وفي حديث لـRT، قال الدكتور أحمد سلطان المختص في الشأن الروسي: "بالنسبة العقيدة الروسية الجديدة، أستطيع القول إن التحديث الأخير للعقيدة الروسية يأتي كرد مباشر على عقيدة الأمن القومي التي أعلنتها الإدارة الحالية الأمريكية بقيادة الرئيس جو بايدن..الإدارة الأمريكية كانت أصدرت عقيدة الأمن القومي للولايات المتحدة وركزت فيها على أنها أجرت تحولا استراتيجيا من التركيز على مكافحة الإرهاب إلى التركيز على التنافس الجيوسياسي خاصة مع الصين وروسيا، وكان تركيز الرئيس منصبا على الصين، ولكن روسيا فرضت نفسها على أجندة السياسية الخارجية للولايات المتحدة وأصبح التركيز على التنافس الجيوسياسي مع روسيا بشكل أكبر خاصة مع بدء العملية الروسية العسكرية في أوكرانيا".
وأضاف أحمد سلطان: "الواقع أن الاستراتيجية الجديدة التي أعلنها مجلس الأمن القومي الروسي تؤكد على سعي موسكو إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب، وتنذر بتحولات، سواء في المستقبل القريب أو البعيد، وتؤكد أن روسيا ستتحرك وسترد بالمثل على أي تحركات أمريكية تستهدف الأمن القومي الروسي".
وأكمل: "العقيدة الجديدة هى بمثابة عقيدة تجسد ما يؤمن به الكرملين، وتجسد فكرة السعي نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب، وتجسد أو تعكس رغبة موسكو فى تبوء المكانة التي تستحقها فى ظل النظام العالمي وليس أن تكون مجرد قوى عظمى ضعيفة كما كان يصفها الأمريكيون..روسيا تريد أن تخرج من القمقم إن جاز تعبير، إلى مجال أوسع تشغل فيه روسيا حيزا أكبر، ويكون لها دور أوسع في مواجهة الولايات المتحدة..ربما هى تسعى لاستعادة الأمجاد السوفيتية لو بطريقة أخرى أو بطريقة جديدة".
واستطرد: "من المتوقع أن تسعى روسيا إلى مشاغبة الولايات المتحدة في أماكن مختلفة من العالم وفي القارة الإفريقية، وطبعا ساحة العمليات الحالية الرئيسة موجودة في شرق أوروبا، ومع الأزمة الروسية الأوكرانية، متوقع أن يكون هنالك تحولات فى ضوء هذه الاستراتيجية، في أن تسعى روسيا إلى تحالفات عسكرية أو على الأقل اتفاقيات موسعة مع الحلفاء القريبين منها، وأن تسعى لأن تكيف اقتصادها مع المتغيرات، بحيث يتحول هذا الاقتصاد إلى نمط قوى أكثر فاعلية في مواجهة أي تحركات أو عقوبات جديدة تفرضها الولايات المتحدة".
من جهته، علق الباحث والكاتب الصحفي أحمد رفعت في هذا الصدد لـRT قائلا:"هي روسيا تعلنها صريحة مباشرة في ورقة عن رؤيتها الاستراتيجية لسياستها الخارجية التي بالطبع ستتحول لخطط وسياسات وتوجهات وتعليمات..هكذا أعلنتها روسيا صريحة..نسعى لنظام عالمي جديد الولايات المتحدة والغرب فيه مصدر تهديد وجودي".
وأردف أحمد رفعت: "روسيا حددت دوائر حركة سياستها الخارجية بدول الإتحاد الأوراسي أولا..محيط روسيا.. وأغلفة أمنها القومي، ثم الصين والهند وآسيا والعالم الإسلامي وإفريقيا وأمريكا الجنوبية..وفي جملة أخرى يتحدث الإعلان عن أنه لا توجد مشاكل مع أوروبا رغم القول إن الولايات المتحدة والغرب مصدر تهديد وجودي، وبذلك نفهم أن المقصود هي الولايات المتحدة ودول حلف الناتو الخاضعين للسياسة الأمريكية وتوجهاتها".
وأردف: "مبكرا..تواجدت روسيا في إفريقيا وأقامت علاقات جيدة مع عديد الدول العربية والإسلامية، ودافعت عن حق هذه الدول في الحصول على الحبوب الذي تهيمن الدول الغربية على حصتها الكبرى، كما أنها أعادت توجيه صادراتها من الطاقة وبسرعة مدهشة إلى أسواق جديدة في آسيا، وعوضت العقوبات الأوربية، فضلا عن رصد أموال ليست بالقليلة للتعاون الاقتصادي مع الدول الإفريقية، تفوقت فيه على الولايات المتحده، فضلا عن علاقاتها القديمة الجديدة في أمريكا اللاتينية، وربما مع فنزويلا كمثال تدخلت بمقتضاه الي جانب الرئيس مادورو في 2019 وحلت مشكلة الكهرباء بمهندسين عسكرين وصور أخرى من الدعم".
وختم قائلا: "باختصار .. السياسة الخارجية الروسية بدأت مبكرا في الاستعداد لهذه الإستراتيجية الجديدة..ليس فقط في الإعلان عن ضم شبه جزيرة القرم، إنما بعديد من الإجراءات كما قلنا، ولكن هذا الإعلان يتتبع سياسات على صعيد مجالات أخرى، خصوصا العسكرية..فبالرغم من التأكيد علي السعي لتجنب صراع نووي أو بأية أسلحة دمار شامل، لكن الردع مع زيادة النفوذ ومحاولة حصار نفوذ الجانب الآخر يتتبعه امتلاك قوة كبيرة، ستنعكس طبعا على موازنة الدفاع الروسية والتخطيط العسكري كله وشكل الاتفاقيات والمعاهدات التي ستبرم مع عديد من دول العالم في الفترة المقبلةـ بما يقترب من صورة الحرب الباردة، وبما يحقق أهداف العقيدة الروسية الجديدة".
المصدر: ناصر حاتم - القاهرة
RT