وبحسب ما ذكرت "فرانس برس"، فإن ماكرون سيزور ميناء وهران وحصن وكنيسة سانتا كروز على مرتفعات المدينة المطلة على البحر المتوسط، ثم ينتقل إلى استوديو تسجيل الأغاني خلال سنوات ثمانينات وتسعينات القرن العشرين "ديسكو مغرب" الذي تخصص في موسيقى الراي التي انتشرت في العالم بفضل مطربين مثل الشاب خالد، وسيحضر عرضا للرقص.
في حين أن زيارة الرئيس الفرنسي ستنتهي بالتوقيع الرسمي على إعلان مشترك، وهي نقطة أضيفت في اللحظة الأخيرة إلى برنامج ماكرون، حيث يتعلق الأمر، بحسب الرئاسة الفرنسية، باتفاق "شراكة متجددة وملموسة وطموحة".
والتقى ماكرون قبل مغادرته العاصمة الجزائرية، رجال الأعمال وجمعيات شباب طرحوا عليه أسئلة عن مشاكل التأشيرة وتراجع اللغة الفرنسية في الجزائر، والنزاع حول ملفات الذاكرة بين البلدين، حيث وصل مساء أمس الجمعة إلى وهران المدينة المعروفة بانفتاحها في غرب البلاد، وتناول العشاء مع الكاتب كمال داود وشخصيات أخرى من وهران.
تجدر الإشارة إلى أن الاحتلال الفرنسي للجزائر دام 132 عاما، من 1830 إلى أن نالت الجزائر استقلالها في 1962، بعد ثماني سنوات من حرب طاحنة، في حين أنه عقب أشهر من الأزمة الدبلوماسية المرتبطة بهذا الماضي المؤلم، أعلن الرئيسان الفرنسي والجزائري عبد المجيد تبون، منذ اليوم الأول للزيارة (الخميس)، ديناميكية جديدة في العلاقة بين البلدين.
وأمس الجمعة، رأى ماكرون أن العلاقات مع الجزائر "قصة لم تكن بسيطة أبدا، لكنها قصة احترام وصداقة ونريدها أن تبقى كذلك، وأجرؤ على القول إنها قصة حب"، لافتا إلى شراكة تم إنجازها "في خضم الحماسة الحالية" بعد اللقاءات المتعددة التي جرت الخميس مع تبون ووزرائه.
وفي سياق متصل، قال الرئيس الفرنسي إنه سيعمل على "شراكة جديدة من أجل الشباب ومن خلالهم" تشمل قبول ثمانية آلاف طالب جزائري إضافي للدراسة في فرنسا ليرتفع اجمالي عدد الطلبة الجزائريين المقبولين سنويا إلى 38 ألفا، بالإضافة إلى أنه دافع بقوة عن فكرة تسهيل حصول بعض الفئات من الجزائريين على تأشيرات فرنسية من أجل المساهمة في ظهور "جيل فرنسي جزائري جديد في الاقتصاد والفنون والسينما وغيرها"، حيث كانت قد تسببت قضية التأشيرات في تعكير العلاقات بين البلدين، بعد أن خفضت باريس بنسبة 50% عدد تلك الممنوحة للجزائر، مشيرة إلى عدم تعاون هذا البلد في استرجاع مواطنيه المطرودين من فرنسا.
وأوضح ماكرون أنه ناقش هذه المسألة خلال اللقاء مع تبون "مطولا"، وتم تكليف الوزراء بمتابعته بهدف محاربة الهجرة غير الشرعية وفي الوقت نفسه تسهيل الإجراءات بالنسبة لـ"مزدوجي الجنسية والفنانين والمقاولين والسياسيين الذين يعززون العلاقات الثنائية".
وفي إطار توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين، تم الإعلان عن تشكيل لجنة مشتركة من المؤرخين الفرنسيين والجزائريين "للنظر معًا في هذه الفترة التاريخية" من بداية الاستعمار وحتى نهاية حرب الاستقلال، "بدون محظورات"، فيما انهالت الانتقادات الغاضبة على الرئيس الفرنسي من قبل الطبقة السياسية الفرنسية من اليسار إلى اليمين المتطرف، بعد إعلان تشكيل لجنة المؤرخين، ما يدل ان الجروح لم تندمل في المجتمع الفرنسي.
من جهته، قال زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور في "تويتر"، إن "إيمانويل ماكرون قال في 2017 إن الاستعمار هو أول جريمة ضد الإنسانية، وفي عام 2021 تساءل عن وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار"، معتبرا أن "ضعف تعامل رئيس الجمهورية (مع الملف) يهين الذاكرة الجريحة".
واعتبر النائب عن التجمع الوطني (يمين قومي) توماس ميناجيه، أن "الرئيس خلد إلى النوم" بإعلانه عن اللجنة المشتركة، مؤكدا أنه "يجب على الجزائر الكف عن استخدام الماضي حتى لا تقيم صداقة ودبلوماسية حقيقية".
هذا وتعرضت هذه الزيارة لانتقادات في الداخل الجزايري أيضا، إذ كان العديد من الجزائريين ينتظرون اعتذارا رسميا من الرئيس الفرنسي عن الاستعمار وعن تصريحاته في خريف 2021 عندما شكك في وجود أمة جزائرية قبل الغزو الفرنسي في يونيو 1830.
وكتبت صحيفة "لوسوار دالجيري" الناطقة بالفرنسية في عددها اليوم السبت أن "التاريخ لا يمكن أن يكتب بالأكاذيب"، مضيفة: "من أكبر الأكاذيب أن نقول إن الجزائر من صنع فرنسا..كنا ننتظر أن يمحو ماكرون هذه الكذبة الفاضحة خلال هذه الزيارة".
ورأت أن ماكرون يفتقر "للشجاعة من أجل الإعتراف بأخطائه وأخطاء بلاده".
أما صحيفة الشروق فاعتبرت أن مبادرة ماكرون وتصريحاته ما هي سوى "خطوة إلى الوراء على طريق الذاكرة"، بما انه لم يقدم أي جديد بالمقارنة مع أسلافه.
المصدر: "فرانس برس"