صحيفة "الغاريان" كانت كتبت يوم وفاة شارون في 11 يناير 2014 بعد 8 سنوات من الغيبوبة، في نعيه قائلة إن الإسرائيليين يصفونه بـ"الملك" والفلسطينيين بـ "الجزار".
الصحيفة وصفته بالشجاع وبأنه "متهور ولا يرحم"، وضربت مثلا على ذلك بمذبحة "قبية"، مضيفة قولها:"لكل قصة شجاعة كانت هناك نقطة مقابلة أكثر إثارة للقلق. في عام 1953، قاد شارون الوحدة101 خلال غارة انتقامية سيئة السمعة على قرية قبية قتل فيها عشرات المدنيين. كما اتهم بعصيان الأوامر التي دفعت المظليين إلى الوقوع في كمين نصبته القوات المصرية في سيناء خلال أزمة السويس عام 1956، حيث قتل 30 من جنوده".
من بين المذابح الرهيبة التي ارتبطت بشارون، "صبرا وشاتيلا". الغارديان في تلك المناسبة ذكرت أن "لجنة كاهانا التي حققت في مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982 في بيروت، حين سمحت القوات الإسرائيلية لميليشيات الكتائب المسيحية بالدخول إلى مخيمين للاجئين في بيروت لذبح مئات اللاجئين الفلسطينيين، وجدت أن (شارون) كان مهملا شخصيا في عمليات القتل (لتجاهله خطر إراقة الدماء والانتقام وعدم اتخاذ التدابير المناسبة لمنع إراقة الدماء)".
الغارديان مضت في هذا السياق قائلة: "كانت هناك علامات خطيرة أخرى ضده. بصفته وزيرا للخارجية، شجع المستوطنين الإسرائيليين على الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، قائلا: (يجب على كل شخص هناك أن يتحرك، يجب أن يركض، يجب أن يمسك المزيد من التلال، ويوسع الأراضي. كل ما يتم الإمساك به سيكون في أيدينا، كل ما لا نمسك به سيكون في أيديهم). لقد كان مسؤولا في النهاية عن التكتيكات القاسية التي دافع عنها خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي استمرت خمس سنوات والتي بدأت في عام 2000، والتي قتل فيها حوالي 3000 فلسطيني و1000 إسرائيلي".
هذا القائد العسكري والسياسي الإسرائيلي المثير للجدل كان يلقب بـ "البلدوزر"، لشدة معارضته لتقديم أي تنازلات للعرب، وكان كما يقول عدد من الخبراء "مؤيدا لفكرة (إسرائيل الكبرى)، والتي، وفقا لأتباعها، يجب أن تمتد (من النيل إلى الفرات). وقد نفذ كوزير للإسكان في أوائل 1990، أكبر برنامج لبناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة".
صحيفة "ذا تايمز اوف إسرائيل" في تلك المناسبة تحدثت عن المعركة التي شكلت شخصية أرئيل شارون، مشيرة إلى أنها معركة اللطرون مع قوات للجيش الأردني التي جرت بين 25 مايو إلى 18 يوليو عام 1948.
كان شارون يبلغ من العمر حينها 20 عاما وكان يقود كتيبة في تلك المعركة "في التلال على الطريق المؤدية إلى القدس.. كان الممر المؤدي إلى العاصمة، الذي تهيمن عليه بلدة اللطرون والقلعة الصليبية التي تلوح في الأفق على طريق تل أبيب-القدس، تحت سيطرة القوات الأردنية والميليشيات الفلسطينية".
الصحيفة تسرد أن شارون ومن معه كانوا محاصرين، وأن شارون كتب في سيرته الذاتية "المحارب" يقول في لهجة يائسة بعد أن أصيب برصاصة في بطنه وفقد نصف رجاله: "لم يكن هناك خيار. كان علي أن أنقذ القلة التي كانت لا تزال على قيد الحياة. استلقت هناك، يعذبها الألم. القلة التي كانت قادرة على التحرك تساءلت، (هل يجب أن نتركك هنا أيضا؟) نعم، أنا أيضا. رأيت عيون أولئك الذين فروا. احتوت على صدمة وحزن وألم هائل. هذه النظرة ترافقني دائما حتى يومنا هذا".
رواية شارون لما حدث له في معركة اللطرون تقول إنه فقط "أصيب برصاصة في البطن وكاد أن يموت لولا بطولة جندي يبلغ من العمر 16 عاما، تغلب على جراحه، وسحبه عبر حقول القتل في اللطرون إلى بر الأمان".
الرواية الإسرائيلية تقابلها أخرى أردنية للمشير حابس باشا المجالي الذي توفى في عام 2001. المجالي الذي كان تولى منصبي وزير الدفاع، ورئيس الأركان لفترتين في بلاده.
حابس المجالي كان شارك في معركة اللطرون وكان قائدا لكتيبة الأردنية الرابعة ويحمل رتبة نقيب. المشير المجالي كان أعلن أنه تمكن من اسر شارون في تلك المعركة، وقام بإسعافه ونقله إلى الخطوط الخلفية، ثم اقتيد إلى معسكر للأسرى في محافظة المفرق بشرق العاصمة عمان، وجرى تبادله مه آخرين بعد الهدنة الثانية.
شارون كان أنكر هذا الحدث تماما، لكنه طلب في عام 1994 أثناء مراسم توقيع معاهدة السلام مع الأردن مقابلة المجالي. المشير رفض العرض بحزم.
في المحصلة، عالم الاجتماع الإسرائيلي باروخ كيميرلينغ كان لخص نهج شارون السياسي في تعامله مع الفلسطينيين باعتباره عملية قتل سياسي، كان يهدف شارون من خلالها إلى خلق ظروف "تقلل من توقعات الفلسطينيين، وتسحق مقاومتهم، وتعزلهم، وتجعلهم يخضعون لأي ترتيب يقترحه الإسرائيليون، وتتسبب في النهاية في هجرتهم الجماعية الطوعية".
RT