حينها أبحرت حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس كيتي هوك" في بحر اليابان ترافقها ثماني سفن حربية تابعة للأسطول السابع الأمريكي لإجراء مناورات مع قوات كوريا الجنوبية البحرية.
حاملة الطائرات الأمريكية الضخمة وهي بمثابة مطار عائم بسعة 76000 طن، كانت دخلت الخدمة في البحرية الأمريكية عام 1961، وكانت تحمل على متنها ثمانون طائرة نفاثة ومروحية، كما أنها كانت مزودة بأسلحة نووية تكتيكية.
قيادة الأسطول السوفيتي في المحيط الهادئ أرسلت الغواصة "بتروبافلوفسك" التي تحمل الاسم الرمزي "K-314" لمراقبة تلك المناورات التي تجري على مسافة ليست بعيدة جدا عن الاتحاد السوفيتي. هذه الغواصة تعمل بالديزل والكهرباء وكانت مسلحة بطوربيدات عيار 533 ملم، وبطوربيدات أخرى ذات شحنات نووية.

تسللت الغواصة "بتروبافلوفسك" من دون أن تُرصد وتمكنت من متابعة المجموعة البحرية الأمريكية الضاربة لعدة أيام. بسبب ظروف متعلقة بتأخر الاتصال بالقيادة، تخلفت الغواصة السوفيتية كثيرا عن قطع الأسطول السابع الأمريكي واضطرت لاحقا إلى الانطلاق بأقصى سرعة للحاق بها.
حين رصدت أجهزة الكشف الصوتي على متن حاملة الطائرات الأمريكية الغواصة "بتروبافلوفسك"، انحرفت المجموعة البحرية الأمريكية عن مسارها ودخلت في صمت لاسلكي تام، وفقدت الغواصة أثر القطع البحرية الأمريكية. بعد ذلك رصدت السفينة السوفيتية المضادة للغواصات "فلاديفوستوك" حاملة الطائرات الأمريكية وأرسلت إحداثياتها إلى الغواصة.
تمكنت الغواصة السوفيتية "بتروبافلوفسك" من اللحاق بحاملة الطائرات الأمريكية كيتي هوك على بعد 150 ميلا قبالة سواحل كوريا الجنوبية. أمر قائد الغواصة المقدم بحري فلاديمير يفسينكو بالطفو إلى مستوى المنظار، وحينها حدثت المحظور.
تبين أن الغواصة السوفيتية طفت وسط مجموعة السفن الأمريكية التي كانت تبحر بسرعتها قصوى. عند تفحص الأفق، رأي قائد الغواصة السوفيتية الأضواء الجانبية لجاملة الطائرات الأمريكية وهي مقبلة نحوه مباشرة. بعد ثانية وقع التصادم الخطير. الاصطدام ألحق أضرارا بعمود مروحة الغواصة، ما جعلها غير قادرة على الغوص.
تعرضت حاملة الطائرات الأمريكية لأضرار كبيرة هي الأخرى. حدث ثقب بطول أربعة أمتار في قاعها، بمنطقة يخزن فيها وقود الطائرات. اندلقت عدة أطنان من الكيروسين في البحر، لكن لحسن الحظ لم يحدث حريق.
حلقت طائرات أمريكية في سماء المنطقة، والتقط الأمريكيون صورا للغواصة السوفيتية البارزة على سطح البحر. لم تتمكن الغواصة من الإبحار إلى قاعدتها بمفردها، واقتربت منها الفرقاطة الأمريكية "هارولد هولت"، عارضة المساعدة إلا أن طاقم الغواصة السوفيتية رفض.
وصل إلى المكان زورق القطر السوفيتي "إيغورليك"، وسحب الغواصة إلى قاعدتها، فيما توجهت حاملة الطائرات الأمريكية إلى قاعدة بحرية في خليج "سوبيك" بالفلبين، وهناك تبين أنها تضررت في قاعها بحفرة طولها حوالي 40 مترا.
حادث التصادم الخطير، تسبب في وقف قائد الغواصة السوفيتية عن العمل في أعالي البحار، فيما أقال الأمريكيون الضابط المسؤول عن الدفاع المضاد للغواصات في الأسطول السابع.
الغواصة السوفيتية عادت إلى الخدمة في الأسطول البحري السوفيتي بعد إصلاحها إلى أن سحبت منه في عام 1989، في حين سُحبت حاملة الطائرات الأمريكية " كيتي هوك" من الأسطول الأمريكي في 31 يناير 2009، لكن لم يتم إيقاف تشغيلها بصورة نهائية.
الخبير الأمريكي في شؤون الأمن القومي براندون ويخرت، كتب عام 2024 موضوعا بالخصوص بمجلة "ذا ناشيونال إنترست" قائلا إن "حاملة الطائرات كيتي هوك تعرضت على مر السنين لبعض الحوادث المؤسفة. في عام 2007، تعرضت للإهانة من قبل الغواصة الصينية التي تعمل بالديزل والكهرباء من نوع 039، حين اصطدمت بها واقتربت منها أثناء تدريبات. ظهرت الغواصة مرة واحدة في المدى، وبدا أن طاقمها يسخر من الأمريكيين. الولايات المتحدة تدخل بيئة تهديد ديناميكية ومتعددة الأقطاب، ويمكننا أن نتوقع أن تصبح مثل هذه الحوادث في المياه المزدحمة والمتنازع عليها أكثر تواترا".
هذا الخبير الأمريكي حذر من أن "الوضع الدولي الراهن مليء بفرص التصعيد غير المبرر والعواقب غير المقصودة. لقد تم تفكيك الآليات التي ساعدت على احتواء خطر الصراع النووي خلال الحرب الباردة أو توقفت ببساطة عن العمل. من المرجح أن تندلع حرب نتيجة لحادث مماثل لذلك الذي وقع في عام 1984 بين السفينتين بيتروبافلوفسك وكيتي هوك".
المصدر: RT