"جلعاد شليط" كان غافيا بجانب دبابة "ميركافا" فجر 25 يونيو عام 2006، وفجأة استيقظ ووجد نفسه وجها لوجه مع مقاتلين من غزة، ولم يكن أمامه من خيار إلا رفع يديه والاستسلام.
كان هذا العسكري الإسرائيلي ويحمل رتبة عريف يحرس في ذلك الوقت نقطة تفتيش قرب كيبوتس كرم أبو سالم على الحدود مع قطاع غزة معززة بالدبابات.
بحسب تعليمات الجيش الإسرائيلي القتالية كان يتعين على كل اثنين من أطقم الدبابات في تلك المنطقة الخطرة أن يبقيا مستيقظين، وينام اثنان آخران، إلا أن الجنود هناك تعودوا أن ينام ثلاثة منهم ويبقى واحد فقط مستيقظا.
تقول رواية إسرائيلية إن سلاح الاستطلاع حذر الجنود مع بدء الهجوم الفلسطيني إلا أنهم لم ينصتوا واعتمدوا على تعليمات قادتهم المباشرين.
انصبت في البداية قذائف الهاون على تجمع الدبابات بنقطة الحراسة الإسرائيلية، ثم تقدم مقاتلو حركة حماس بعد أن تسللوا عبر نفق من القطاع، وفاجأوا بشكل كامل الجنود الإسرائيليين الذين شلت حركتهم.
في الهجوم، دمرت ناقلة جنود بعبوات ناسفة، وأصيبت إحدى دبابات "ميركافا" بقذيفة "أر بي جي"، وتجارى الجنود الإسرائيليون فيما كان أحدهم ينام بالقرب من عربة مدرعة.
ذلك العسكري يدعى جلعاد شليط ويبلغ من العمر 20 عاما، وهو من أصبح في وقت لاحق بطلا في عيون الإسرائيليين.
الهجوم المباغت أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة أربعة آخرين، وحين حاول العريف في سلاح الدبابات جلعاد شليط الهرب سمع صرخات تطالبه بالاستسلام. انصاع للأمر ولم يبد أي مقاومة. اقتيد عبر النفق إلى غزة وهو يعاني من جروح طفيفة في كتفه وكسر في ذراعه اليسرى، وبدأت رحلته الطويلة مع الأسر والشهرة.
جلعاد شاليط ولد في 28 أغسطس 1986 في بلدة متسبيه هيلا، الواقعة بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وهو يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والفرنسية.
شاليط استدعي للخدمة العسكرية الإلزامية في يوليو 2005 بعد أسابيع من انتهاء تعليمه الثانوي، واختار بنفسه الخدمة في سلاح الدبابات.
بعد أسر العريف جلعاد شاليط نفذت القوات الإسرائيلية ليلة 28 يونيو 2006، عملية عسكرية في قطاع غزة لاستعادته إلا أنها باءت بالفشل، وسرعان ما انطلقت عملية مفاوضات طويلة بوساطة ألمانية مصرية، لم تكتمل إلا في أكتوبر عام 2011.
انطلقت فور أسره حملة دعائية قوية في المجتمع الإسرائيلي على الأرض وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت صور جلعاد شاليط ومجسمات ورقية له في الشوارع، وطيلة سنوات نظمت مسيرات في الشوارع تدعو لإطلاق سراحه انضم إليها نجوم إسرائيليون وأجانب، بالتوازي مع دعوات مماثلة من قبل سياسيين على مستوى العالم، فيما بذل والداه أفيفا ونعوم جهودا كبيرة في كل مكان بما في ذلك من خلال الاعتصام في خيمة قرب منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي، من أجل استعادة ابنهما، مدعومين بمساندة أغلبية الإسرائيليين الذين بلغت نسبتهم 79 بالمئة بشأن صفقة استبداله بأكثر من ألف فلسطيني.
الإسرائيليون انقسموا في البداية بين مؤيد ورافض لمثل هذا الاتفاق، وأرجع الرافضون موقفهم إلى خشيتهم من تفاقم الوضع الأمني بتشجيع "حماس" والمنظمات الأخرى على تنفيذ هجمات أخرى مماثلة، إلا أن المتعاطفين مع شاليط كانوا الأكثر، وأصبح من الشائع الحديث عنه على أنه ابن إسرائيل وابن الجميع، وحين اكتملت صفقة التبادل وأطلق سراح الأسير الإسرائيلي أقيمت الاحتفالات واستقبل كبطل.
لم تنطفئ شهرة جلعاد شاليط، وتواصل الاهتمام به وبأخباره واهتم حتى سكان قطاع غزة بنبأ زواجه في عام 2020.
في ذلك الوقت لم يعد شاليط جنديا إسرائيليا في الخدمة بعد أن تم تسريحه في أبريل عام 2012 وهو برتبة رقيب أول. اختار لنفسه مهنة جديدة وأصبح صحفيا رياضيا، وهكذا بالصدفة دخل التاريخ.
المصدر: RT