مباشر

"الشيطان" يهاجم "قوس قزح"!

تابعوا RT على
كان الوقت ليلا وكانت سفينة "قوس قزح المحارب" راسية في ميناء وايتيماتا في أوكلاند  بنيوزيلندا وعلى متنها طاقم مكون من 11 شخصا. هجع البعض للنوم فيما فضل آخرون السهر والسمر.

السفينة هذه لم تكن تستعد لرحلة سياحية لكنها كانت في مهمة، وحتى اسمها "قوس قزح المحارب" ينبئ عن ذلك.

وصلت "قوس قزح" إلى نيوزيلندا فتعكرت العلاقات الحميمة بينها وفرنسا بشكل حاد، لأنها فتحت ذراعيها لمنظمة "السلام الأخضر" لتنظم سلسلة احتجاجات ضد خطط باريس لإجراء تجارب نووية في "موروروا أتول"، وهي جزيرة مرجانية توجد ببواينيزيا الفرنسة في جنوب المحيط الهادئ

فيما كانت تومض الأضواء في أرجاء من السفينة ليلة العاشر من يوليو عام 1985، فجأة انطفأت الأنوار وتحطم بصوت حاد زجاج في مكان ما من السفينة.

كان من تبقى مستيقظا من الطاقم في حالة من المرح والاسترخاء ولم يدر في خلد أي منهم أن يتربص بهم خطر ما في هذا الوقت.

كان ذلك بفعل انفجار قنبلة في السفينة، الأمر الذي جعل أفراد الطاقم يتدافعون في هرج ومرج مما يجري. من هؤلاء، المصور البرتغالي فرناندو بيريرا الذي كان لتوه احتفل بعيد ميلاده الخامس ولثلاثين.

فيما اندفع أعضاء منظمة "السلام الأخضر" إلى البحث عن الأمن خارج السفينة، مضى المصور بيريرا على مقصورته. كان يود ربما حمل كاميراته الثمينة معه، لكن لسوء الحظ، في ذلك الوقت، قبل دقائق من منتصف الليل انفجر لغم ثان. الانفجار دفع بالمصور في الماء ليموت غرقا قبل أن يصل إلى مقصورته.

مالت السفينة "قوس قزح المحارب" بشدة ثم غمرتها المياه وأغرقتها. تضرر الهيكل بشدة ولم تعد السفينة قابلة للإصلاح. دفع بالحطام على الشمال وأغرقت مجددا في خليج ماتوري في نيوزيلندا، لترقد "قوس قزح المحارب" بين الشعاب المرجانية وتصبح بيتا للأسماك. فيما بعد ظهر فوق هذا الخليج نصب تذكاري من الخرسانة المسلحة والحجارة للسفينة الغارقة.

تفجير سفينة قوس قزح المحارب" وما نجم عنه من مقتل أحد أفرادها وغرقها تسبب في فضيحة دولية زادت من تفاقم العلاقات بين نيوزيلندا وفرنسا في ذلك الوقت.

الحكومة الفرنسية بدورها نفت في البداية أن تكون متورطة في هذه العملية، إلا أن الكشف السريع عن ملابسات ما جرى، أجبر رئيس الوزراء الفرنسي حينها على الاعتراف.

من سوء حظ فرنسا أن رجلين رصدا عشية التفجير قاربا مطاطيا وشاحنة مريبة من دون لوحة أرقام في موقع قريب.

المعلومات القليلة التي وصلت مكنت الشرطة المحلية من المضي قدما في تحقيق أوصلهم على جهاز الاستخبارات الخارجي الفرنسي، كما جرى تحديد واعتقال عميلين فرنسيين تظاهرا بأنهما سائحين وقاما باستئجار شاحنة.

هذان العميلان هما آلان مافارت ودومينيك بريور، وهما رجل وامرأة، الوحيدان اللذان أدينا في هذه الجريمة، واعترفا بالذنب في جريمة قتل غير متعمد والتسبب في الضرر العمدي وحكم عليهما بالسجن 10 سنوات.

علاوة على ذلك تم  الكشف عن أن عملاء آخرين من إدارة أمن الدولة الفرنسية قد وصلوا إلى نيوزيلندا على متن اليخت "أوفيا"، إلا أن هذه المجموعة تمكنت من الإفلات من الاعتقال، فيما يعتقد أن 13 عميلا لجهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي قد شاركوا في هذه العملية التي أطلق عليها اسم "الشيطان".

الفضيحة تسببت في استقالة وزير الدفاع الفرنسي تشارلز إرنوكس والرئيس التنفيذي للمديرية العامة للأمن الخارجي، آي بيير لاكوست.

بعد وساطة للأمم المتحدة، أعلن أمين عام المنتظم الأممي وقتها خافيير بيريز دي كوييار أن الفرنسيين يتوجب عليهم دفع 13 مليون دولار لنيوزيلندا، والاعتذار والتوقف عن محاولة مقاطعة منتجات هذا البلد، وفي المقابل أطلقت نيوزيلندا سراح العميلين الفرنسيين اللذين أطلقت السلطات الفرنسية سراهما بعد عامين ما اثار استياء النيوزيلنديين.

أما منظمة السلام الأخضر، فقد هددت بمقاضاة الحكومة الفرنسية، وجرى تأسيس محكمة تحكيم دولية لحل النزاع، تمخضت عن أمر للحكومة الفرنسية بدفع تعويضات في المجمل بقيمة 8.1 مليون دولار لمنظمة السلام الأخضر.

الحكومة الفرنسية قيل إنها لم تعتذر لأسرة المصور الذي لقي مصرعه في التفجير، لكنها عقدت تسوية معها دفعت بموجبها مبلغا لم يتم الكشف عن قيمته، وبذلك طويت تلك المعركة بين "الشيطان" و"قوس قزح".

المصدر: RT

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا