وبهذا الاعتراف الذي يحمل في طياته رسالة تهديد واضحة لخصم إسرائيل الرئيس في المنطقة إيران، حسمت تل أبيب الشكوك حول مسؤوليتها عن تدمير المنشأة السورية في محافظة دير الزور عام 2007، وسجلت تلك الغارة الجوية الخاطفة رسميا باسمها بعد أن تكتمت عليها طويلا.
الغارة الجوية الإسرائيلية نفذت ليلة السادس من ديسمبر2007، وأسفرت عن تدمير منشأة صحراوية في منطقة "الكُبر" في محافظة دير الزور، قالت عنها الولايات المتحدة إنها تضم مفاعلا نوويا تشيده سوريا سرا بمساعدة من كوريا الشمالية، الأمر الذي نفته دمشق مؤكدة أن المنشأة التي تم استهدافها كانت قاعدة عسكرية مهجورة.
وعلى الرغم من اتفاق الجميع على مسؤولية سلاح الجو الإسرائيلي عن تلك الغارة، إلا أن تل أبيب أعلنت رسميا للمرة الأولى بعد مضي أكثر من 10 سنوات أن طائراتها الحربية هي من نفذ تلك الغارة التي دمرت المنشأة السورية.
الاعتراف الإسرائيلي بالمسؤولية عن تدمير منشأة "الكُبر" السورية، يأتي بعد أن رفعت تل أبيب السرية عن وثائق متعلقة بالغارة، تزامنا مع تكثيفها تحذيراتها من أخطار تعزيز طهران لوجودها العسكري في سوريا، وتحريضها ضد الاتفاق النووي الدولي مع إيران، ما يجعل من هذا الاعتراف، رسالة تهديد إلى إيران بإمكانية استهداف منشآتها النووية وبأنها ستكون اللاحقة بعد سوريا.
والجدير بالذكر أن قصف سلاح الجو الإسرائيلي للمنشأة السورية المشتبه في أنها نووية، ليس الأول من نوعه إذ كان دمر عام 1981 مفاعل تموز في العراق، على الرغم من معارضة واشنطن حينها لمثل هذه الخطوة.
ورفض متحدث عسكري إسرائيلي الرد على سؤال بشأن دوافع رفع السرية عن هذه الوثائق في هذا التوقيت بالذات، وما إذا كان الهدف من ذلك توجيه تحذير لإيران بأن منشآتها ستلقى المصير ذاته.
وتتضمن الوثائق التي رفعت إسرائيل السرية عنها وقامت بتوزيعها على وسائل الإعلام، مشاهد من عملية القصف الجوي، ومقطع فيديو لقائد العملية الجنرال غادي أيزنكوت، يتحدث فيه عن تفاصيل الهجوم، إضافة إلى صور لبيانات سرية عن المنشأة السورية جمعتها استخبارات الجيش.
وقال بيان للجيش الإسرائيلي عن تلك الغارة على منشأة "الكُبر" السورية إنه في " ليل الخامس إلى السادس من سبتمبر 2007، نجح الطيران الحربي الإسرائيلي في تدمير مفاعل نووي سوري في مراحل التطوير"، مضيفا في هذا السياق أن "المفاعل كان قريبا من اكتماله، ونجحت العملية في إزالة تهديد وجودي ناشئ لإسرائيل والمنطقة بأكملها من القدرات النووية السورية".
الولايات المتحدة بدورها كانت أكدت عام 2008 أن الغارة المجهولة على المنشأة السرية شنتها إسرائيل، وأكدت في الوقت ذاته أن الموقع المستهدف كان مفاعلا نوويا سريا قيد الإنشاء.
دمشق نفت تلك الاتهامات، إلا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت في عام 2011 إنه "من المحتمل جدا" أن تكون جدران موقع "الكبر" قد أخفت مفاعلا نوويا يجري بناؤه بمساعدة من كوريا الشمالية.
المصدر: أ ف ب
محمد الطاهر