جاء ذلك ضمن مجموعة من الوثائق الأرشيفية التي سلمتها الهيئة لأرشيف الدولة بمدينة بطرسبورغ ومنطقة لينينغراد، والتي تتعلق بمحاكمة لينينغراد 1945-1946 للمجرمين النازيين المدانين بارتكاب إعدامات جماعية للمدنيين.
وتفيد الوثائق بأن إطلاق النار على الضباط البولنديين في كاتين عام 1941 كان من جانب النازيين وليس من قبل موظفي مفوضية الشعب للشؤون الداخلية بالاتحاد السوفيتي NKVD، وفقا لشهادة تعود إلى عام 1945 من أرنو دوري، وهو أحد المشاركين مباشرة في دفن البولنديين، من مقاتلي الكتيبة "ذات الأغراض الخاصة، التي ارتكبت فظائع في منطقة لينينغراد خلال الحرب الوطنية العظمى.
من بين هذه المواد نسخة من محضر أحد اجتماعات المحكمة العسكرية لمنطقة لينينغراد العسكرية، حيث أدلى أمامها دوري بشهادته حول قضية كاتين. حيث قال دوري إنه منذ عام 1940 كان في سجن عسكري بمدينة تورغاو الألمانية لمدة عام ونصف، ووفقا له، كان قائد السجن هو هانيريش ريملينغر، الذي تم شنقه بصفته منظم الحملات العقابية على أراضي منطقة لينينغراد، في مدينة لينينغراد أوائل يناير 1946 بحكم صادر عن المحكمة العسكرية لمنطقة لينينغراد العسكرية.
ويتابع دوري أنه في أوائل سبتمبر 1941، تم إرساله مع عدد من نزلاء السجن الآخرين إلى الغابة بالقرب من كاتين، حيث قيل لهم إنه سيتعين عليهم "حفر مقابر جماعية"، وقال: "كنا ننام أثناء النهار، وفي المسار والليل نعمل في حفر القبور. وقد جلبت أجزاء من قوات الأمن الخاصة الناس في السيارات وألقوا بهم في حفرة بعمق 15-20 مترا"، ووفقا له، يجب أن يكون عمق الخندق كبيرا لأن "آلاف الجثث ملقاة هناك"، وأشار إلى أن رجال القوات الخاصة جلبوا الجثث في 15-20 شاحنة. وقدر أنه تم دفن ما بين 15-20 ألف جثة في المجموع، فيما عمل دوري في الدفن حتى نهاية نوفمبر 1941. وشهد دوري كيف أنه عاد إلى وطنه في إجازة عام 1943، ورأى صورة في الصحف لهذا القبر الضخم.
ويتذكر دوري: "كتب تحت الصورة أن الروس فعلوها. أخبرت والدتي حينها أن الروس لا ذنب لهم، وإنما الألمان هم من فعلوها، لكن والدتي لم تصدقني". وبحسب قوله، لم يخبر أحدا غير والدته بذلك، لأنه وقع في السجن على اتفاق بعدم الإفشاء. وأوضح: "ليس لدينا الحق في أ، نكشف لأي شخص عما رأيناه وسمعناه، وإلا فسنتعرض لعقوبة شديدة".
وتحتفل بولندا سنويا بإحياء ذكرى ضحايا كاتي في 13 أبريل، حيث أفادت وزارة الدعاية الألمانية، بقيادة جوزيف غوبلز، بأنه تم العثور على مقبرة جماعية لضباط بولنديين يزعم أن موظفي مفوضية الشعب للشؤون الداخلية بالاتحاد السوفيتي NKVD أطلقوا النار عليهم في غابة كاتين بمنطقة سمولينسك.
وبعد تحرير سمولينسك من قبل الجيش الأحمر، تم إنشاء لجنة سوفيتية، والتي أثبتت، بعد إجراء تحقيقها الخاص، أن البولنديين في كاتين قتلوا في خريف 1941 على يد قوات الاحتلال الألمانية.
وتعتقد وارسو أن من قتل الضباط البولنديين هم موظفو NKVD، فيما وصف المسؤولون البولنديون هذا الإعدام بأنه إبادة جماعية. أما في الاتحاد السوفيتي، فقد تم فتح قضية جنائية بشأن اكتشاف مقابر جماعية لرفات جنود بولنديين في عام 1990، وفي عام 2004 أغلق مكتب المدعي العسكري الرئيسي الروسي القضية بسبب وفاة المسؤولين.
ووفقا لوجهة نظر عدد من المؤرخين الروس، فإن عمليات الإعدام في كاتين نفذها النازيون، وكانت "قضية كاتين" استفزازا لأجهزة المخابرات التابعة للرايخ الثالث، ممن أرادوا تقسيم صفوفه، وكذلك لبولندا، التي كان من المفترض أن يصلها الجيش الأحمر عابرا نحو ألمانيا، لتقدم القضية بوصفها "فظائع موسكو".
يشير المؤرخون كذلك إلى التناقضات في قاعدة الأدلة التي تعتمد عليها وارسو، حيث أوضح الخبراء الروس أن روايات "مأساة كاتين" متناقضة، فيما لا تزال معظم المصادر المتعلقة بهذه الأحداث سرية، ولا يتم تداولها علميا مجانا. كذلك تلاحظ روسيا أن النهج الحالي لتغطية "قضية كاتين" لا يفي بمبادئ الموضوعية والتاريخية، وينبغي اعتباره أحد توجهات حملة الإعلام والدعاية لإلقاء المسؤولية على الاتحاد السوفيتي في إطلاق شرارة الحرب العالمية الثانية.
المصدر: نوفوستي