مباشر

من "سفيردلوفسك" الروسية إلى "سانتا باربرا" الأمريكية!

تابعوا RT على
انتهكت طائرة التجسس الأمريكية "يو -2" الحدود السوفيتية في 1 مايو عام 1960، وظنت واشنطن أن سلاحها السري الذي يحلق على ارتفاعات شاهقة في مأمن من الصواريخ المضادة.

أرسل الأمريكيون تلك الطائرة المتفوقة والسرية لمراقبة القدرات العسكرية السوفيتية، وذلك لأن موسكو في تلك الحقبة تمكنت من التفوق في عدد الطائرات الاستراتيجية القاذفة وأنهت الاختبارات على الصاروخ الباليستي "آر -7" القادر على حمل شحنة نووية لمسافة 8800 كيلو متر، وضرب أهداف في الولايات المتحدة.

أوكلت إلى شركة "لوكهيد" مهمة تصنيع طائرة تجسس متقدمة، وكانت "يو – 2" أول طائرة في العالم تصل سرعتها إلى ضعف سرعة الصوت، وترتفع إلى ما يزيد عن 30 كيلو مترا.

على ارتفاع يزيد عن 21 كيلومترا، كانت تلك الطائرة بعيدة بالفعل عن متناول الصواريخ السوفيتية، علاوة على ذلك يمكن لـ "يو – 2" بفضل تصميمها ومحركها أن توفر الوقود على ارتفاعات شاهقة.

هذه الطائرة المتطورة في مجال التجسس زودت أيضا بكاميرا يمكنها تصوير شريط بعرض 150 كيلو مترا وطول 3000 كيلو متر، بدقة تمكنها من رصد أهداف يقل طولها عن متر بوضوح.

في عام 1956 قامت "يو – 2" بتنفيذ أول رحلاتها التجسسية فوق الدول الأوروبية، وعلى عكس توقعات الأمريكيين، اكتشفت أجهزة الرادار الطائرة وتمكنت من رصدها، ومع ذلك خاطر الرئيس الأمريكي حينها أيزنهاور، وأمر بتحليق الطائرة فوق الاتحاد السوفيتي.

يوم الاستخبارات الأمريكية الأسود: 

نفذ الأمريكيون بواسطة هذه الطائرة عدة مهمات فوق الاتحاد السوفيتي، وقرروا إرسالها مجددا بقيادة الطيار فرانسيس غاري باورز في مهمة جديدة في 28 ابريل 1960 انطلاقا من باكستان، إلا أن المهمة أجلت إلى 1 مايو.

قوات الدفاع الجوي السوفيتية كانت في الانتظار وكانت في حالة تأهب قصوى في ذلك اليوم، وتم رصد طائرة التجسس على الفور.

في سماء منطقة سفيردلوفسك، وراء جبال الأورال، ترصدتها صواريخ الفرقة الثانية من لواء الصواريخ المضادة 57، بمنظومة صواريخ إس – 75 القادرة على إصابة أهداف تطير على ارتفاع 30 كيلو مترا.

بأول صاروخ، أسقط  الجنود السوفييت سلاح وكالة الاستخبارات السري الطائر، فما كان من الطيار إلا فتح قمرة القيادة، وتسنى له ذلك بصعوبة كبيرة، وانتظر انخفاض طائرته المعطوبة إلى ارتفاع مناسب يتمكن فيه من التنفس من دون تغذي بأنبوب الأكسجين، ثم قفز بالمظلة.

 هبط غاري باورز بالقرب من قرية في الأورال، حيث جرى القبض عليه من قبل السكان، وتم نقله لاحقا بطائرة مروحية إلى مطار بالقرب من منطقة سفيردلوفسك، ثم إلى موسكو.

بعد الإعلان عن تدمير طائرة التجسس "يو 2" نفى الأمريكيون الأمر جملة وتفصيلا، ظنا منهم بأن الطائرة تحولت إلى رماد ولا دليل على انتهاكهم لحدود الاتحاد السوفيتي، ثم تحدثوا عن فقدان طائرة كانت في مهمة رصد للأحوال الجوية!

حين عرضت موسكو أدلتها القاطعة متمثلة في حطام الطائرة وشهادة الطيار نفسه، لم يعد للنفي من جدوى.

حكم على الطيار الأمريكي باورز بالسجن 10 سنوات، لتعاونه مع التحقيق واعترافه بمهمته التجسسية.

أمضى الطيار الأمريكي 108 أيام في السجن وفي فبراير 1962 جرى استبداله بضابط الاستخبارات السوفيتية دودولف أبيل.

مصير الطيار الأمريكي:

عقب عودة الطيار الأمريكي باورز، تعرض لاستجواب شامل من لجنة تحقيق، بما في ذلك للكشف عن الكذب، وجرى إعادة الاعتبار إليه بالكامل.

أنهى فرانسيس غاري باورز مشواره في وكالة الاستخبارات المركزية في أكتوبر 1962، وانضم إلى شركة لوكهيد، كطيار اختبار.

طرد باورز من عمله في عام 1970 بعد صدور كتاب مذكراته عن عمليته السرية الفاشلة، الأمر الذي أثار استياء قادة أجهزة الاستخبارات الأمريكية.

بعد طرده من العمل، انخرط في قيادة طائرات مروحية في لوس أنجلوس تابعة لوسائل إعلام مختلفة، ولقي حتفه في أغسطس عام 1977 إثر تحطم طائرة مروحية كان يقودها أثناء عودته من تغطية عملية إطلاق نار في مدينة "سانتا باربرا".

المصدر: RT

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا