فأبرز ما يميز الانتخابات النصفية التي ستشهدها الولايات المتحدة يوم غد الثلاثاء، هو الحماس الكبير الذي يعصف بالناخبين الديموقراطيين والجمهوريين على حد سواء، والاقتراع المبكر الذي لجأ إليه ملايين الناخبين، الذين أرادوا أن يعبروا عن خياراتهم قبل أسابيع من يوم الانتخابات.
وجاب ترامب نهاية الأسبوع الماضي الولايات المتحدة سعياً إلى الحفاظ على الأغلبية الجمهورية في الكونغرس في الانتخابات التشريعية، كون هذا الأمر مصيريا ليس فقط بالنسبة لحظوظ فوزه بولاية ثانية في العام 2020، بل واستكمال ولايته الحالية بأريحيته الراهنة التي تسمح له بتجنب مواجهة حادة في الكونغرس، كون خصومه الديمقراطيون لا يتمتعون حاليا بأكثرية، لا في مجلس الشيوخ ولا في مجلس النواب.
ترامب الذي لم يدخر جهدا ولا مالا ولا وقتا لدعم حملة حزبه الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي، وجد نفسه فجأة في مواجهة سلفه الرئيس باراك أوباما بشكل خاص، الذي تجند لحشد الدعم لحزبه الديموقراطي.
وسيحدد هذا الخيار الانتخابي الأول منذ الانتخابات الرئاسية في 2016 مَن سيسيطر على غرفتي الكونغرس حتى الانتخابات الرئاسية القادمة في تشرين الثاني 2020 التي لا يخفي ترامب نيته الترشح لها.
وفي انتخابات هذا العام بات أوباما الوجه الأكثر طلبا من المرشحين الديموقراطيين لتقديم الدعم لهم، وهو الدور الذي كان يتولاه سابقا بيل كلينتون.
وقال أوباما مساء الجمعة في اتلانتا بجورجيا حيث حضر لدعم ستايسي أبرامز، المرأة التي قد تصبح أول حاكمة سوداء البشرة تنتخب على رأس هذه الولاية الجنوبية، قال "أنا هنا لسبب بسيط: لأطلب منكم أن تذهبوا للتصويت".
وأضاف "أن انعكاسات الامتناع عن التصويت كبيرة، لان أمريكا على مفترق طرق" و"قيم بلادنا على المحك".
ومع أن أوباما لم يذكر دونالد ترامب بالاسم، إلا أنه ندد به بوضوح في خطاب قال فيه إنه "يحاول إخافتكم بكل أشكال الفزاعات".
ويسعى المرشحون الجمهوريون أيضا للحصول على دعم ترامب الذي يبقى رغم كل هفواته وفضائحه الجنسية الشخصية الأكثر شعبية في الحزب الجمهوري.
وينشط الرئيس ترامب منذ أسابيع عدة بشكل شبه يومي تقريبا لإقناع من صوتوا له قبل عامين بالعودة إلى مكاتب الاقتراع والتصويت لمرشحي حزبه الجمهوري.
وبخلاف ما كان يفعل أسلافه، فهو أراد أن تكون انتخابات نصف الولاية استفتاء على شخصه.
وبعد مشاركته في تجمعين شعبيين يوم الجمعة، سارع ترامب لإلقاء خطابات في 4 اجتماعات في نهاية الأسبوع، في مونتانا وفلوريدا وجورجيا وتينيسي.
وأمام اتهامه من خصومه الديموقراطيين بأنه تهاون مع اليمين الأمريكي المتطرف، وبأنه كان بشكل غير مباشر محفزا للهجوم الدامي على كنيس يهودي في بيتسبورغ، ركز ترامب حملته على ملفين رئيسيين، هما الوضع الجيد للاقتصاد الأمريكي، والتصدي للهجرة غير الشرعية التي يعتبر أنها تؤثر على الوضع الأمني.
وكرر ترامب مقولته الشهيرة في انديانابوليس: "إن كونغرسا جمهوريا يعني مزيدا من الوظائف وجرائم أقل".
وشدد على أن "الموجة الزرقاء (الديموقراطية) تساوي موجة إجرامية، الأمر بهذه البساطة"، وفي المقابل اعتبر أن "الموجة الحمراء (الجمهورية) تساوي وظائف وأمن".
وعندما يذكر ترامب اسم خصمه وسلفه يستخدم أيضا الحرف الأول من اسم والده حسين "باراك اتش أوباما" للتذكير بأصوله غير الأمريكية. وقال عن أوباما "شاهدته اليوم، لم يكن هناك جمع غفير" في تجمعه.
وبعد مفاجأة الانتخابات الرئاسية لعام 2016، أبدت وسائل الإعلام الأمريكية مزيدا من الحذر، متفادية تقديم تكهنات نهائية انطلاقا من استطلاعات الرأي التي تعطي أفضلية على المستوى الوطني للديموقراطيين في مجلس النواب.
وضمن 435 مقعدا في مجلس النواب التي سيتم تجديدها لعامين، ينحصر التنافس في 60 دائرة، في حين أن باقي الدوائر شبه مضمونة لهذا الطرف أو ذاك.
أما في مجلس الشيوخ فإن التنافس يدور على 35 من 100 مقعد للولايات لست سنوات. ومن المصادفات أن هذه المقاعد الـ 35 توجد بمعظمها في ولايات محافظة ما يعقد على الديموقراطيين سعيهم لاختراقها.
ومع تمحورها حول شخصية ترامب، يبدو أن هذه الانتخابات تحظى بحماسة غير مسبوقة بالنسبة إلى دورة انتخابية تشريعية لا تجلب عادة إلا ما بين 40 و45 % من الناخبين، مقابل أكثر من 60% في الانتخابات الرئاسية.
المصدر: RT