وأشارت غولنيشيفا، في محاضرة لها خلال منتدى "فالداي" حول موضوع "سوريا: منتصف الطريق نحو الحضن العربي" المكرسة لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية إلى: "أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية نتيجة عملية سياسية دبلوماسية طويلة وجهود العديد من اللاعبين. إذا ارتقينا إلى المرحلة التالية من التعميم، يمكن القول إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية هي عملية تبيّن التوجهات المركزية الجاذبة في إطار المجتمع الحضاري العربي".
كما أكدت الأستاذة في جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية أنه: "سوف يتكون العالم متعدد الأقطاب من مجتمعات حضارية، أحدها العالم العربي. كلما كانت هذه الأقطاب متماسكة، كلما زادت الفرص المتاحة لها للتحدث بصوت واحد والتعبير عن أماني السكان الذين يمثلونهم. كان ذلك أفضل للنظام العالمي كله. وستكون مساهمتها في تطوير وتوجيه العمليات العالمية أكثر أهمية. وسيكون قسطها أكثر في الجهود المشتركة المتعلقة بتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب. وعودة سوريا إلى الأسرة العربية مثال على ذلك. لا شك في أن هذا سيكون لصالح منطقة الشرق الأوسط كلها".
وأوضحت غولنيشيفا: "عندما بدأت عملية القوات الجوية الفضائية الروسية في سوريا في عام 2015، نشرت الصحافة الغربية سلسلة كاملة من المنشورات المكرسة لهذا الحدث. كانت فكرتها الرئيسية ما يلي: أولا، ارتبطت سوريا بإيران بشكل كامل ولن تعود إلى العالم العربي، وثانيا، وقفت روسيا نهائيا إلى جانب إيران وسوريا، ولن يتم قبولها أبدا من قبل حكّام بلدان الخليج السنيين. لعلكم ترون مستوى التعاون الاستراتيجي الذي وصلت إليه علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والدول الأخرى. ماذا يعني هذا؟ يعني أن نهج السيادة، وأقصد الذي تنتهجه روسيا وسوريا على السواء، والذي يهدف إلى الدفاع عن المصالح الوطنية التي صيغت بشكل صحيح ومفهومة بشكل صحيح، إن هذا النهج سيحقق النجاح عاجلا أم آجلا".
وأضافت: "سوريا من هذه الناحية دولة ذات سيادة راسخة. لا تستطيع جميع الدول التباهي بذلك. سوريا مقاتل عنيد وقوي للغاية، لقد تمكنت من الذود عن سيادتها وصمدت في مثل هذه "الحرب الهجينة"، وليس ضد بلدان الغرب الجماعي فقط. تتذكرون عدد الدول التي انضمت إلى ما يسمى "بمجموعة أصدقاء سوريا"، إنها أكثر من مئة دولة. لو نظرتم الآن إلى هذه القائمة، سترون أن معظم الدول التي انضمت في البداية إلى هذا "التحالف المناهض لسوريا"، استعادت علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وتتعاون معها".
كما قالت غولنيشيفا: "أعتقد أن الخطوة التالية المستحسنة بالنسبة لسوريا هي التخلص نهائيا من أي آثار للنفوذ الغربي، فالغرب لا يريد أي خير للسوريين. ولا يريد الإسهام بأي قسط جيد في تطوير كيان الدولة السورية".
وأردفت: "من الضروري إلقاء نظرة فاحصة أخرى على عمل مختلف الوكالات الإنسانية الغربية المدافعة عن حقوق الإنسان في سوريا. يجب تحليل جدول الأعمال الذي تأتي به إلى البلد. ما الذي يمكنها فعلا القيام به وأي مساعدة يمكن تقديمها؟ أم أن الأمر يتعلق بشكل أساسي بجمع المعلومات من جانبها. هذه مسألة مهمة، تتعلق بالسيادة. من الضروري النظر باهتمام إلى من سيأتي وإلى الاقتراحات التي سيتقدم بها في مجال إعادة البناء، لأن هذه العملية يمكن أن تكون مشوبة بطابع سياسي، والمساعدات الإنسانية تكون مشروطة سياسيا".
وأضافت أنه "من الضروري إعادة النظر في وجود الأمم المتحدة، إذ على الرغم من اشتراك الحكومة السورية في جميع جولات المفاوضات بين الأطراف السورية، إلا أن هذه العملية لم تحقق نتائج حقيقية، بينما أعطت منصة أستانا نتيجة سياسية حقيقية، فضلا عن أن المفاوضات مع اللاعبين الإقليميين المتعلقة بإنشاء "مناطق خفض تصعيد النزاع" وإعلان نظام وقف العمليات الحربية وغير ذلك".
ولفتت غولنيشيفا أنه: "لا يمكن ألا يثير مشاعر الفرح، الدورُ المتزايد للعرب والعالم العربي في استقرار الوضع نهائيا في سوريا، حيث أذكر جيدا المجموعة الدولية لدعم سوريا التي اجتمعت في جنيف على شكل مجموعات فرعية لوقف إطلاق النار وتقديم المساعدة الإنسانية. وأذكر كيف عرقلوا عمل العرب المشاركين من المملكة العربية السعودية والعراق والأردن والإمارات العربية المتحدة والجزائر ولبنان ودول أخرى. إذ لم تسمح لهم بالكلام بلدان "مهمة" للتسوية السورية مثل اليابان والنرويج وأستراليا. يجب ألا يحدث مثل هذا الشيء. يجب ألا نعيش في عالم المرايا المشوّهة. إن سوريا بلد عربي وجزء من العالم العربي، والعالم العربي بالذات يجب أن يساعد سوريا بالدرجة الأولى في حل مشاكلها بطلب من حكومتها".
واختتمت بالقول: "إن تقليص الوجود العسكري والسياسي والاقتصادي وأي وجود آخر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، كما هو الحال في مناطق العالم الأخرى، سيكون له تأثير مفيد و"علاجي". من المهم جدا أن تتخلص جميع بلدان المنطقة من الاعتماد العسكري والسياسي والمالي الخطر على الولايات المتحدة. إذ تسمح مثل هذه التبعية الخطرة للكتلة الأنغلوساكسونية بالتلاعب والضغط والتهويل وتتعارض مع السيادة الحقيقية".
المصدر: RT