وريتشارد فولانج (اسم مستعار) صاحب المذكرات بعنوان "الجاسوس: 44 سنة في الإدارة العامة للأمن الخارجي" والذي سيخرج للأسواق في الـ11 من الشهر الجاري، قضى عشر سنوات في الأرشيف، وثلاث سنوات في قسم أوروبا، وعشرون عاما في "القطاع N" - خدمة إفريقيا في المديرية العامة للأمن الخارجي، بما في ذلك خمسة عشر عاما في جمهورية إفريقيا الوسطى وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وضمن أنشطته السرية، احتفظ فولانج بعشرات الصور التي ضمنها في كتابه، كاشفا بذلك الوجه الخفي والعلاقات المضطربة لفرنسا مع مستعمراتها السابقة، من خلال مجموعة من الأحداث التي كان شاهدا عليها أو مشاركا وفاعلا فيها.
وفي حوار أجرته معه صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، أكد العميل الفرنسي السابق أنه كان شاهدا على سقوط حكم موبوتو سي سيسوكو في الكونغو عام 1997، وعلى الإبادة الجماعية في رواندا، وتفاصيل اعتقال الجهادي بيتر شيريف المسؤول عن هجمات شارلي إيبدو، في جيبوتي، إضافة إلى أنه عمل مستشارا للرئيس السابق لجمهورية إفريقيا الوسطى فرونسوا بوزيزيه.
ومن بين هذه الأنشطة السرية، احتفظ بالعشرات من الصور على هاتفه الذكي من قرية في شمال بنين، وفي سيارة رباعية الدفع على الحدود الإريترية وفي مدخل صالة وكالة المخابرات المركزية - وذكريات غالبا ما لا تصدق.
وأكد العميل أن فرنسا في أوائل التسعينيات كانت تسيطر على كل شيء عبر مخابراتها، غير أن أفعالها لم ترق الجيل الجديد من الأفارقة، وتضررت معها صورة باريس التي ألقت عليها الأجيال الشابة اللوم في كل ما لحق بها، وتوجهت نحو دول أخرى كالصين، مردفا: "هكذا كنت شاهدا على نهاية الحقبة الفرانكو - إفريقية".
وعن سؤال حول تجنيد المصادر التي تمد المخابرات بالمعلومات، قال فولانج: "إذا كنت تريد معلومات عن الوضع السياسي والأمني لبلد ما فلتتوجه إلى ضباط الشرطة، اعرف عائلاتهم وأصدقائهم، ثم حدد هل يحتاجون إلى نقود أو تأشيرة أو رعاية طبية لأحد أفراد أسرتهم، ودعهم يحصلون على ذلك لتحصل منهم تدريجيا على كل المعلومات التي تحتاجها".
وأضاف "في ذلك الوقت عندما كنت في الثلاثينيات من عمري، لم أطرح على نفسي أي أسئلة كنت أجند المصادر وأجمع المعلومات الاستخبارية، من الواضح أننا سيطرنا على كل شيء، وكان لدينا مراكز استماع في البلدان، بعد ذلك بوقت طويل أدركت أنه ذلك كان مقرفا.. لقد أضر هذا بصورتنا وساهم في رفض الجيل الإفريقي الجديد لفرنسا اليوم".
وتابع قائلا: "لقد استمر هذا لفترة طويلة بما فيه الكفاية.. نحن نعلم أن فرنسا لا تدفع ثمن سيارات الدفع الرباعي الخاصة بها، لكنها تدعم القادة الاستبداديين والفاسدين للدفاع عن مصالحك.. في وقت إنهاء الاستعمار في 1950-1960، قلنا بشكل أساسي: حسنا، ستصبحون سياديين، لكنكم مواد استراتيجية سنستمر في استغلالها".
وأردف قائلا: "معظم القادة الأفارقة وافقوا ولم تكن فرنسا تعرف كيف تدير عملية إنهاء الاستعمار هذه فقط السياسة العسكرية هي التي تهم"، مشيرا إلى أن مساعدات التنمية كانت كاريكاتورية.
وفي نهاية حواره مع الصحيفة الفرنسية، صرح العميل السابق بأن التقاعد من وظيفة الجاسوسية جعله يشعر بالملل والاكتئاب، غير أنه أردف قائلا:"لحسن الحظ لدي حفيدان أعتني بهما رفقة زوجتي".
المصدر: صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية