واتفقت دول الاتحاد الأوروبي سابقا على خطة جديدة خاصة بأزمة المهاجرين في قمة المجلس الأوروبي التي جرت في بروكسل في 28-29 يونيو لكن زيهوفر طالب بتشديد سياسة اللجوء وإعادة المهاجرين إلى أول بلد سجلوا فيه رغم أنه لم يتلق الدعم الكامل من بعض زملائه في الاتحاد.
واللافت أن زيهوفر كونه وزيرا للداخلية باستطاعته إغلاق الحدود أمام المهاجرين لكن على الأرجح أن ميركل ستضطر لإقالته في هذه الحال. ويقول الخبراء إن الائتلاف الحكومي المكون من الاتحاد الاجتماعي المسيحي، والحزب المسيحي الديمقراطي سيفقد الأغلبية البرلمانية وستشهد ألمانيا انتخابات برلمانية مبكرة بينما أعلن رئيس الحكومة الألمانية ماركوس زودر أن الجدل بين المستشارة ووزير الداخلية لن يؤدي إلى انهيار الائتلاف الحكومي قائلا: "ليس لدينا طريق يسحبنا من الحكومة أو يسحب حزبنا من البرلمان".
اصطدام بين الحزبين
يعود عدم رضاء زيهوفر عن سياسة الجهرة في ألمانيا إلى اعتقاده بأن الإجراءات التي اتخذتها بلاده في مجال الهجرة ليست كافية حيث قدمت وزارة الداخلية الألمانية في بداية يونيو 2018 خطة عامة احتوت على 63 بندا حول سياسة الهجرة وأطلق عليها Masterplan Migration. وكانت ميركل موافقة مع وزيرها حول 62 بندا إلا البند الوحيد الخاص بحظر عبور الحدود الألمانية للاجئين دون الوثائق أو للمهاجرين الذين سجلوا في دول الاتحاد الأوروبي باستثناء ألمانيا. وفي رأي ميركل فإن هذا الاقتراح لوزير الداخلية يتعارض مع المبادئ الأوروبية لتقديم اللجوء وليس عادلا تجاه بعض الدول الأوروبية.
أما القمة الأوروبية التي عقد في بروكسل يومي 28-29 يونيو فاتفق قادتها على قائمة الإجراءات للحد من موجة اللاجئين بما فيها إقامة مراكز إيواء للمهاجرين في شمال إفريقيا وأوروبا وتوسيع صلاحيات وكالة "فرونتيكس" لحماية الحدود الأوروبية.
وعبر اليونان وإسبانيا عن استعدادهما لاستقبال المهاجرين في حال كشف السلطات الألمانية بأن هؤلاء المهاجرين سُجلوا في قاعدة رقمية موحدة EURODAC. كما عبرت أنقرة عن جاهزيتها لاستقبال المهاجرين غير الشرعيين الذين قد تطردهم ألمانيا وذلك مقابل الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي. لكن هذه الإجراءات لم ترض وزير الداخلية الألماني.
ويرى بروفسور جامعة درسدن التقنية فيرنر باتسيلت أن المستشارة ميركل لن تتنازل عن التزاماتها أمام الاتحاد الأوروبي بينما وعد زيهوفر لناخبيه بأنه سيوقف الهجرة غير الشرعية إلى ألمانيا. ووفق قول الخبير فالأزمة "جدية جدا" وإما سينفذ زيهوفر تعهداته وسيمنع المهاجرين من دخولهم ألمانيا في حال تسجيلهم في بلد أوروبي آخر من قبل، إما ستقيله ميركل من منصبه. وقال باتسيلت إنه في هذه الحال سيخرج حزب زيهوفر من الائتلاف الحاكم وستفقد ميركل الأغلبية البرلمانية ما سيؤدي إلى انتخابات برلمانية جديدة حيث لن يفوز فيها حزب ميركل.
وشدد الخبير على أن ألمانيا على وشك اصطدام الحزبين الذي سيضر لكل منهما، قائلا: "لا أتصور كيف سيستطيع كل منهما حل هذه الأزمة دون إراقة ماء وجهه".
القضية المبدئية
من جانبه أشار رئيس تحرير مجلة "روسيا في السياسة الدولية" فيودور لوكيانوف في مقابلته مع قناةRT إلى احتمال كبير لترك زيهوفر منصبه. وفي وجهة نظره فإن المستشارة توصلت إلى نتائج جيدة في قمة بروكسل ولذلك لن ترفض عنها ولن تتنازل لوزير الداخلية في شأن سياسة الهجرة.
ونوه الخبير بأن هذه الأزمة اندلعت عشية الانتخابات المحلية في ولاية بافاريا حيث "يتمسك الاتحاد الاجتماعي المسيحي الذي يترأسه زيهوفر بموقفه الصارم خشية من فقدان تأييد الناخبين مع أنه هناك قضية محورية تواجهها ألمانيا كلها وأوروبا كلها وهي مبادئ سياسة الجهرة وكيفية ممارستها إما اعتمادا على قرارات الدولة الألمانية أو قرارات أوروبية موحدة". وبينما تميل المستشارة ميركل إلى التمسك بالقرارات الأوروبية فيعتمد اتحاد زيهوفر على القوى اليمينية الألمانية والقرارات المستقلة. وقال لوكيانوف: "هذه قضية مبدئية ليس لها جواب الآن لكنها تجعل الأزمة الحالية أخطر من مشاحنة حزبية بسيطة في أحد البلدان الأوروبية".
من جانبه عبر رئيس مركز الاتصالات الاستراتيجية دميتري أبزالوف عن ثقته في أن القوى السياسية كلها في ألمانيا ستحاول إيقاف زيهوفر ليبقى على منصبه حتى الخريف على الأقل قائلا: "تفكك الائتلاف الحكومي يتعارض مع مصالح ميركل. لم تكن نتائج الائتلاف قوية في الانتخابات الأخيرة وقد يفقد الأغلبية البرلمانية في انتخابات جديدة مبكرة. إن مستقبل ميركل يتعلق بقرار الاتحاد الاجتماعي المسيحي. وانهيار الائتلاف سيكون ضربة على مواقف ألمانيا على الصعيد الأوروبي وعلى مواقف رئيس الوزراء الألماني في المستقبل".
المصدر: نوفوستي