وقال صاحب المؤلف الشهير(بداية ونهاية الشيوعية) الصادر عام 1945. إن نظام الحكم في العراق بعد سقوط صدام حسين، ووفقا للرؤية الأمريكية، سيكون نظاما فيه الكثير من عناصر النظام الشمولي السابق، يديره تحالف بين الأكراد والأحزاب الشيعية، مع نسبة معينة من المؤسسات الديمقراطية؛ ودور أساسي لإيران في الحفاظ على الاستقرار.
ونوه مستشار الأمن القومي شبه الدائم للرؤساء الأمريكان عن الحزب الديمقراطي. أن مركز صنع القرار في واشنطن؛ يفضّل الأحزاب الدينية حكاما للعراق على العلمانيين، من منطلق انه يمكن السيطرة على هذه الأحزاب بالتفاهم مع مراجعهم وتوجيهها بالوجهة المناسبة.
وواضح فإن نهج واشنطن في العراق، لم يخرج الى الآن عن توصيف بيجينسكي. إن منظر القضاء على الشيوعية والاتحاد السوفيتي، الذي توفي عن 89 عاما فجر السبت، كان قد صاغ مع نشوب الحرب الباردة، مطلع خمسينات القرن الماضي، سياسات الإدارات الامريكية الديمقراطية وكان من أبرز منظري عزل الاتحاد السوفيتي والعمل على حله.
والملفت، أن بيجينسكي عارض العمل العسكري ضد إيران بعد الثورة، مع أنه كان من أشد المتحمسين للحرب الفيتنامية.
لقد لاح وكأنها مغامرة فكرية أن يكتب باحث رسالة دكتوراه دولة، عن نهاية الشيوعية عام 1945 وفي أوج قوة الاتحاد السوفيتي، وانتشار رقعة الأحزاب الشيوعية في العالم، وقيام ما كان يعرف بالمعسكر الاشتراكي.
بيد أن المحلل الاستراتيجي (عليه ينطبق هذا الوصف بالفعل وليس على كل من هب ودب !) كان لا يمتلك رؤية ثاقبة؛ حسب، بل والمشروع الواضح والمتسلسل، الذي يقضي فعلا على العدو السوفيتي وعلى الحركة الشيوعية.
ولعل أحد آخر مؤلفاته "رقعة الشطرنج الكبرى" يمثل أحد أهم مصادر القراءة الأمريكية ذات البعد العملي للخارطة الجيوسياسية في العالم.
إن قراءة متمعنة لطبعته الروسية، توفر للقاري المعني بالقضايا الدولية. زادا فكريا ومادة تحليلية قد تختلف أو تتفق معها ايديولوجيا، لكن المرء لا يملك، إلا الإعجاب بعمق بيجينسكي الذي كانت تقاريره ودراساته أساسا لنهج، وسياسات واشنطن في العالم وفِي المنطقة العربية الخاسرة على الدوام لأن غالبية حكوماتها لا تقرأ ولا تكتب ولا ترى ولا تسمع!!
سلام مسافر