مباشر

الساحل المبتسم و"فجوة القذافي"

تابعوا RT على
بعد أن أخرج بلاده من الكومنولث، أعلن الرئيس الغامبي يحيى جامع في 11 ديسمبر 2015 بلاده دولة إسلامية لتصبح الدولة الثانية في القارة الإفريقية التي تحمل هذه الصفة بعد موريتانيا .

قرار الرئيس يحيى جامع الذي كان وصل إلى السلطة في بلاده بانقلاب عسكري أبيض في يوليو 1994، بجعل غامبيا ذات الغالبية المسلمة جمهورية إسلامية نص أيضا على الاعتراف بحقوق الطوائف الدينية الأخرى في ممارسة عقائدها، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تتوافق مع الهوية والقيم الدينية لبلاده.

الرئيس الغامبي يحيى جامع المثير للجدل والذي يوصف بأنه دكتاتور اضطهد معارضيه كان أعلن قبل ذلك بعامين في 2 أكتوبر 2013 انسحاب غامبيا من دول الكومنولث، التجمع الذي يضم المستعمرات البريطانية السابقة، واصفا إياه بأنه نوع من "الاستعمار الجديد".

في محاولته لاستعادة الجذور الثقافية المحلية وقطع الصلات مع الماضي الاستعماري، أعلن رئيس غامبيا يحيى جامع أيضا في 26 مارس 2014 التحول عن اللغة الإنجليزية واستبدالها بالعربية لغة رسمية للبلاد.

الساحل الإفريقي المبتسم:

غامبيا التي نالت استقلالها عن بريطانيا في 18 فبراير 1965، تعد أصغر دولة في القارة الإفريقية وتبلغ مساحتها 11300 كيلو متر مربع وهي تمتد في شريط ضيق على ساحل الأطلسي الشرقي، وتحدها دولة واحدة هي السنغال من بقية الجهات.

السكان المحليون يلقون على بلادهم بمودة اسم "ساحل إفريقيا المبتسم"، وذلك لأن موقعها على خريطة القارة الإفريقية يشبه الابتسامة التي تقابل من يتوغل في نهر غامبيا.

يعتقد أن هذه المنطقة استقر بها البشر منذ حوالي 2000 عام قبل الميلاد، وأقدم دليل مكتوب عنها كان تركه القرطاجيون الذين وصلوا على نهر غامبيا في ذلك الزمن البعيد.

قامت في منطقة غرب إفريقيا بما في ذلك غرب المنطقة التي تضم غامبيا حاليا في القرن الثالث الميلادي إمبراطورية محلية ازدهرت لقرون طويلة إلى أن جاء الأوروبيون. البرتغاليون كان أول من وصل إلى غامبيا الحالية في عام 1466، ثم اشترى البريطانيون منهم الحق في التجارة في نهر غامبيا وأسسوا هناك الشركة الملكية الإفريقية. كانت تجارة الرقيق مزدهرة في تلك الفترة بهذه المنطقة الغنية أيضا برواسب الذهب.

 استفادت بريطانيا من سيطرتها على منطقة حوض نهر غامبيا بعد حظر تجارة الرقيق في عام 1807. بما أن غامبيا بحكم القانون كانت خاضعة للشركة الملكية الإفريقية فقد تم تصدير آلاف العبيد من هناك بهذا التحايل.

مع توقف تجارة الرقيق تماما في عام 1829، ازدهرت تجارة الفول السوداني في المنطقة وبلغت حصتها من مجمل التصدير بعد عشرين عاما ما يقارب الثلاثة أرباع. حتى الآن لا يزال اقتصاد غامبيا يعتمد على هذا الحصول ولا تزال نسبته كبيرة من الصادرات وتبلغ 40 بالمئة.

أرفع الأوسمة للقذافي:

يحيى جامع الذي خلع بعد عامين من الانقلاب بدلته العسكرية انتخب رئيسا للجمهورية، وأعيد انتخابه في عامي 2006 و2011، حاول التخلص من هذه التركة الاستعمارية الثقيلة فوثق علاقاته بالزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وقلده في عام 2009 بأعلى وسام في غامبيا وحصل في ذلك الوقت من طرابلس على مساعدات مالية عززت اقتصاد بلاده.

الرئيس الغامبي فاجأ الجميع ربيع عام 2011 حين اندلعت انتفاضة ضد نظام القذافي بدعوة حليفه وصديقه إلى التنحي عن الحكم. كانت سلطته هو الآخر في ذلك الوقت ضعيفة وخاصة مع تدهور الوضع الاقتصادي وتزايد الدين العام الذي بلغ ما نسبته 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2014. الخبراء يقولون إن خسارة يحيى جامع للمساعدات التي كان يتلقاها من القذافي تركت فجوة كبيرة في ميزانية غامبيا.

بقيت إجراءات الرئيس يحيى جامع للتخلص من آثار الماضي الاستعماري حبرا على ورق بما في ذلك جعل العربية اللغة الرسمية في البلاد مكان الإنجليزية.

يحيى جامع خسر الانتخابات الرئاسية في عام 2016، إلا أنه حاول الاحتفاظ بمنصبه ورفض نتائجها. تحالف دولي وقف ضده واضطر بنهاية المطاف إلى مغادرة البلاد، فيما ألغى الرئيس الجديد المرسوم بشأن الجمهورية الإسلامية، وعادت غامبيا إلى ما كانت عليه.

المصدر: RT

 

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا