ميلفينا دين، كانت على متن سفينة الركاب العملاق "تيتانيك" في رحلتها الأولى والأخيرة، وكان عمرها حينها لا يتجاوز تسعة أسابيع. نجت ميلفينا دين من الغرق، وعاشت عمرا مديدا، وتوفيت بعد أن ناهزت 97 هاما في 31 مايو 2009.
كُتب لها بذلك عمر جديد، ولم يبتلعها البحر ولم تمت غرقا مع الضحايا الآخرين وكان عددهم 1517 شخصا.
في عام 2012، نثر رماد جسدها في مياه ميناء "ساوثهامبتون" البريطاني، من حيث انطلقت "تيتانيك" ظهر 10 أبريل 1912، مبحرة في رحلتها التي لم تتم إلى نيويورك.
تحديدا ليلة 15 أبريل 1912، اصطدمت سفينة الركاب الضخمة "تيتانيك"، والتي كان يصفها مصمموها بأنها غير قابلة للغرق، بجبل جليدي في المحيط الأطلسي، وكان على متنها 2200 شخص.
كانت "تيتانيك" أكبر سفينة ركاب مطلع القرن العشرين، وكانت الثانية من ثلاثة أنتجتها الشركة الإيرلندية "وايت ستار لاين".
طولها بلغ 260 مترا، وعرضها 28 مترا، وإزاحتها 52 ألف طن، وارتفاعها من خط الماء إلى السطح 19 مترا، وسرعتها القصوى 23 عقدة.
من حيث ارتفاعها كانت بمثابة مبنى مكون من 11 طابقا يسير على الماء.
أنزلت هذه السفينة الأسطورية والمأساوية إلى الماء في 31 مايو 1911، واجتازت بعد 10 أشهر التجارب البحرية العملية بنجاح. طاقمها بقيادة القبطان إدوارد جون سميث، كان عدد أفراده 885 شخصا.
من بين هؤلاء، عمل على سطح السفينة 66 شخصا، وأكثر من 300 تولوا الإشراف على تشغيل المحرك وحوالي 500 كانوا يتولون الصيانة، علاوة على شخصين توليا الاتصالات بالراديو.
كان على متن "تيتانيك أيضا" فريق ضمان من حوض "هارلاند وولف" لبناء السفن، مكون من تسعة أشخاص، برئاسة توماس أندروز، وكان مكلفا بمراقبة وتحديد وإصلاح جميع المشكلات التي يمكن ان تطرأ على عمل أنظمة السفينة.
إضافة إلى كل ذلك، كانت توجد على ظهر السفينة أوركسترا من ثمانية أشخاص، جميعهم من ركاب الدرجة الثانية. احتوت " تيتانيك" على 762 كابينة مقسمة إلى ثلاث فئات، وتوفرت فيها مقاعد لـ 2566 راكبا، فيما جرى فصل ركاب الدرجة الثانية والثالثة عن ركاب الدرجة الأولى بواسطة ببوابات في أجزاء مختلفة من السفينة.
كان ضمن العدد الكبير من ركاب السفينة في رحلتها المشؤومة الأولى، كما أعلن، 10 من أصحاب الملايين والشخصيات الشهيرة في ذلك الوقت.
كان الطقس صافيا وهادئا في البحر، خلال الأيام الأربعة الأولى للرحلة. في اليوم الخامس أرسلت عدة سفن بالراديو تحذيرات عن جبال جليدية طافية في مسار "تيتانيك".
القبطان أهملها ومشغلو أجهزة اللاسلكي تجاهلوها وانشغلوا بإبراق الرسائل التي يبعث بها الركاب.
كل الظروف كانت تسير بالسفينة إلى حتفها. كان في مقدمة السفينة شخص مكلف بمراقبة الأفق أمامها، وفي ذلك اليوم اعتمد على بصره، لأنه لم يحصل على منظار، بسبب الإهمال والنسيان.
الرجل رأى بالعين المجردة الجبل الجليدي الذي يقطع الطريق على "تيتانيك"، وكان الاكتشاف متأخرا، لم يتصرف الضابط المسؤول عن الدفة بالسرعة والطريقة المناسبة.
اصطدمت السفينة بالجبل الجليدي العائم، ولم تستطع لضخامتها تفاديه في الوقت المناسب، وتسربت المياه إلى داخلها، وتأكد مصمموها أنها غارقة لا محالة.
بعد ساعتين وأربعين دقيقة من الاصطدام بالجبل الجليدي، غرقت "تيتانيك"، وابتلعها المحيط.
عدد القتلى في هذه الكارثة بلغ 1517 شخصا، فيما نجا من الغرق بحسب بيانات رسمية 60 ٪ من ركاب مقصورات الدرجة الأولى، و44 ٪ من المسافرين في الدرجة الثانية، و25 ٪ من أصحاب الدرجة الثالثة.
"تيتانيك" دخلت التاريخ كأكبر مأساة لأكبر سفينة ركاب ابتلعها البحر في أول رحلة لها.
كما لو أن البحر يرد بذلك على مصمميها الذين تباهوا بأنها عصية على الغرق.
المصدر: RT