وفي ختام محادثاته في العاصمة الأمريكية، أعلن لافروف أن في مقدور موسكو وواشنطن "بل ومن واجبهما" التعاون في حل المشكلات العالمية، كالأزمة السورية، والقضية الفلسطينية، والنزاع الأوكراني، والوضع في أفغانستان. وأكد لافروف أن الجانبين اتفقا على "إبقاء اتصالات العمل بينهما والبحث عن سبل تقريب مواقع جميع الأطراف المعنية".
العقوبات والعلاقات الثنائية
كانت العلاقات الثنائية من بين المواضيع التي تصدرت أجندة المحادثات في واشنطن. وقال لافروف إن الحالة الراهنة للعلاقات بين البلدين "لا تبعث على السرور"، وذلك لسبب "معروف جيدا" ألا وهو سياسة الإدارة الأمريكية السابقة. ودعا لافروف إلى إزالة "جميع الرواسب المصطنعة" التي تحول دون التعايش الطبيعي والتواصل بين المواطنين الروس والأمريكيين.
وبحسب الوزير الروسي فقد ناقش مع نظيره الأمريكي نتائج اللقاء بين نائبيهما، سيرغي ريابكوف وتوماس شينون، واصفا هذا اللقاء بأنه كان "خطوة أولى" في أداء فريق عمل مشترك معني "بإزالة عوامل الإزعاج" في العلاقات الثنائية.
وإذ أقر لافروف باستحالة حل جميع المشكلات بين البلدين بين ليلة وضحاها، إلا أنه أشار إلى وجود توجه واضح في السير نحو تحقيق هذا الهدف. وشدد على أن الرئيس الأمريكي أكد بشكل واضح اهتمامه ببناء "علاقات متبادلة المنفعة وبراغماتية" بين الدولتين وحل المشكلات العالقة.
ولاحقا نشرت الخارجية الأمريكية بيانا جاء فيه أن تيلرسون جدد للافروف أن العقوبات المفروضة ضد روسيا لن ترفع عنها "ما لم تغير موسكو التصرفات التي أدت إلى ذلك". من جهته قال لافروف أن "العقوبات خطوة أحادية الجانب إزاءنا، فالقرار (بشأنها) لا يعنينا".
وذكر لافروف للصحفيين إنه بحث في واشنطن أيضا مسألة حق الدبلوماسيين الروس في الوصول إلى العقارات (داخل أمريكا) المملوكة للخارجية الروسية، الذي تم تقييده بقرار إدارة أوباما السابقة في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وأعرب عن أمله في إمكانية حل هذه المسألة.
موضوع "تدخل موسكو" في الانتخابات الأمريكية
أبدت وسائل الإعلام الأمريكية اهتماما تقليديا بقضية "التدخل الروسي" المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وبإقالة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي الذي كان يشرف على التحقيق في هذه القضية. وقبيل بدء محادثاته مع تيلرسون، رد لافروف بسخرية، على سؤال طرحته عليه صحفية أمريكية حول زيارته الحالية لواشنطن ومدى ارتباطها بإقالة كومي، متسائلا بتعجب : "وهل أقيل بالفعل؟".
ولاحقا أكد وزير الخارجية الروسي أن إقالة مدير FBI شأن أمريكي داخلي محض.
أما بشأن ملف الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة فذكر لافروف أنه لم يقدم أي أحد حتى الآن أي دليل يشير إلى قيام موسكو بالتدخل فيها. وقال: "من الإهانة للشعب الأمريكي أن يسمع أن روسيا الاتحادية تدير السياسة الداخلية للولايات المتحدة. كيف يمكن أن تفكر الدولة العظمى على هذا النحو؟ أنا أعتقد أن السياسيين يلحقون أضرارا كبيرة بالنظام السياسي في الولايات المتحدة عندما يحاولون الإيحاء بأن أحدا ما يدير شؤون أمريكا من الخارج".
خفض التصعيد في سوريا
ذكر لافروف أنه بحث مع تيلرسون بصورة مفصلة الأزمة السورية وتسويتها، بما في ذلك في سياق إنشاء مناطق خفض التصعيد في البلاد وعملها. وبحسب الوزير فإن موسكو وواشنطن متفقتان على أن إنشاء هذه المناطق يجب أن يكون خطوة نحو وقف العنف على جميع أراضي سوريا، وأن يساعد على تحقيق تقدم في التسوية السياسية.
وقال لافروف: "اتفقنا على مواصلة العمل ضمن صيغة أستانا أيضا، حيث تحضر الولايات المتحدة هناك بصفة مراقب. وقد ثمنا المساهمة البناء للولايات المتحدة خلال اللقاء الأخير (في أستانا).
وذكر الوزير أن موسكو مهتمة "بأن تلعب الولايات المتحدة الدور الأكثر نشاطا" في عمل مناطق خفض التصعيد، مضيفا: "يبدو لي أن الولايات المتحدة مهتمة بذلك أيضا، على الأقل فيما يخص المنطقة الجنوبية، فاهتمامها بها واضح. ونحن نود أن تكون لها المبادرة في إنشاء هذه المناطق وفي هذه العملية".
وحول العملية السياسية في سوريا، أكد لافروف أن موسكو "على يقين أن المماطلة في هذه العملية غير مقبولة"، الأمر الذي يجعلها ترحب بقرار المبعوث الدولي الخاص ستيفان دي ميستورا باستئناف مفاوضات جنيف منتصف الشهر الجاري.
وأضاف لافروف أن روسيا تعول على أن تكون أطر العملية السياسية مقبولة لدى كل من الحكومة والمعارضة في سوريا، "وأن تجري المناقشات بصورة متوازية وفقا لجميع السلال الأربع التي حددها دي ميستورا"، موضحا أن الحديث يدور عن "إدارة أمور البلاد، ووضع دستور جديد، والتحضير لإجراء الانتخابات، ومكافحة الإرهاب".
أما في موضوع مصير الرئيس السوري بشار الاسد، فدعا لافروف إلى عدم تكرار السيناريو الليبي أو العراقي في سوريا، وإلى "استئصال التهديد الإرهابي وليس تغيير رئيس قائم". وذكر لافروف في هذا السياق أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدد له أن أولوية الولايات المتحدة في سوريا هي التغلب على الإرهاب، "والتفاهم بيننا تام في هذا الموضوع".
أعداد لقاء بوتين - ترامب
وفي رد على سؤال عن اللقاء المرتقب بين الرئيسين الروسي والأمريكي، أكد لافروف أن هذا اللقاء يمكن أن يعقد أثناء قمة مجموعة العشرين الكبرى. وأضاف أنه تحدث مع تيلرسون عن كيفية تحقيق التقدم حول النقاط المذكورة من الأجندة، "بما فيها سوريا وقضايا أخرى، كي نتوصل إلى نتائج ملموسة تمهيدا لهذا اللقاء". وأكد أن رئيسي البلدين سيلتقيان في الشهر القادم في أي حال من الأحوال.
المصدر: نوفوستي
قدري يوسف