مباشر

ماريا خودينسكايا غولنيشيفا: مفهوم جديد لسياسة روسيا الخارجية يمثل نهجا استراتيجيا للتعددية القطبية

تابعوا RT على
أكدت نائب مدير إدارة تخطيط السياسة الخارجية الروسية ماريا خودينسكايا غولنيشيفا، أن مفهوم السياسة الخارجية المحدّث يصيغ مصالحنا ويحدد شكلا لعالم متعدد الأقطاب ونرغب به.

وأشارت غولنيشيفا، في محاضرة لها خلال المنتدى الدبلوماسي "روسيا-360"، إلى أن وثيقة مفهوم السياسة الخارجية تمت بالفعل إعادة صياغتها وبشكل معمّق، حيث يمكن أن تصبح هذه الوثيقة مثالاً على نهج الاستراتيجية الروسية المحدّثة.

رؤيتنا لعالم متعدد الأقطاب

وقالت: "من المهم أن هذا المفهوم ولأول مرة يصيغ المصالح الوطنية لروسيا، ويحدّد شكل العالم الذي نرغب في رؤيته، والذي نسعى نحوه. بالنسبة لنا، هذا عالم متعدد الأقطاب. ولأول مرة، تم تداول النهج الحضاري فيه. وجهة النظر هذه، تَفترض أن الدول والمجتمعات الحضارية ستلعب دورا رئيسيا في بناء نظام عالمي متعدّد الأقطاب، وتشكيل بنية عالمية أكثر ديمقراطية وعادلة".

ولفتت نائب مدير إدارة تخطيط السياسة الخارجية بوزارة الخارجية الروسية، إلى أن هذه المجتمعات الحضارية هي روسيا والصين والعالم العربي والأمة الإسلامية والهند وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي والغرب الجماعي في أبعاده القارية الأنغلو -ساكسونية والأوروبية.

نحن لاعب أوروبي آسيوي رئيسي

وأردفت: "هؤلاء اللاعبون هم الذين سيشكلون العالم المتعدد الأقطاب. ويمكن للمجتمع الحضاري أن يعبر عن تطلعاته الجماعية، ويتحدث عن مشاكل الشعوب التي تسكنه، ويتحدث بصوت واحد. روسيا، وبدون شك- هي دولة حضارة. وتسير في طريقها الخاص. نحن لاعب أوروبي آسيوي رئيسي، نحن كيان مكتفٍ ذاتيا وله مصالحه الوطنية وفهمه الخاص للمستقبل. نحن نقطة تجمع في الفضاء الأوراسي الشاسع، ولاعب جيوسياسي مسؤول".

وجهنا إلى جنوب وشرق العالم

وبيّنت أن الدورة التاريخية خلال السنوات الـ30 الماضية اكتملت، والآن روسيا، ككيان مكتف ذاتيا، ستحدّد موقعها في العالم بطريقة مختلفة تماما. سندير وجهنا إلى جنوب وشرق العالم. مع الأخذ في الاعتبار، أننا في صراع مع الحضارة الغربية فقط، بينما لدينا علاقات بناءة وودية مع البقية.

شبكة من الشراكات المستدامة

وعن الشرق الأوسط ودول الخليج العربي، أعلنت أنه لا يزال في مركز اهتمامنا. "تحظى هذه المنطقة باهتمام أولوي من قبلنا، كجزء من تنفيذ مفهوم السياسة الخارجية. ويتم بناء شبكة وشراكات مستدامة. أود هنا أن ألفت انتباهكم إلى المفهوم الروسي للأمن الجماعي لمنطقة الخليج، والذي يهدف إلى توصل دول المنطقة بشكل مستقل إلى نموذج يضمن أمنها. نشهد جهودا من قبل جمهورية الصين الشعبية في التوسط بنجاح بين المملكة العربية السعودية وإيران".

وقالت: "كل هذا له تأثير شاف على المنطقة ككل، وفي نفس الوقت يصبح مثالا على حل الخلافات في إطار نظام متعدد الأقطاب. وسأذكر كمثال على ذلك وساطة روسيا في وضع خارطة طريق لتطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا. ترون أن اللاعبين غير الغربيين قد بدؤوا في لعب دور رئيسي في هذه العمليات. وهنا يُمكن أن نذكر عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية".

"العربي" و"العربي الإسلامي" وتطلع نحو التبلور كمجتمع مستقل

واعتبرت أن هذا هو أهم مؤشر على أن العالم العربي والعالم العربي الإسلامي- على نطاق أوسع، يتطلعان إلى التبلور والتشكل كمجتمع حضاري مستقل سيتحدث في النهاية – وبدأ بالفعل بالحديث - بصوت واحد. هذا مُهم لاستقرار النظام العالمي. وستواصل روسيا تقديم الدعم لهذه العملية".

كما شددت على أن الشرق الأوسط متواجد دائما في مركز الاهتمام الروسي. لأنهم يتذكرون الاتحاد السوفيتي هناك، ويتذكرون بامتنان المساهمة التي قدمها الاتحاد السوفيتي لتعزيز كيان الدولة، وضمان الأمن، وإنشاء بنية تحتية مستدامة في المنطقة. إنه "الأساس" الذي يُمكن أن يُبنى عليه الكثير.

عززنا علاقاتنا مع السعودية والإمارات والبحرين ودول أخرى

وتابعت غولنيشيفا: "انظروا كيف تعززت علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ودول أخرى في المنطقة منذ عام 2015. لماذا؟ لأن روسيا أظهرت للعالم أجمع أنها لن تقف جانباً وتراقب الغرب بصمت، مستمتعا بشعور التسامح وبدون عقاب يدمر دولة عربية أخرى. دولة علمانية مستقرة - ببساطة لأن أحدا ما لم يُعجَب بقائدها. لقد فعلت روسيا الكثير من أجل سوريا".

وقالت: "أولاً، ساهمت في الحفاظ على الدولة. ثانياً، كسرنا ظهر الإرهاب في سوريا وقدمنا مساهمة كبيرة في استقرار المنطقة بأسرها. شهدت دول منطقة الخليج العربي ودول الشرق الأوسط، مثالا ملموسا على أنه بإمكان روسيا فعلاً الدفاع عن المصالح الوطنية والمساهمة في استقرار المنطقة، باستخدام جميع الأساليب المشروعة. والعملية العسكرية في سوريا شرعية تماما لأنها تتم بطلب من الحكومة السورية".

موقف الدول العربية من العملية العسكرية الخاصة

وفي خصوص العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، أكدت أن موقف العديد من الدول العربية تجاه هذه العملية العسكرية يختلف تماما عمّا يحاول الغرب إظهاره. وأنه لا يتم النظر إليها على أنها حرب بين روسيا وأوكرانيا، وإنما على أنها صراع من أجل العدالة.

واستدلت في قولها هذا بحقيقة أن العالم العربي، كمعظم دول الشرق والجنوب، لديه تجربة مريرة للغاية مع الاستعمار..

وخلصت في هذا الجانب إلى أن الكثيرين يربطون بدء العملية العسكرية الخاصة بآفاق بناء نظام عالمي ديمقراطي متعدد الأقطاب.

ظهور روسيا كمركز سيادي للسلطة

ولفتت الأستاذة في جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية إلى مسألة تحول روسيا نحو الشرق وأن لهذا تأثيرا جدّيا على السياسة العالمية. "فهذه صورة ضخمة ومترابطة. انظروا، على سبيل المثال، إلى المجموعات التي تشارك روسيا فيها "بريكس" و"منظمة شنغهاي للتعاون"... مبينة أن العديد من الدول فيها تسعى لأن تصبح شريكة إما عبر الحوار أو أعضاء في هذه المجموعات.

واختتمت: "مما لا شك فيه أن ظهور روسيا كمركز سيادي للسلطة، وإمكانية وقدرة بلدنا على الدفاع عن مصالحه الوطنية كل هذا يؤثر على الجغرافيا السياسية بأكملها، ويلعب دورا رئيسيا في إنشاء هذا البنيان العالمي الجديد".

المصدر: RT

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا