ولفتت الصحيفة إلى التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في سعيها لإظهار جبهة دبلوماسية موحدة لدعم أوكرانيا. فعدا أقرب الأصدقاء والحلفاء العسكريين للولايات المتحدة فإن معظم العالم غير مهتم بالانضمام إلى الحملة التي تقودها الولايات المتحدة لعزل روسيا.
فعلى الرغم من "انتقاد" بعض الدول بشأن العملية العسكرية الروسية، فإن العديد من هذه الدول لديها علاقات تاريخية مع روسيا ليست على استعداد للتخلي عنها، وتخشى أن يؤدي الحصار الاقتصادي ضد موسكو إلى إلحاق ضرر شديد ببلدانها، مما يؤدي إلى زيادة أسعار الغذاء والوقود، ومزيد من الجوع وعدم الاستقرار داخل حدودها.
ففي الأيام التي أعقبت العملية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير، بدا العالم وكأنه يلتف حول أوكرانيا.
صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضوا بأغلبية ساحقة للتنديد بالتدخل العسكري الروسي.
في غضون ذلك، حشدت واشنطن دعما قويا بشكل مفاجئ من الحلفاء الغربيين والشرقيين الرئيسيين، من كندا وألمانيا إلى اليابان وكوريا الجنوبية، لفرض عقوبات مدمرة ضد روسيا، مما يؤدي فعليا إلى عزل موسكوعن النظام المالي العالمي ودفع قيمة الروبل الروسي نحو الأسفل، فضلا عن قيام أمريكا ودول أوروبية بحجز ممتلكات رجال الأعمال الروس الأثرياء.
ورغم كل هذه الإجراءات، فإن وراء هذا الاستعراض للوحدة، يوجد عالم يتكيف إلى حد كبير مع عصر جديد متعدد الأقطاب، حيث لم تعد الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة. فقد كانت الردود على العملية العسكرية الروسية من إفريقيا وجنوب آسيا خافتة نسبيا، في حين تتزايد المخاوف بشأن التأثير المحتمل لهذه العقوبات الغربية على أسعار الغذاء والوقود.
بالمقابل لفتت الصحيفة إلى أنه لا يزال الكثيرون يشعرون بالاستياء الشديد تجاه الولايات المتحدة، التي خلفت تدخلاتها العسكرية، من أفغانستان إلى العراق وليبيا، طريقا للموت والدمار.
فسارعت الدول الرئيسية في إفريقيا وآسيا، بما في ذلك جنوب إفريقيا والهند، للتحرك بحذر، سعيا للحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا والولايات المتحدة، مع التأكيد على الحاجة إلى احترام سيادة أوكرانيا.
وامتنعت نحو 35 دولة، من بينها دول عديدة من إفريقيا، عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدين العملية الروسية. إذ لم تفرض أي دولة إفريقية عقوبات على روسيا، التي برزت في السنوات الأخيرة كأكبر مصدر في العالم للأسلحة إلى إفريقيا.
وينظر العديد من الدبلوماسيين ومراقبي السياسة الخارجية إلى النزاع في أوكرانيا على أنه نقطة انعطاف تاريخية رئيسية، لكنهم غير متأكدين من الكيفية التي سينتهي بها الأمر، مما يعقد حساباتهم الخاصة حول كيفية وضع أنفسهم في مواجهة تصادم القوى الكبرى المتفاقم، أو التسوية السياسية.
لم يكن التناقض في أي مكان أكثر وضوحا منه في الشرق الأوسط، بحسب الصحيفة، حيث خالف الحلفاء الاستراتيجيون الرئيسيون للولايات المتحدة، إسرائيل، والإمارات، والسعودية، طلبات الولايات المتحدة لعزل روسيا والانضمام إلى واشنطن ضدها.
إذ خففت التوترات الأخيرة (بين واشنطن والسعودية والإمارات) من رغبة دول الخليج في دعم الولايات المتحدة في جهودها المستمرة لحشد العالم لمعاقبة روسيا على غزوها لأوكرانيا. وامتنعت الإمارات عن التصويت الحاسم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للتنديد بالعملية الروسية. كما رفض زعيما البلدين (السعودية والإمارات) تلقي مكالمات من بايدن، وفقا لتقرير في صحيفة وول ستريت جورنال، كما رفضا زيادة إنتاج النفط لتعويض خسارة الغاز الطبيعي والنفط الروسي. في غضون ذلك، رفضت إسرائيل في البداية المشاركة في رعاية قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
لقد قامت إسرائيل والسعودية والإمارات، "بطريقتها الخاصة، بالتحوط"، وكشفت عن مدى فقدان الثقة.
المصدر: فورين بوليسي