وفي السياق، طالب حزب الاتحاد المسيحي بتقييم جديد للوضع الأمني في سوريا، من أجل الاستعداد لترحيل اللاجئين مجددا إلى وطنهم، وهو ما اقترحه سابقا "حزب البديل من أجل ألمانيا".
واقترح وزير الداخلية في ولاية ساكسونيا ماركوس أولبيش، من الحزب المسيحي الديمقراطي، تقييما جديدا للوضع الأمني في سوريا، مشيرا إلى أنه مهما كانت نتيجة التقييم الجديد، فإن وقف الترحيل إلى سوريا قد لا يمكن تمديده.
ويلقى وزير داخلية ساكسونيا الدعم من نظيره البافاري من الحزب الاجتماعي المسيحي يواخيم هرمان.
والأربعاء الماضي، قدم "حزب البديل من أجل ألمانيا" طلبا داخل البرلمان الألماني يدعو فيه الحكومة الألمانية إلى التفاوض مع السلطات السورية حول اتفاقية لإعادة اللاجئين، وقوبل هذا الطلب بانتقاد الأحزاب الأخرى، من بينها أيضا حزبا الاتحاد المسيحي.
وقال المتحدث للشؤون الداخلية باسم الحزب الاجتماعي المسيحي شتيفان ماير، إن عمليات الترحيل الإجبارية ودعم العودة الطوعية إلى سوريا تظل حاليا "غير معقولة وغريبة".
وفي الجدل القائم حاليا تتعرض هذه المفاهيم للخلط، حيث جاءت مبادرة "حزب البديل من أجل ألمانيا"، الأسبوع المنصرم، في إطار العودة الطوعية لسوريين ضمن اتفاقية مع الحكومة السورية، كما طالب هذا الحزب قبلها أيضا بإعادة ترحيل السوريين ضد إرادتهم بعد توفر الظروف السلمية في بلادهم.
أما فيما يخص مبادرة حزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والإتحاد المسيحي الإجتماعي، فإن الأمر يتعلق أيضا بإعادة الترحيل، لكن لمن ارتكبوا أعمالا جنائية، واللاجئون المعترف بهم لا يمكن ترحيلهم إلا إذا كانوا يشكلون خطرا على الأمن والنظام العام، وهذا يمكن أن يطال مثلا شخصا حكم عليه بالسجن لمدة سنتين.
مبادرة وزير داخلية ولاية ساكسونيا ستُطرح للنقاش خلال مؤتمر وزراء داخلية الولايات نهاية الأسبوع المقبل في لايبتزيغ، ويمثل في مؤتمر وزراء الداخلية 9 وزراء من الحزب الاجتماعي المسيحي و7 يمثلون الحزب الاشتراكي الديمقراطي، علما أن القرارات تُتخذ بالإجماع.
هذا وقد ألمح بعض وزراء الداخلية من الحزب الاشتراكي أنهم لن يوافقوا على الاقتراح من ساكسونيا، حيث صرح المتحدث باسم وزير داخلية ولاية تورينغن، غيورغ مايير، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لـDW أن الحزب سيبقى متمسكا بالنهج القائم إلى حد الآن، وهذا يعني أن عمليات الترحيل إلى سوريا تبقى معلقة حتى الـ31 من كانون الثاني/ ديسمبر 2018.
ولعل ما افترضه بعض المراقبين من أنه توجد مناطق في سوريا انتهى فيها خطر الحرب، هو ما جعل كتلة "حزب البديل من أجل ألمانيا" في البرلمان تساند هذا المنهج، وتعتقد أن العمليات القتالية تتم في 10 في المائة فقط على الأراضي السورية.
إلا أن هيئة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أكدت في تقريرها الأخير حول الوضع في سوريا، أن جميع المناطق في البلاد معنية مباشرة أو بصفة غير مباشرة بالحرب والعنف، وعلى هذا الأساس لا يحق لأي بلد أن يرحل لاجئين ضد إرادتهم إلى هناك.
ويتوقع موظفو الأمم المتحدة أن لا يتغير الوضع كثيرا في سوريا في عام 2018، وبالتالي يبقى من غير الممكن العودة إلى سوريا.
ويساند هذا الموقف، غونتر بوركهاردت مدير أعمال منظمة برو أزول لإغاثة اللاجئين، وقال في تصريح لـ DW إن ذلك ينطبق على كافة أراضي سوريا، وأضاف: "لا أحد يعرف كيف سيتطور الوضع في سوريا".
وطبقا لأرقام صدرت في شهر يونيو 2017، يعيش في ألمانيا نحو 650.000 لاجئ سوري، 6000 فقط منهم حصلوا على وثائق اللجوء، وأكثر من 300 ألف معترف بهم كلاجئين، حسب اتفاقية جنيف للجوء، إذن هم هربوا من بلدهم بسبب الخوف من الاضطهاد ويحصلون بالتالي على الحماية كلاجئين.
كما حصل أكثر من 110 ألف سوري على إقامة مؤقتة، ولا يحق لهم الحصول على اللجوء ولا يمكن الاعتراف بهم كلاجئين حسب اتفاقية جنيف، هؤلاء المعنيون لا يتعرضون للترحيل، لكنهم يحصلون على رخصة إقامة قابلة للتمديد.
ويملك نحو 46 ألف سوري إذنا بالإقامة في ألمانيا، إذ يحق لهم حتى موعد البث في طلب لجوئهم العيش في ألمانيا والعمل تحت شروط معينة.
إلى ذلك، أفادت وزارة الداخلية الألمانية بأن نحو 1000 سوري يعيشون حاليا بدون رخصة في ألمانيا، إذ يجب عليهم المغادرة ولا يتم ترحيلهم بسبب وقف الترحيل.
الأمر نفسه ينطبق على الترحيل إلى أفغانستان حيث يرتبط الأمر بجزء صغير من اللاجئين، ومنذ سنة يتم ترحيل بعض المجموعات إلى أفغانستان، لأن الحكومة الألمانية تعتبر أنه توجد هناك مناطق آمنة.
من المهم الإشارة إلى أن قرابة 42 ألف سوري عادوا من يناير حتى يوليو 2017، من تركيا ولبنان والأردن والعراق إلى بلدهم، بحسب ما أفادت المنظمة الدولية للهجرة.
وطبقا لاستطلاع للرأي أجرته الأمم المتحدة لا يمكن لغالبية اللاجئين السوريين العودة إلا إذا انتهت الحرب وأعمال العنف واستقر الوضع الغذائي في بلدهم.
المصدر: قناة DW الألمانية