وتضمنت وثائق الحكومة البريطانية، التي كشفت عنها صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية خطابا من رئيس شركة "بي إيه إي سيستمز" ريتشارد إيفانز، في العام 2004، يطلب من رئيس أركان بلير، جوناثان باول، فتح مناقشات مع القذافي في ليبيا.
وبحسب الوثائق، فقد شملت نقاط المناقشة "شكلا من أشكال مذكرة التفاهم لتغطية مشاريع مدنية وعسكرية في المستقبل". وقد نقل رئيس الوزراء آنذاك طلبات الشركة إلى الحكومة الليبية كجزء من المناقشات بين البلدين، وفقا لتبادل الرسائل الذي أصدره مكتب مجلس الوزراء.
كما تظهر الوثائق مدى قرب العلاقة بين بلير والقذافي. وكانت بريطانيا وقتها تضغط بشكل نشط من أجل رفع العقوبات عن ليبيا، بعد تأكيدات بأن ليبيا قد أنهت برنامجا لتطوير أسلحة الدمار الشامل.
وأشارت رسالة إيفانز، المؤرخة في 22 مارس 2004، إلى أن شركة "بي إيه إي" كانت تعمل مع ليبيا لمدة ثلاث سنوات "في انتظار استئناف العلاقات الطبيعية، مع عقد بقيمة 65 مليون جنيه استرليني لبعض الأعمال الطارئة، بما في ذلك الحركة الجوية والاتصالات".
وتسبق تلك الرسائل زيارة تاريخية أجراها بلير إلى ليبيا في الخامس والعشرين من مارس العام نفسه، حيث التقى القذافي بعد سنوات من اضطراب العلاقات بين البلدين على خلفية حادث لوكربي العام 1988.
وردا على خطاب إيفانز، كتب باول أن "رئيس الحكومة بلير قد أثار الاهتمام بالأمر مع القذافي، وتحدث مع وزير الخارجية الليبي"، مؤكدا أنه "يجري ترتيب كل شيء على الجانب الليبي".
وأضاف باول في خطابه أن "الزيارة كانت ناجحة، ويمكن أن تساعد في تهيئة الظروف لاستثمار أكبر للشركة في ليبيا مع مرور الوقت".
من جهته، قال رئيس الشركة المتخصصة في أنظمة الدفاع إن "القائد كان يسأل باستمرار عن منتجات الدفاع"، لكن الشركة تجاهلت تلك الطلبات بانتظار الحصول على إذن التوريد.
وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض حظرا على توريد السلاح إلى ليبيا في العام 1986 ردا على ما اعتبره دعم ليبيا للتنظيمات الإرهابية. وجرى رفع الحظر في أكتوبر العام 2004 بعد ضغوط مكثفة من قبل بعض الدول الأعضاء بينها بريطانيا وإيطاليا.
وبعد رفع الحظر على ليبيا، حصلت شركة MBDA، حيث تملك شركة "بي إيه إي سيتمز" 37.5% من الأسهم، صفقة مع ليبيا بقيمة 199 مليون جنيه استرليني لتوريد صواريخ مضادة للدبابات وأنظمة اتصالات في العام 2007.
وحسب "فاينانشيال تايمز" خضعت علاقات بلير والقذافي إلى التدقيق في وقت لاحق، بعدما أجبر على الدفاع عن محاولته إجلاء القذافي من ليبيا إبان ثورة العام 2011، ووقتها أكد بلير أنه أجرى مكالمتين أو ثلاث مكالمات هاتفية مع القذافي بهدف إجلائه من ليبيا لتمهيد الطريق أمام انتقال سلمي للسلطة.
وقالت "بي إيه إي سيستمز" يومها: "نلتزم بشكل كامل بجميع قوانين وأنظمة مراقبة الصادرات ذات الصلة ونتمسك بشدة بمبادئنا التجارية المسؤولة، ولا نقوم بالتصدير إلا عندما يكون لدينا إذن للقيام بذلك".
وأضافت: "يجري تقييم جميع طلبات الحصول على تراخيص التصدير بدقة من قبل الحكومات المعنية، وإذا جرى منحها، فإنها تخضع لمراجعة مستمرة"، موضحة أنها لم تناقش المبيعات للعملاء الحكوميين بسبب السرية التجارية واعتبارات الأمن القومي.
المصدر: "فاينانشيال تايمز"