لأنها تحتاج الى أصوات الاثني عشر مقعدا في البرلمان الأوربي يملكها الحزب المجري الحاكم الذي أصبح قوة مهيمنة؛ لا يسمح بالصحافة الحرة، ويقلص مساحة الحياة الحزبية إلى أبعد الحدود بقوانين صادق عليها برلمان أغلبية الثلثين التي يتمتع بها. إن الاتحاد الأوربي أمام حزب حاكم في هنغاريا لا بديل له الأمر الذي يدركه أوربان ويتصرف بناء على الحقائق التي خلقها في الحياة السياسة منذ أن وصل إلى سدة الحكم.
ويقول:
- لكن الوضع قد يتحول إلى كارثة اقتصادية فيما لو سحبت المصانع الألمانية واليابانية استثماراتها من المجر أو أغلقت أبوابها، بسبب التقلبات في القوانين وانهيارات العملة المحلية. ومع إن الاحتمال يبدو ضعيفا، ولكن في حال وقوعه فإن البطالة ستصل إلى مستويات فلكية وسيودي إلى فاقة في البلاد؛ التي تعتمد أساسا على السياحة والاستثمارات الخارجية.
جدار الكراهية
----------------
ويعتقد معلق "كلوب راديو" إن صورة المجر تأثرت كثيرا في الوعي الأوربي بسبب ما تعرض له اللاجئون من عسف على أراضيها ويقول:
- كانت صورتنا مشرقة في الذاكرة الأوربية لأن المجر اعتبرت أول معول في انهيار جدار برلين عام 1989 حين فتحت حدودها أمام تدفق سكان ألمانيا الشرقية للقاء أهلهم في ألمانيا الغربية وحملوا سوية المعاول لتهديم جدار برلين. هذه الصورة وكما نقرأ في الصحافة الغربية اهتزت كثيرا. وإذا تواصلت الإجراءات القاسية في ملف اللاجئين فإن صورة المجر في الذهنية الأوربية لن تكتسب إلا المزيد من الأضرار.
ويختتم بالقول :
- خلق صورة للعدو الخارجي يتجسد في اللاجئين والضخ الاعلامي عن خطر الاٍرهاب وتدنيس الحضارة المسيحية؛ وما يشبه الإسلاموفوبيا، عناصر تستهدف خلق التفاف شعبي في المجر لكنه على المدى البعيد سيخلق للبلاد الكثير من المتاعب. والسؤال اما ان تكون أوربيًا او لا تكون وفي الحالة الاولى عليك الانخراط في كل المعايير الأوربية.
صرخة شيخ!
-------------
في العالم العربي؛ هل اهتز الوعي بمشاهدة ألوف اللاجئين يعاملون بمرارة وقسوة على بوابات أوربا والعالم الجديد؟
الشيخ حمّاد أبو دعابس؛ رئيس الحركة الاسلامية في اسرائيل جاء من وراء الخط الأخضر مع بعثة مساعدات إنسانية الى اللاجئين في المجر ووصل بودابست بالأمس.
يقول إن الشارع العربي وإن كان منقسما بشأن ملف المهاجرين واللاجئين إلا أنه يحمل الحكومات المسؤولية عن الوضع الكارثي لملايين النازحين والمشردين واللاجئين. ويقول:
- جمعنا ما تمكنا من أهلنا في فلسطين 48 وتبرعنا للاجئين بما يفيدهم من غذاء وملبس. فنحن في فلسطين أدرى من غيرنا ما يعنيه اللجؤ. وللأسف فإن الوضع في العالم الإسلامي لا يسر. الأردن مبتلاة بألوف اللاجئين من سوريا وكذلك تركيا ولبنان ولكن العتب على الحكومات العربية التي تراقب دون مبالاة ما يجري ولم تقدم أي عون لإخوتنا من سوريا والعراق ومن غيرهما.
ويضيف:
- بل على العكس سمعنا تصريحات من قبيل إن مستشارة ألمانيا منافقة ونحن نقول للحكام العرب صيروا منافقين مثل ميركل وسنقبل بكم!!
ويقول:
- إنهم يعملون وفق مبدأ لن أغنيك ولن ادع أحدا غيري يغنيك! هم لا يستحون من أن سيدة ألمانية تذرف الدمع على اللاجئين فيما يسرحون هم ويمرحون. أية مهزلة.
ويرى الشيخ القادم من اسرائيل محمولا على عربة اسمها التضامن مع الأشقاء في المحن؛ إن أزمة اللاجئين ستحدث تغييرا في الوعي العربي لأنها كشفت عن خلل اخر في النظام العربي المتهالك.
ويقول:
- لن تمر الأزمة بشكل عابر ونحن نامل من اللاجئين السوريين أن تكون هجرتهم موقتة وأن يضعوا هدف العودة الى الوطن نصب أعينهم في كل وقت فالمحن لا بد وأن تنتهي يوما نتمناه قريبا.
وداعا دمشق
----------
لم يتوقف سيل القادمين من الحدود الصربية المجرية طوال الساعات الماضية. يصلون الى محطة قطار " كيلتي" في بودابست؛ تستقبلهم منظمات الإغاثة العربية والأوروبية والمجرية، وبعض أبناء الجالية العربية في بودابست يقدمون لهن عونا ماليا؛ وآخرون يقومون بالترجمة ولا يمكث اللاجئ بضعا من ساعة حتى يركب القطار الى النمسا ومنها الى ألمانيا؛ المشرعة الأبواب إلى الآن.
ولكن إلى متى سيستمر الكرم الألماني المثير لاستغراب العرب؛ شعوبا مثقلة بالهموم ومتأثرة بنظرية المؤامرة. وأنظمة لا تقدر إلا على التنابز.
هكذا يقول اللاجئ من الشام "م.ح" الذي فر فجر اليوم من معسكر اللجؤ في ضواحي بودابست وكان وصله قبل يومين. ويضيف:
- هربنا مع أصدقائي من المخيم ولم يعترض طريقنا الشرطة حتى وصلنا إلى العاصمة وكأنهم يريدون التخلص من المسؤولية.
الشاب السوري طار من مطار دمشق إلى بيروت ومنها الى اسطنبول وإلى اليونان بحرا ومن ثم إلى مقدونيا وأخيرا صربيا فالمجر.
سألناه:
* كيف كانت إجراءات مطار دمشق؟
_سهلة للغاية وكأنهم يقولون يللا اطلعوا وخلصونا!!!
