مباشر

"بوليتيكو": فوز ترامب قد يقرر مصير الائتلاف الحاكم في ألمانيا

تابعوا RT على
رجحت صحيفة "بوليتيكو" أن تقرر الانتخابات الأمريكية مستقبل الائتلاف الحاكم في ألمانيا في ظل ما تواجهه حكومة المستشار أولاف شولتس من تحديات.

جاء ذلك وفقا لما أفاد به موقع "بوليتيكو"، الذي تابع أن الائتلاف المنقسم الحاكم في ألمانيا، والمكون من 3 أحزاب، يتأرجح على حافة الانهيار، إلا أن الفوز المحتمل لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، نوفمبر المقبل، من المرجح أن يجبر زعماء الائتلاف على التعثر.

ويواجه زعماء الائتلاف سلسلة من القرارات الحاسمة في الأسابيع المقبلة بشأن قضايا مثل الميزانية الفيدرالية ومشروع قانون شامل لإصلاح نظام التقاعد، فيما يهدد الساسة في الحزب الديمقراطي الاجتماعي اليساري الوسطي الذي يتزعمه المستشار أولاف شولتس والحزب الديمقراطي الحر المحافظ بتفكيك الائتلاف إذا لم تسير الأمور كما يرغبون.

وكانت حكومة شولتس على حافة الهاوية منذ الانتخابات الأوروبية في يونيو الماضي، عندما تعرضت تلك الأحزاب الثلاثة: الديمقراطي الاجتماعي والديمقراطي الحر والخضر، لهزيمة ساحقة. ومنذ ذلك الحين، يسعى زعماء الأحزاب إلى جذب قاعدهم، ما أدى إلى تأجيج المزيد من الصراعات الداخلية وأدى إلى تكهنات بسقوط الحكومة قبل الانتخابات الفيدرالية المقررة التالية بعد أقل من عام.

لكن فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في غضون أسبوعين قد يغير الحسابات السياسية داخل الحكومة الألمانية المنقسمة بشكل حاد.

وقال العضو البارز في البرلمان عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي رالف ستيغنر إن فوز ترامب من شأنه أن يخلف "تأثيرا هائلا"، بما في ذلك إجبار الساسة على مواجهة حقيقة مفادها أن "الاستقرار في ألمانيا أكثر أهمية من أي وقت مضى، وأضاف: "إن الضغوط من أجل ضبط النفس (داخل الائتلاف) ستكون أعظم".

حتى أن البعض في الحزب الديمقراطي الحر، الذي ينظر إليه أنه الأكثر ترجيحا للانشقاق والدعوة إلى انتخابات مبكرة، يشيرون إلى أن الأمور سوف تكون مختلفة إذا انتصر ترامب.

وقال النائب البرلماني عن الحزب الديمقراطي راينهارد هوبن:"في ظل الوضع السياسي الدولي الصعب بشكل عام، لا نستطيع في ألمانيا أن نتحمل الدعوة إلى انتخابات جديدة في وقت أقرب بأي شكل من الأشكال. وإذا زادت الضغوط من الخارج، على افتراض أن ذلك سيحدث في عهد دونالد ترامب، فإني أتصور أن أوروبا سوف تتقارب حينئذ".

على النقيض من ذلك، التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير المالية الألماني وزعيم الحزب الديمقراطي الحر كريستيان ليندنر، الذي هدد مرارا وتكرارا بالانسحاب من الائتلاف الحاكم إذا لم يتخذ شركاؤه اليساريون، الحزب الديمقراطي الاجتماعي والخضر، مسارا أكثر تقشفا على الصعيد المالي.

وقال ليندنر للصحفيين الشهر الماضي: "يجب أن نتحلى بالشجاعة لإشعال ديناميكية جديدة عندما نصل إلى حدود ما هو ممكن".

مع ذلك، لا تزال هناك تصدعات غير قابلة للترميم، فبرغم من أن التوقعات بأن فوز ترامب سوف يلهم زعماء الائتلاف في ألمانيا للمضي قدما، إلا أن الخلافات التي تبدو غير قابلة للحل قائمة بين الأحزاب.

ولا تزال إحدى نقاط الخلاف الرئيسية قضية أزعجت الائتلاف أكثر من مرة: الموازنة الفيدرالية، حيث من المقرر أن يصوت البرلمان الألماني على مشروع موازنة 2025 في الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر، ولكن أولا، يتعين على المشرعين إيجاد طريقة لسد فجوة لا تقل عن 2.4 مليار يورو، وربما أكثر من ذلك بكثير.

ومن المتوقع أن يقدم ليندنر، اليوم الخميس، تقديرات الإيرادات الضريبية لألمانيا لهذا العام وحتى عم 2029. ولكن، وبسبب الأداء الاقتصادي الأضعف من المتوقع لألمانيا، من المرجح أن تكون الإيرادات الضريبية أقل من التوقعات السابقة.

ويقدر الساسة في الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ، أكبر قوة معارضة في البلاد، الفجوة الحقيقة في الموازنة بشعرات المليارات من اليورو.

ولا يوجد اتفاق كبير داخل الائتلاف الحاكم حول كيفية سد هذه الفجوة، حيث يقترح ليندنر وزعماء آخرون من الحزب الديمقراطي الحر تخفيضات في المزايا الاجتماعية، بما في ذلك ما يخص اللاجئين الأوكرانيين، ويريد الحزب الديمقراطي الاجتماعي والخضر مزيدا من الإنفاق لتحفيز النمو الاقتصادي.

والقضية الرئيسية الأخرى التي تختلف حولها أحزاب الائتلاف هي حزمة إصلاحات المعاشات التقاعدية التي من شأنها أن تزيد من مساهمات العمال من أجل الحفاظ على المستوى الحالي من المزايا للمتقاعدين. والواقع أن الحزب الديمقراطي الحر لا يؤيد مشروع قانون الإصلاح.

وقد قال الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر بيجان دجير ساراي إن نظام التقاعد الذي يعتمد على مساهمات أعلى "يعني دخلا إضافيا أقل لدافعي الضرائب، وهو ما لا يمكن أن يكون مفيدا لألمانيا كموقع للأعمال".

وبسبب معارضة الحزب الديمقراطي الحر، أرجأ الائتلاف التصويت على إصلاح نظام التقاعد لفترة طويلة. إلا أن الساسة في الحزب الديمقراطي الاجتماعي، الذي يتزعمه شولتس، يطالبون بإجراء التصويت في أقرب وقت، ويراهن البعض على بقاء الائتلاف على إقرار الإصلاح.

وقال عضو البرلمان عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي تيم كلوسندورف: "لن نمرر الميزانية إلا إذا تم الاتفاق على المعاش التقاعدي مسبقا. ثم سيتعين على الحزب الديمقراطي الحر أن يؤكد على عدم رغبته في الإصلاح، وأعتقد أنها ستكون نقطة زمنية حيث ينسحب الحزب الديمقراطي نفسه أو نطرده. إلا أن هذا سيكون في الواقع أقصى درجات التصعيد".

ومن المقرر أن يصوت البرلمان الألماني على كل من الموازنة وإصلاح المعاشات التقاعدية في الأسابيع التي تلي الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وبحلول تلك النقطة، قد يكون لدى قلة في الائتلاف شهية (للتصعيد الأقصى)".

ومن شأن انتخاب ترامب أن يبشر بفترة من عدم اليقين في أوروبا، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حلفائها الأوروبيين واستمرار الدعم العسكري لأوكرانيا. وقد قال ترامب إنه لن يدافع عن حلفاء "الناتو" ممن يتخلفون عن دفع ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وفي تعليقاته الأخيرة، بدا أنه يلقي باللوم على الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي والرئيس الأمريكي جو بايدن في الأزمة الأوكرانية.

وقال الخبير في العلاقات عبر الأطلسي التابع للمجلس الألماني للعلاقات الخارجية دومينيك تولكسدورف إن انتخاب ترامب "قد يكون بمثابة جرس إنذار للائتلاف كي يجتمع أخيرا" بشأن قضايا السياسة الخارجية الملحة في يومنا هذا.

ولكن، في حال فوز كامالا هاريس بالانتخابات، فإن زعماء الحكومة الألمانية سوف يتنفسون الصعداء، ومن المرجح أن يشعروا بعد ذلك براحة أكبر في العودة إلى التنافس فيما بينهم، وهو ما قد يؤدي إلى نهاية مبكرة للائتلاف.

وقال كلوسندورف، النائب عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي: "إذا فازت هاريس، ومن المفترض بالتالي أن تستمر الولايات المتحدة في كونها مرساة للاستقرار، فقد يكون الناس أكثر استعدادا للمخاطرة عندما يتعلق الأمر بسيناريوهات الخروج".

المصدر: بوليتيكو

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا