وقال مقلد: "ما ذاع في العالم خلال اليومين الأخيرين، واستحوذ على اهتمام الإعلام الدولي في كل مكان، والخاص بالوثائق الأمنية الأمريكية فائقة الحساسية التي تم تسريبها من وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون بعملية اختراق غامضة لم يتم الكشف عن مصدرها أو من كان وراءها، وهل تمت بأيد أمريكية من داخل البنتاغون نفسه، أم بايدي عملاء لأجهزة مخابرات خارجية، أم بعملية قرصنة في الحرب السيبرانية التي تدور على قدم وساق بين أمريكا وخصومها وفي طليعتهم روسيا والصين؟".
وأضاف مقلد: "أنا واحد ممن لا يصدقون الفرضية التي تزعم أنها تمت نتيجة عملية اختراق خارجي ناجحة لأدق أسرار أمريكا الأمنية التي يحتفظون بها في البنتاغون والتي لا بد وأن يكونوا قد أحاطوها هناك بسياج فولاذي من الحماية ضد خطر اختراقها وتسربها إلى من تقوم أجهزة المخابرات الأمريكية وأقمارها الفضائية وعملاؤها وأذرعها المنتشرة في كل مكان، بالتجسس عليهم بمن فيهم أقرب حلفائها كما بالنسبة لأوكرانيا وفرنسا وكوريا الجنوبية وإسرائيل، وربما آخرين غيرهم ممن سوف يتم الكشف عنهم تباعا".
وعن رؤيته للسيناريوهات المفترضة لخلفية تلك التسريبات قال: "تفسيري لما حدث هو أنه إما أن تكون هذه الوثائق المسربة قد جري تزييفها باتقان شديد في البنتاغون نفسه حتى تبدو وكأنها وثائق حقيقية وأصلية، وذلك بقصد تضليل أطراف دولية معينة وإرباكها وقلب حساباتها وإدخالها في متاهة كبيرة من التخبط الذي قد يفشل لها خططها وسياساتها التي ترى الولايات المتحدة أن من مصلحتها ولدواعي أمنية معينة تغييرها".
واعتبر أن هذه هي الطريقة المناسبة كتكتيك غير مكلف من تكتيكات حروب المعلومات، وأنه كلما بالغت في تصويرها لأهمية وسرية وحساسية هذه الوثائق من قبيل الخداع، فانها تكون أقرب إلي تحقيق هدفها من وراء تسريبها".
وعن الفرضية الثانية قال الدكتور مقلد "يمكن أن يكون الهدف من التسريب والإعلان عن ما جاء في تلك الوثائق هو إحراج مواقف بعض الدول بإثارة الشكوك حول سياساتها وعلاقاتها مع دول تعاديها الولايات المتحدة، قاصدة منها إما الضغط عليها لابتزازها أو زيادة متاعبها الخارجية بوضع العراقيل في طريقها، حتي وإن تظاهرت الإدارة الأمريكية كما تفعل الآن بأنها لا تملك أدلة أو شواهد تدعم صحة تلك التقارير، ومنها المزاعم التي حوتها تلك الوثائق حول اعتزام مصر تزويد روسيا بـ40 ألف صاروخ لاستخدامها في حربها في أوكرانيا وهو ما نفته روسيا على الفور ووصفنه بالأكذوبة الكبرى. وهذا النفي الروسي هو في رأيي الأقرب إلى الحقيقة من الرواية الأمريكية التي تهدف إلى الشوشرة والوقيعة ونثر الشائعات واختلاق المواقف وإثارة المتاعب وخلط الأوراق حتى يصعب اكتشاف الحقائق من الأكاذيب. وهي كلها أسلحة حروب الجيل الرابع المعروفة".
وأردف: "العملية كلها تبدو لعبة أجهزة مخابرات أمريكية لا روسية، لعبة تحاول أن تضرب عشرات العصافير بحجر واحد، إذ أنه لا يعقل أن تحدث كل تلك التسريبات من أخطر وزارة دفاع في العالم وأكثرها تحصينا ومناعة ضد خطر الاختراق، والتحقيق ما زال يجري أو سوف يجري للاستدلال على هوية الفاعل الحقيقي وما إذا كان من الداخل أو من الخارج، وفي هذا النوع من الإخراج استغفال للعالم الذي لم يكن يوما في شكل أسوأ مما هو عليه الآن مع إدارة رئيس أمريكي ضعيف ومحدود القدرة على التركيز في إدارته للازمات الدولية المتلاحقة التي تضرب العالم في كل مكان، حتى أصبح كملك بريطانيا يملك ولا يحكم خلافا لما يحاول أن يبدو عليه بإعلانه عن ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة أي ليستمر لست سنوات أخرى من الآن، رئيس تحركه المجموعة التي تحيط به والتي يحركها هي الأخرى محور صناعي عسكري أقوى منها، وهي القوى والمصالح التي تقود أمريكا والعالم كله معها نحو مجهول كبير. مجهول لدرجة أنه لا يدري أحد ما سوف يكون عليه شكله أو نهايته".
المصدر: RT