هذا النوع من الصواريخ دفع الغرب منذ عام 1990 إلى أن يحسب لروسيا ألف حساب ما بقيت صواريخ "توبول" على أهبة الاستعداد للانطلاق. هذه الصواريخ كانت دخلت الخدمة العسكرية في 23 يوليو عام 1985، وأحكمت إغلاق الدرع النووي حول الاتحاد السوفيتي وفيما بعد حول روسيا.
المهمة القتالية الأولى لهذه المنظومة الصاروخية كان تولاها فوج فرقة الصواريخ 14 المتمركز بالقرب من مدينة يوشكار – أولا، الواقعة على بعد 910 كيلو مترا إلى الشرق من العاصمة موسكو.
كان سباق التسلح بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة قد انتقل أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات إلى مستوى جديد، بامتلاك البلدين ترسانة نووية صاروخية ضخمة قادرة على التدمير المتبادل. في هذا التوازن للرعب النووي، كان كل طرف يبحث بلا كلل عن نقاط ضعف الخصم.
الخبراء الأمريكيون كانوا يرون أن نقطة ضعف الاتحاد السوفيتي تتمثل في رهانه على صواريخ هائلة القوة تطلق من مواقع ثابتة داخل الأرض، بما في ذلك منظومة صواريخ " آر-36 إم" التي أرعبت قدراتها التدميرية الهائلة الأمريكيين حد تسميتها بـ "الشيطان".
هذه الصواريخ تطلق من منصات ثابتة، وهي متمركزة في مناطق معينة ومحدودة نوعا ما، ما يمثل مخاطرة قد تعرضها لضربة استباقية من الخصم تقلل من إمكانية الاتحاد السوفيتي وقتها على الرد.
في ضوء ذلك، سارعت مراكز الأبحاث المختصة في الاتحاد السوفيتي منذ عام 1975 إلى البحث عن حلول تعزز قدرات الردع النووي السوفيتية. جرى تطوير صواريخ "توبول" على أساس "آر تي – 2"، وهو صاروخ باليستي سوفيتي عابر للقارات يعمل بالوقود الصلب.
جهود شاقة أثمرت عن صاروخ باليستي هائل القوة من ثلاثة مراحل، مزود برأس حربي، وعربة تحمله ما يجعله قادرا على تغيير موقعه باستمرار، ليكون بعيدا عن الاستهداف. هذا الصاروخ أصبح السلاح الذي يعطي قدرة موثوقة للاتحاد السوفيتي للرد بضربة انتقامية إذا تعرضت أراضيه لهجوم نووي.
مجمع صاروخ توبول، والاسم يعني "شجرة الحور"، بعتاده الكامل يزن حوالي 45 طنا. هذا الصاروخ قادر على تغطية مسافة 10000 كيلو متر، ويحمل رأسا حربيا بسعة 0.55 طن.
صاروخ "توبول" لا ينافس "الشيطان" من حيث القوة الهائلة، وذلك لأن مهمته مختلفة وهي البقاء في حركة دائمة والرد بضربة انتقامية إذا ما دعت الضرورة.
ظروف عديدة زادت من أهمية هذا السلاح منها أنه دخل الخدمة القتالية عمليا في أصعب الأوقات حين كانت البلاد تتفكك والفوضى تعم ، وكان الكثيرون يعتقدون أن إملاء الشروط على روسيا حينها سهل. صواريخ "توبول" ساهمت في تلك الظروف القاسية في ردع الأعداء وصون السيادة الوطنية.
لم تتوقف الصناعات الصاروخية الروسية عن التطور، وتم تصنيع نظام صواريخ "توبول – إم" الاستراتيجي العابر للقارات، ودخل الخدمة القتالية في 30 ديسمبر 1998.
صواريخ "توبول" زاد عددها وبحلول عام 1997 بلغ 386 وحدة منتشرة، وكان بمثابة السلاح الرئيس الذي يعتمد عليه في توجيه ضربة انتقامية.
لاحقا تم استبدال صواريخ "توبول" بأجيال جديدة من منظومات الصواريخ طرازي "توبول – إم" و"يارس". بهذين الطرازين زادت مناعة روسيا النووية وقدرتها على الرد بضربة انتقامية وردع خصومها.
المصدر: RT