وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي يوم الأربعاء، إن بريطانيا بدأت رسميا عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي. وتلقى دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي رسالة إخطار من السفير البريطاني لدى الاتحاد جرى تسليمها بوجود صحفيين لتفعيل عملية العد التنازلي لخروج بريطانيا من التكتل بمقتضى المادة 50 من معاهدة لشبونة التابعة للاتحاد.
وعنونت صحيفة "دايلي مايل" البريطانية صفحتها الأولى بكلمة "حرية!"، معبرة عن سرورها لبدء عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيما رأت صحيفة الـ"غارديان" انها "قفزة في المجهول" الا ان الصحف البريطانية اتفقت جميعها على نقطة واحدة هي الطابع التاريخي لعملية بريكست التي انطلقت اليوم.
وأعربت الصحف الاوروبية عن الأسف لـ"الانفصال الأليم" وتوقعت "ورشة عمل ضخمة" وسنوات طويلة من "الشكوك وعدم وضوح الرؤيا".
وكتبت صحيفة "ذي تايمز" المحافظة تقول "التاريخ يراقبنا"، واصفة عملية الخروج من الاتحاد الاوروبي بأنها "أكبر تغيير سياسي منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي افتتاحيتها كتبت صحيفة "دايلي تلغراف" المؤيدة لبريكست: "لنرفع نخب كل الذين كانوا يحلمون بهذه اللحظة".
وكتبت الصحف المعادية لأوروبا عناوين متباينة كـ"الصن" التي قالت: "اوفر اند آوت" ما يعني ان الامر انتهى، واوردت هذه العبارة فوق صورة لمنحدرات بيضاء في مدينة دوفر التي يبدو وكأنها تتحدى القارة الأوروبية في الجهة المقابلة.
وكتبت الصحيفة على صفحتها الاولى: "لقد حل اخيرا... أهم يوم في تاريخ بريطانيا الحديث. اليوم الذي قالت فيه تيريزا ماي رسميا للاتحاد الاوروبي سنرحل".
أما صحيفة "دايلي مايل" المعروفة بانتقادها الشديد للاتحاد الأوروبي فكتبت كلمة واحدة "حرية" وهنأت رئيسة الوزراء تيريزا ماي على التصدي للهجوم المضاد "من الطبقة السياسية والقضائية المؤيدة للاتحاد الاوروبي" منذ الاستفتاء الذي صوت البريطانيون فيه بنسبة 52% لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي.
وكسائر الصحف اوردت "دايلي مايل" دعوة تيريزا ماي للوحدة المقدسة حول بريكست، في الوقت الذي تهدد فيه طموحات اسكتلندا الاستقلالية والازمة السياسية في ايرلندا الشمالية وحدة المملكة المتحدة.
واعتبرت "الغارديان" أن بريكست "سيضعف الدول الـ27 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي وقد يجر البلاد الى حالة من عدم الاستقرار تستمر لعقد على الاقل". وقالت هذه الصحيفة المعتبرة يسار الوسط والمؤيدة للاتحاد الاوروبي: إن عملية بريكست "قفزة الى المجهول".
من جهتها قالت بأسف صحيفة "الدايلي ميرور" اليسارية المؤيدة لأوروبا، "أيها الاتحاد الأوروبي العزيز حان وقت الوداع". وطلبت من تيريزا ماي "أن تدافع عن مصالح الموظفين البريطانيين عندما تبدأ مفاوضات الطلاق" مع الدول الاعضاء الـ27.
في المانيا أشارت صحيفة "فرانكفورتر الغمايني تسايتونغ" إلى أن "الإنفصال أليم". ومضت تقول: "لا يمكن لأحد أن يؤكد ماذا سيحدث في العامين المقبلين. لكن شيئا واحدا أكيد : لن يكون الأمر سهلا".
اما صحيفة "دي فيلت" الألمانية المحافظة فكتبت بلكنة برلينية في محاولة لمد يدها إلى بريطانيا "نقول للشعب البريطاني العزيز إن الباب لا يزال مفتوحا".
وقالت صحيفة "برلينر تسايتونغ": "إن الاوان لم يفت بعد".
اما صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية اليسارية فتساءلت على صفحتها الاولى "بريكست: بدأنا نفتقدكم منذ الأن! أم لا...؟". وتصورت سيناريوهين لبريطانيا بعد خمس سنوات على عملية بريكست. "في أحسن الأحوال "تسير الأمور بشكل جيد. تنجح عملية بريكست في لندن ويعاد انتخاب ماي في العام 2020 ويستمر النمو وتبقى بريطانيا موحدة". وفي اسوأ الأحوال "تنهار الاوضاع فتضطر لندن التي تجد نفسها مخنوقة اقتصاديا في غياب ايرلندا الشمالية واسكتلندا لأن تطلب مجددا الانضمام الى اتحاد اوروبي مزدهر".
وعنونت صحيفة "الفيغارو" المحافظة: "يوم 29 /03/ 2017 اليوم الذي تودع فيه بريطانيا الاتحاد الأوروبي"، وخصصت صفحتين لـ"رهانات ورشة عمل عملاقة".
وفي إيطاليا قالت صحيفة "لا ستامبا" (يمين وسط): "بريكست يوم الطلاق" وتطرقت إلى اسكتلندا التي تطالب باستفتاء جديد على الاستقلال.
اما صحيفة "لا ريبوبليكا" (يسار وسط) فكتبت: "انشقاق ضد بريكست : اسكتلندا تتحدى لندن منذ الأن".
وقالت ماي للبرلمان "عملية المادة 50 جارية وستترك المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي تماشيا مع رغبة الشعب البريطاني" . وأضافت إن بريطانيا ستسعى للاتفاق على شراكتها في المستقبل مع التكتل.
فبعد تسعة أشهر على التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي، باشرت بريطانيا رسميا الاربعاء عملية بريكست التاريخية للانفصال عن التكتل الذي انضمت اليه بتحفظ قبل 44 عاما، على أن تمتد لعامين من المفاوضات الصعبة قبل الانفصال التام في ربيع 2019.
وتقول ماي "عندما سأجلس إلى طاولة المفاوضات في الاشهر المقبلة، سأمثل كل الناس في المملكة المتحدة، الشباب والمسنين، الاثرياء والفقراء (…) وأيضا المواطنين الاوروبيين الذين اتخذوا من هذا البلد موطنا لهم" وأيضا "نريد جميعا أن نعيش في بريطانيا عالمية تبني علاقات مع اصدقائها القدامى وحلفائها الجدد في مختلف انحاء العالم"، بحسب المقتطفات التي نشرها مكتبها مساء الثلاثاء.
ولا تزال بريطانيا تشهد انقساما كبيرا بين مؤيدي ومعارضي خروج البلاد من الاتحاد الاوروبي الذي أيده 52% من السكان في 23 /06/ 2016.
ونشرت الحكومة البريطانية عند الساعة 21,00 ت غ صورة للحظة توقيع تيريزا ماي على الرسالة التي ستغير مصير بريطانيا. وتبدو فيها رئيسة الحكومة جالسة الى طاولة أمام مدفأة تعلوها صورة لروبرت والبول رئيس الوزراء بين 1721 و1742. وقال مصدر أوروبي انه عندما تسلم رئيس المجلس الأوروبي توسك الرسالة باليد، اعتبر ذلك التفعيل الرسمي للمادة 50 من معاهدة لشبونة، وستكون بريطانيا الدولة الاولى في الاتحاد الأوروبي التي تخرج منه طواعية، بينما يطمح كثيرون للانضمام إليه.
المصدر: وكالات+RT
سعيد طانيوس