وعرض الفيلم يوم الخميس الماضي ولاقى فور عرضه استحسانا شعبيا مقابل تحفظ من الصحافة الأجنبية. إلا أن لجنة التحكيم التي ترأستها الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت أعجبت بالفيلم.
ويتطرق الفيلم إلى مواضيع راهنة على رأسها معاناة أطفال الشوارع والعمالة المنزلية واللاجئين والعنف الأسري وزواج القاصرات.
وقدمت لبكي فيلما مأسويا، وأشد إيلاما وعبثية وشجنا وغضبا من بين كل ما تم عرضه في مهرجان كان طوال الأيام الـ12 التي استغرقها المهرجان (من 8 إلى 19 مايو الجاري).
وهذه هي المرة الثانية التي ينال فيها مخرج لبناني هذه الجائزة بعد فيلم المخرج اليساري اللبناني مارون بغدادي "خارج الحياة" في العام 1991.
وقالت لبكي وهي تتسلم الجائزة: "هذا فيلم صغير أنجزناه في المنزل. لم يعد بإمكاننا أن ندير ظهرنا إلى مأساة الأطفال المشردين، ولكن لا أعرف ما هو الحل، يجب أن نفكر معاً"، وحيت لبنان الذي "رغم كل شيء استقبل أكبر عدد من اللاجئين في العالم".
وغرد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري عبر "تويتر" قائلا: "مبروك للمخرجة نادين لبكي وكل طاقم فيلم كفرناحوم الفوز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي. كل لبنان يفتخر بنجاحك يا نادين".
واعتبر وزير الثقافة غطاس خوري أن فوز فيلم "كفرناحوم" للمخرجة نادين لبكي بجائزة "لجنة التحكيم" في مهرجان كان السينمائي، مدعاة فخر واعتزاز للبنان ولمخرجيه الشباب المبدعين.
أما رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان فصرح قائلا: مرة أخرى هذه السنة تنال السينما اللبنانية إحدى أكبر الجوائز العالمية شكراً لنادين لبكي لرفع اسم لبنان ونيلها جائزة لجنة التحكيم في "كان" والتي تمثل بشكل فعلي الميدالية البرونزية.
ولم تكتف المخرجة اللبنانية نادين لبكي باختيار ممثلين ناشئين لبطولة فيلمها كفرناحوم بل حرصت على انتقاء أشخاص يعايشون ما يمثلونه أمام الكاميرا مثل شخصيات فيلمها وبينهم ممثلة دخلت السجن أثناء التصوير.
وتدور أحداث فيلم الدراما الواقعية كفرناحوم في أحياء بيروت الفقيرة، وتحكي عن حياة زين وهو طفل يبلغ من العمر 12 عاما، ويحاول دون جدوى منع تزويج شقيقته الصغرى لحظة بلوغها سن الزواج.
ويبدأ الفيلم وينتهي بمشهد في قاعة محكمة حيث يقاضي زين والديه اللذين أنجبا عددا كبيرا من الأطفال لأنهما جاءا به إلى الحياة، وذلك في حبكة وحيدة ابتكرها صناع الفيلم الذين التزموا بنقل حقائق شهدتها مخرجته، وعايشها الكثيرون من أفراد طاقم التمثيل في حياتهم الواقعية.
وقالت نادين لبكي، وهي واحدة من ثلاث مخرجات بين 21 اسما تنافسوا على الجائزة، إنها صورت 520 ساعة على مدى ستة أشهر لأن ممثليها الناشئين، وبينهم أطفال كثيرون، ارتجلوا لتحقيق أقصى درجة من درجات الواقعية.
ويؤدي دور البطولة الطفل زين الرفاعي الذي فرت أسرته من الحرب السورية، والذي يشبه الشخصية التي يؤديها في أنه يعمل منذ الصغر بدلا من الذهاب للمدرسة.
وقال الطفل البالغ من العمر 13 عاما عندما سئل عن التمثيل إنه "سهل" مقارنة بالأعمال الشاقة التي يقوم بها في الحياة الواقعية. وأضاف أن المخرجة كانت فقط تطلب منه أحيانا أن يبدو حزينا أو فرحا في أحيان أخرى.
وتؤدي يوردانوس شيفراو، وهي لاجئة من إريتريا، دور رحيل وهي لاجئة غير شرعية تولي زين رعايتها ثم تختفي تاركة زين مع طفلها البالغ من العمر عاما. ويعلم مشاهد الفيلم فيما بعد أنها اعتقلت وسجنت في زنزانة مكتظة.
وقالت شيفراو للصحفيين وهي تبكي "بعد مشهد الاعتقال، ألقي القبض علي في الواقع. عشت نفس الوضع". وبعد أسبوعين تمكن منتجو الفيلم من إطلاق سراحها وعادت لاستكمال دورها في الفيلم.
ويتجول الطفل زين بالرضيع في عربة صنعها من قدر كبير للطهو وضعه فوق لوح تزلج سرقه. وحتى هذا الرضيع لاجئ في الواقع.
وولد الممثل الرضيع، وهي بنت في حقيقة الأمر، في بيروت لأبوين من إفريقيا وتم ترحيلها في مارس الماضي إلى كينيا مع والدتها. وأعيد والدها إلى وطنه نيجيريا على الناحية الأخرى من قارة إفريقيا.
ويعرف قاموس ويبستر كلمة كفرناحوم بأنها "خليط حائر" وقالت المخرجة إن فيلمها عن "الأهمية العبثية لهذه الأوراق (وثائق الهوية) التي نحتاج إليها لنثبت أننا موجودون على قيد الحياة ونرزق أو نسترزق".
ووصف روبين كولين الناقد في صحيفة "ديلي تليغراف" البريطانية العمل بأنه :"فيلم اجتماعي واقعي ناجح يمتلئ بالحنان الغاضب ويعج بالحزن لكنه مرصع ببلورات من الجمال وخفة الدم والأمل".
المصدر:RT + وكالات
سعيد طانيوس