وكانت قضية العقوبات الأمريكية ضد روسيا قد عادت إلى الواجهة في عام 2012، عندما تبنى الكونغرس الأمريكي "قانون ماغنيتسكي" الذي ألغى "تعديل جاكسون-فينيك" بصفته آخر عنصر من العقوبات الأمريكية القديمة ضد الاتحاد السوفيتي، وحلت محله عقوبات جديدة تماما ضد مسؤولين روس اتهمتهم واشنطن بالتورط في انتهاكات لحقوق الإنسان.
ومع اندلاع الأزمة الأوكرانية في عام 2014، انطلقت دوامة العقوبات الأمريكية بثقلها الكامل، إذ انتقلت واشنطن من استهداف مسؤولين منفردين إلى إجراءات اقتصادية واقعية، بل وأجبرت الاتحاد الأوروبي وبعض حلفائها الآخرين على حذو نهجها.
ورغم مرور 3 سنوات على بدء ممارسة العقوبات الاقتصادية، لم يتضرر الاقتصاد الروسي بقدر كبير، بل تقول موسكو إن تبعات هذه العقوبات، وتحديدا القيود الجوابية التي فرضتها روسيا على استيراد المواد الزراعية والغذائية من الدول التي انضمت للعقوبات، ساعدت في زيادة الإنتاج المحلي وتعزيز القدرات التنافسية للمنتجات الروسية.
لكن الحزمة الأخيرة من العقوبات التي صادق عليها الكونغرس الأمريكي في أواخر الشهر الماضي، تخرج بعيدا عن الأطر المنسقة مع الاتحاد الأوروبي، وتتجه لاستهداف مشاريع مشتركة روسية أوروبية في مجال الطاقة، ولاسيما مشروع "السيل الشمالي 2"، إضافة إلى تشديد العقوبات ضد المؤسسات المالية المستهدفة، وإضفاء طابع القانون على عقوبات سبق للرئيس الأمريكي أن فرضها ضد موسكو بأوامر تنفيذية.
إيران
إضافة إلى العقوبات ضد روسيا، يستهدف القانون الأخير الذي تبناه الكونغرس، إيران وكوريا الشمالية بقيود جديدة.
وسبق لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن عادت لتشديد العقوبات ضد إيران رغم عدم خروجها حتى الآن من الصفقة النووية التي عقدتها الإدارة الأمريكية السادسة، ودول اللجنة السداسية الأخرى وطهران في فيينا في يوليو/تموز عام 2015.
الذريعة الرسمية لتشديد العقوبات ضد إيران تتعلق باستمرار جهود طهران لتوسيع برنامجها الصاروخي، لكن ترامب كان يؤكد عزمه على اتخاذ موقف متشدد من طهران، منذ بداية حملته الانتخابية قبل أن تبدأ إيران اختباراتها لصواريخ باليستية في تحد لواشنطن.
وتعود جذور العقوبات السياسية والاقتصادية الأمريكية المفروضة على إيران إلى عام 1979 إبان أزمة الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران، ليعلن الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر في نوفمبر1979 حالة طوارئ تقتضي تجميد كل الأصول الإيرانية الخاضعة للولايات القضائية الأمريكية.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات إضافية على إيران في يناير/كانون الثاني 1984 بعد اتهامها بالتورط في تفجير مقر المارينز في بيروت.
ومع مرور الوقت منعت واشنطن المصارف الأمريكية من أن تكون وسيطا في تحويل أموال من أو إلى إيران، واستهدف القانون الأمريكي لعام 2010 إمدادات الوقود الإيراني التي تعتمد على المنتجات المكررة، ونصّ على اتخاذ إجراءات ردٍ على المجموعات الأجنبية التي تستثمر في قطاع النفط الإيراني. ويجب أن يتم رفع هذه العقوبات مع تنفيذ الصفقة النووية بين طهران والدول الكبرى.
لكن العقوبات الأمريكية الجديدة ضد طهران والتي فرضتها واشنطن خلال الأشهر الماضية، باتت تستهدف شركات معينة تعتبرها واشنطن متورطة في دعم البرنامج الصاروخي لطهران، ومنها شركات روسية وصينية وإماراتية.
كوريا الشمالية
تعد العقوبات الأمريكية ضد كوريا الشمالية الأقدم من القيود التجارية التي تمارسها واشنطن حتى الآن، وتعود إلى عام 1950 ، عندما بدأت الحرب الكورية. وتأتي العقوبات الأمريكية الجديدة ضد بيونغ يانغ استمرارا لإجراءات تبنتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما في فبراير/شباط عام 2016، إذ خرجت تلك العقوبات بعيدا عن نطاق الإجراءات الرامية إلى تقييد البرامج الحربية لبيونغ يانغ، وأصبحت تركز بالدرجة الأولى على خنق الاقتصاد الكوري الشمالي.
كوبا
في يونيو/حزيران الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تشديد الموقف الأمريكي من كوبا مجددا، وذلك بعد أن بدأت إدارة أوباما بتطبيع العلاقات ورفض العقوبات الاقتصادية المفروضة منذ عام 1962. لكن حتى الآن، اقتصرت الخطوات الفعلية لإدارة ترامب على تقييد الحركة السياحية الأمريكية إلى الجزيرة.
سوريا
تعود العقوبات الأمريكية ضد سوريا إلى عام 1986، عندما اتهمت واشنطن دمشق بدعم الإرهاب. وجددت العقوبات في عام 2003 من قبل إدارة جورج بوش الابن، وطالبت دمشق بـ"وقف دعم الإرهاب، والكف عن احتلال لبنان، والتوقف عن تطوير أسلحة دمار شامل، وتهريب الأسلحة إلى العراق".
وبعد عام 2011، جاءت العقوبات الأمريكية بحلة جديدة، بذريعة انتهاكات حقوق الإنسان في سياق الحرب السورية. لكن هذه العقوبات، بالتنسيق مع العقوبات الأمريكية، تلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد السوري وتحول دون تعافيه رغم تهدئة الوضع الميداني في البلاد بشكل كبير.
الصين
ذكرت وسائل إعلام أمريكية قبل أيام أن إدارة دونالد ترامب تعد قائمة عقوبات ضد الصين بسبب "تقاعس" بكين في تسوية القضية بيونغ يانغ النووية.
ولم تؤكد هذه المعلومات رسميا، لكن في الواقع هناك قيود تجارية تفرضها واشنطن على بكين، ولاسيما فيما يخص منع الصين من حقوق التجارة التفضيلية.
ويعود نهج العقوبات الأمريكية ضد بكين إلى عام 1989، إذ فرضت ردا على أحداث ميدان تيانانمن. وحاولت واشنطن عزل الصين بشكل شامل عن طريق التجميد الكامل للعلاقات وعقوبات اقتصادية ضارة. لكن في عام 1993 تراجعت الولايات المتحدة عن هذه السياسة وبدأت العمل على تطبيع العلاقات مع بكين.
السودان
أعلن وزير الدولة في وزارة الخارجية السودانية عطا المنان بخيت اليوم أن السلطات السودانية تأمل في رفع العقوبات الأمريكية ضد الخرطوم بالكامل بحلول أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مؤكدا أنه لم تعد هناك أي أسباب لاستمرار هذه القيود.
وسبق للولايات المتحدة أن لجأت إلى أنواع عديدة من العقوبات كحل من أجل الضغط على حكومة السودان، وقد تنوعت العقوبات بين الدبلوماسية. فقد حرم السودان من الاستفادة من المعونات وتمويلات الصناديق الدولية والتعامل مع الشركات الصناعية العالمية مما أثر سلبًا على كثير من الصناعات السودانية المحلية.
وفي حال رفع العقوبات، سيصبح السودان ثالث دولة عربية تعفو عنها واشنطن، بعد أن رفعت عقوباتها عن العراق وليبيا إثر إسقاط النظامين الحاكمين فيهما.
المصدر: وكالات
أوكسانا شفانديوك