مباشر

يوم تحولت موسكو إلى "بحر من نار"!

تابعوا RT على
في الليلة الأولى بعد دخول نابليون بونابرت موسكو، اندلع حريق في المدينة الخاوية. بونابرت كان وقف في على تلة "بوكلونايا" غرب المدينة وانتظر طويلا أن يسلمه الروس مفاتيح عاصمتهم.

انتظر بونابرت أن يأتيه وفد من وجهاء موسكو كي يسلمه مفاتيح الكرملين، كما كان شائعا في حروب أوروبا في تلك الحقبة عند الاستسلام.

لم يأت إليه أحد، وكان ذلك صدمة كبيرة لنابليون والجيش الذي كان يوصف بـ "العظيم". واجه الفرنسيون نوعا من الحرب النفسية لم يتوقعه الإمبراطور الشهير فلم يعد لحملته العسكرية بأكملها أي معنى.

استقبلت موسكو الغزاة بصمت رهيب. وجدت جحافل نابليون المدينة مهجورة لا يُسمع فيها إلا عواء الكلاب. من بين أكثر من 270.000 شخص من سكانها لم يبق إلا ما يزيد قليلا عن 6000 شخص.

كان القائد العام للجيش الروسي المشير ميخائيل كوتوزوف قد اتخذ قرار إخلاء موسكو في 13 سبتمبر، وفي اليوم التالي غادرت القوات الروسية العاصمة ومعها معظم سكان المدينة.

كتب الضابط الفرنسي فانتين دي أودواردز في مذكراته: "في اليوم التالي، في الصباح، انتقل الإمبراطور إلى المدينة المهجورة التي تم إغلاق جميع منازلها... كنا في مزاج أقل بهجة من ذي قبل، وكنا حزينين لأن جميع السكان، الذين توقعنا أن يعيشوا حياة حلوة، قد اختفوا".

ما أن دخل بونابرت وجيشه موسكو حتى انتشرت الحرائق في المدينة واستمرت لعدة أيام وتسببت في دمار ما يقرب من ثلاثة أرباع المدينة.

وصف الرسام والكاتب الروسي المعاصر فاسيلي فيريشاغين مأساة حريق موسكو عام 1812 نقلا عن شاهد عيان بقوله: "كان زاموسكفوريتشي (أقدم حي في المدينة) بحرا حقيقيا من النار. لقد كان مشهدا رهيبا، لمدة 4 أيام كان مشرقا في الليل كما هو الحال أثناء النهار. انتهت الجدران النارية للشوارع بقباب نارية. 14.000 من المنازل أحرقت".

بونابرت نفسه وصف حريق موسكو الذي اندلع يوم دخول قواته المدينة في 14 سبتمبر 1812 واستمر حتى 18 من نفس الشهر قائلا: "لقد كان بحرا من النار، بدت السماء والغيوم مشتعلة. ارتفعت فجأة جبال من اللهب الأحمر مثل أمواج البحر الضخمة، وصعدت إلى السماء المشتعلة ثم سقطت في المحيط الناري. لقد كان أعظم مشهد شهدته البشرية والأكثر رعبا على الإطلاق".

الأوضاع في المدينة وصفها أيضا أرماند دي كولينكور، وكان مرافقا لنابليون قائلا: "في الكرملين، كما هو الحال في معظم القصور الخاصة، كان كل شيء على ما يرام، حتى الساعات كانت تعمل، كما لو كان أصحابها في منازلهم. خيم صمتٌ كئيب على المدينة الخالية من السكان".

ترك سكان موسكو كل شيء وراءهم، ولم يتمكنوا من حمل ممتلكاتهم الثمينة. نهب الجنود الفرنسيون القصور وبيوت الوجهاء ولم تسلم حتى الكنائس، بما في ذلك تلك الواقعة على أراضي الكرملين.

عاث الجيش الفرنسي وكان معظمه يتكون من جنود بولنديين وبروسيين وإيطاليين وإسبان وكروات ونمساويين وبرتغاليين، فسادا في موسكو. أدت مشاكل البحث عن الطعام، وضعف الانضباط، إلى تدهور قوات نابليون وتحولها إلى عصابات مارقة.

انتشر جنود بونابرت في أنحاء المدينة وأشعلوا نيران الطهي حيثما اتفق، وانتشرت فضلاتهم في الشوارع. شهادات ذكرت أن عددا كبيرا من الخيول والأبقار النافقة كانت ملقاة حتى في ساحات الكرملين.

بعد مرور حوالي من 50 عاما، كتب ليو تولستوي في رواية "الحرب والسلام" عن قوات بونابرت التي دخلت موسكو بمرتبة جيش لا يقهر قائلا، وقعت "موسكو، المليئة بالمؤن والأسلحة والقذائف والثروات التي لا توصف في يد نابليون. يبدو أنه لا توجد حاجة إلى عبقرية خاصة للحفاظ على الموقع الرائع الذي كان فيه الجيش الفرنسي في ذلك الوقت. للقيام بذلك، كان من الضروري القيام بأبسط وأسهل شيء: منع القوات من النهب، وإعداد الملابس الشتوية التي ستكون كافية للجيش بأكمله في موسكو، وتجميع المؤن بشكل صحيح للجيش بأكمله.. نابليون، أبرع العباقرة والذين لديهم القدرة على السيطرة على الجيش، وفقا للمؤرخين، لم يفعل شيئا من ذلك".

بونابرت دخل موسكو الخاوية بجيش تعداده 110.000 جندي. أقام في المدينة ستة أسابيع، فقد خلالها 30.000 جندي بسبب الحرائق والأمراض علاوة على هجمات الروس الخاطفة.

لم يعد لوجود بونابرت في موسكو أي قيمة. يئس الإمبراطور نابليون الأول من استسلام الروس والعودة إلى باريس بمفاتيح المدينة فغادر موسكو. قبل أن يفعل أمر بإحراق معظم المباني وتفجير أسوار الكرملين.

أفسد تصميم الروس على مواصلة القتال مهما كانت التضحيات، خطط بونابرت. القائد الروسي المشير ميخائيل كوتوزوف كان تعهد قبل إخلاء المدينة قائلا: "أضمن برأسي أن العدو سيهلك في موسكو".

المصدر: RT

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا