وصل الوضع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بعد العملية المفاجئة "طوفان الأقصى" ورد إسرائيل بإعلان الحرب لأول مرة منذ نصف قرن إلى "نقطة الغليان"، الأمر الذي عكسته التصريحات الرسمية الإسرائيلية العنيفة والتي تجاوزت كل الحدود.
من أمثلة ذلك أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت صرح قائلا : "نحن نحارب حيوانات بشرية"، التوصيف ذاته صدر أيضا عن جلعاد إردان، المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة، وزاد عليه بالقول: "لقد انتهى عصر المفاوضات مع هؤلاء المتوحشين. الآن هو الوقت المناسب لتدمير البنية التحتية الإرهابية لحماس، ومحوها تماما"، واصفا ما جرى بأنه بمثابة 11 سبتمبر للإسرائيليين.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقد تعهد بتحويل "كل الأماكن في هذه المدينة الشريرة التي تختبئ فيها حماس إلى أنقاض.. ستستغرق هذه الحرب وقتا وستكون صعبة".
في هذا الخضم من التصريحات الإسرائيلية النارية والعنيفة على خلفية القصف الصاروخي من غزة وعملية عبور الجدار المحصن واقتحام مواقع إسرائيلية في منطقة الغلاف الحدودي ونقل رهائن إسرائيليين إلى القطاع، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة تل أبيب إيمانويل نافون أن عملية كبيرة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة أمر لا مفر منه في أغلب الاحتمالات، وأن شن الجيش الإسرائيلي عملية برية في غزة، أمر محتمل جدا "لا أرى كيف يمكن لإسرائيل أن تدمر حماس حقا دون إجراء عملية برية. حتى لو كانت (العملية) لا تغطي قطاع غزة بأكمله، ولكن جزءا منه.. كما يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يتأكد من أن هذه المنظمة وجميع قياداتها قد أبيدت وأن الهجمات التي لا نهاية لها على السكان المدنيين الإسرائيليين لن تتكرر أبدا. لذا نعم، من المحتمل جدا إجراء عملية برية".
نافون شدد في تصريحات صحفية أن تاريخ إسرائيل انقسم الآن "إلى ما قبل وبعد 7 أكتوبر، هذه نقطة تحول أكثر من حرب يوم الغفران".
وعن إمكانية أن يتطور الوضع إلى حرب كاملة بين إسرائيل وإيران، ذكر الأكاديمي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون السياسية أن "إيران هي المصدر الرئيسي للتكنولوجيا والأسلحة والمال. وهذا هو السبب في أن إيران هي التي تضع إصبعها على الزناد عندما يتعلق الأمر بهذين الوكيلين"، ويعني حماس وحزب الله، وبالتالي رأى أن المنطقة على شفا حرب واسعة.
وفي هذا السياق، صرح نافون بأن الولايات المتحدة على الأرجح ستشارك أيضا في هذه الحرب، موضحا الاستقطاب الدولي في هذه الوضاع على الشكل التالي:
إسرائيل في شكلها الحالي لديها بالفعل أقوى جيش في الشرق الأوسط، على الرغم من تعرض الجيش الإسرائيلي للإذلال الشديد من قبل حماس، إلا أنه لا يزال أقوى جيش ولديه أقوى إمكانات عسكرية في المنطقة.
لإسرائيل حليف عسكري، هي الولايات المتحدة، لكنها تحافظ أيضا على علاقات عسكرية وثيقة مع الدول الأوروبية الكبرى وتجري تدريبات عسكرية منتظمة معها. لذلك في حالة المواجهة، قد تعتمد إسرائيل على ألمانيا وبريطانيا العظمى وفرنسا وإيطاليا.
من جهته، يؤكد الخبير في شؤون الشرق الأوسط ويليام ويكسلر، أن جميع الأوضاع تغيرات بعد ما جرى، لافتا في مقالة بهذا الشأن إلى أن "حماس أثبتت أنها أكثر طموحا من الناحية العملية وقدرة تكتيكية مما كان متوقعا. من الناحية النسبية، تمثل الخسائر التي تكبدتها إسرائيل ضربة أقوى من تلك التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر".
ويكسلر عبر عن قناعته بأن الرد العسكري الإسرائيلي سيعكس هذا الواقع الجديد، وأن "العمليات البرية ستصاحبها ضربات جوية.. والنتيجة المحتملة ستكون تدهورا كبيرا لحماس ودمارا كبيرا في قطاع غزة. وكما تبين أن 11 سبتمبر كان خطأ استراتيجيا طويل الأمد بالنسبة لتنظيم القاعدة، فإن 8 سبتمبر سيكون على الأرجح بمثابة نفس الخطأ الاستراتيجي بالنسبة لحماس".
المصدر: RT