لا جديد في أن يكيل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، التهديدات للولايات المتحدة ويرد لها الصاع صاعين، كما هي العادة، إلا أن الطارئ في الأمر هو أن رده على تهديد الرئيس الأمريكي بأن تواجه إيران مصيرا "لم يذقه" إلا قليلون، فاق ما قبله شدة وعنفا.
ومن الأمور اللافتة، بل والصارخة في هذا السياق، أن سليماني وضع نفسه والقوات التي يقودها في مستوى "الندية" مع الولايات المتحدة، وحدد لها، عمدا أو سهوا، ساحة للمواجهة هي البحر الأحمر، لا الخليج، الذي يعد خط التماس المباشر مع الأسطول الخامس الأمريكي.
كما أن سليماني أظهر مستوى مما يمكن وصفه بـ"العنفوان" يتجاوز مكانته كقائد عسكري ميداني لوحدات قتالية محدودة على أي حال، مقارنة بالخصم الذي يدعوه جهارا نهارا إلى النزال، ويظهر ذلك في دعوته إلى رئيس بلاده حسن روحاني، أن لا يرد على ترامب، وأن يترك له (لسليماني)، وهو "الجندي" هذه المهمة.
ويلاحظ أيضا أن سليماني تجاوز الكثير من الحدود في رده العنيف على الرئيس الأمريكي، نجد ذلك في أكثر من موضع، منها قوله مخاطبا ترامب:
- أنت تهددنا بأنك سوف تقوم بأمر لم تشهد له الدنيا مثيلا، وهذه لغة الملاهي وفقط من يرتاد الملاهي يتحدث على هذا النحو.
- لقد نسيتم أنكم كنتم تضعون لجنودكم حفّاظات للكبار، واليوم تأتي لتهددنا؟
ومن هذا القبيل أن اللواء قاسم سليماني عزز موقف الندية مع الولايات المتحدة الذي وضع نفسه فيه، من خلال دعوته الرئيس الأمريكي أن يسأل عن المبعوث الذي أرسله إليه، وهو "مجرد جندي" لتطلب منه الولايات المتحدة "مهلة، وأن نستخدم نفوذنا في العراق للحد من هجمات المجاهدين العراقيين ريثما تخرج القوات الأمريكية منه".
قد لا يخرج ما قاله هذا القائد العسكري الإيراني الميداني الشهير عن نطاق الحرب الكلامية التي استعرت مؤخرا بين واشنطن وطهران، إلا أن الخطير في الأمر أن "نبرة" الخطابين الأمريكي والإيراني، يستشف منها أن الحرب يمكن أن تشتعل في أي لحظة، بل إن قاسمي، لسبب ما، اختار فيما يبدو أن يكون ميدان المعركة، إذا اشتعلت الحرب، البحر الأحمر، بعيدا عن خط التماس الذي يمكن أن يطلق عليه خط النار في الخليج، على بعد بضعة أميال من السواحل الإيرانية.
محمد الطاهر