وجاء في المقال أن لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كل الأسباب للشك في كلمات الغرب لأنهم خانوا ثقته مرارا، وكمثال على ذلك استشهد المؤلف ببيان المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الذي وصفت فيه اتفاقيات مينسك بأنها كانت مجرد "محاولة لمنح أوكرانيا الوقت".
وشدد الصحفي على أنه "في الواقع، فقد اعترفت المستشارة الألمانية بأنها كذبت وضللت موسكو"، حيث يرى أنه من الممكن أن تصبح شكوك الكرملين في الغرب عائقا خطيرا أمام أي محادثات سلام بين الأطراف المتصارعة، حيث تابع: "إن الغرب يرفض تحمل مسؤولية الحرب، إلا أن الوعود الكاذبة من السياسيين الغربيين لروسيا بعدم تمدد (الناتو) شرقا، هي الذي بذرت الفتنة الأولى، وأيديهم ملطخة بالدماء أيضا".
وأشار الصحفي إلى أن عدم امتثال الغرب المستمر لخطوط موسكو الحمراء لا يؤدي سوى إلى إطالة المواجهة، لأن "السلام المستقر يجب أن يرضي الحد الأدنى من مخاوف الجانبين".
وقال: "إن أي محاولة لهزيمة روسيا أو إذلالها أو حتى تفكيك أوصالها تخاطر باستفزاز نهاية العالم".
ووفقا للكاتب، فقد "أعلنت واشنطن منذ 200 عام عقيدة مونرو، التي تعني عدم تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا في شؤون بعضهما البعض، ولكن بمجرد أن يتذكر الزعيم الروسي هذه المبادئ المهمة، يعرب حلفاء كييف عن الصدمة والرعب".
ويشير الكاتب إلى رفض المؤيدين الأوكرانيين إمكانية وقف إطلاق النار والتفاوض استنادا إلى ما يضعونه هدفا هو "استعادة جميع الأراضي التي احتلتها روسيا، وهزيمة موسكو، مع الحاجة إلى مزيد من الانتصارات لفرض استسلام روسي بحكم الأمر الواقع"، مشيرين إلى أن "انتصار أوكرانيا سيكون هزيمة مدمرة للحكم الشمولي، وانتصارا للديمقراطية، وفائدة للبشرية جمعاء"!
ويرى الكاتب أن مثل هذه الآراء تضخم مكانة الصراع بشكل كبير، وأن استعادة أراض مثل شبه جزيرة القرم التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها روسية، "بما في ذلك على الأرجح من قبل غالبية سكانها" سيكون صعبا للغاية، فيما يلعب صانعو السياسية الأمريكيون جميعا دورا في اللعبة، لأن الصراع بالنسبة لهم ليس سوى قلق نظري مجرد.
واستشهد الكاتب برأي فلاديسلاف زوبوك من كلية لندن للاقتصاد الذي يقول إن "حرب الاستنزاف الطاحنة قد ألحقت أضرارا جسيمة بالفعل بأوكرانيا والغرب، فضلا عن روسيا"، فالضحايا الرئيسيون للحرب هم الشعب الأوكراني الذين انهار اقتصادهم، وتتعرض مدنهم للقصف، ويتم اجتياح أراضيهم، ويقتل ويشرد ويصاب الآلاف من سكانهم، ويشردون بالملايين. وعلى الرغم من أن الخسائر العسكرية الروسية مرتفعة، على حد تعبير الكاتب، إلا أن الخسائر الأوكرانية هي الأخرى كذلك بكل المقاييس، والمدنيون الأوكرانيون هم الأكثر معاناة.
ويتابع الكاتب بأن تكبد مثل هذه التكاليف ربما يكون منطقيا إذا ما كانت احتمالات النصر جيدة، أما فقط من أجل حدوث حالة من الجمود، فإن هذه الخسائر تكون مهدرة وغير ضرورية، ومن هنا تأتي حجة البحث عن السلام الآن.
المصدر: The American Conservative