مباشر

ماريوبول..

تابعوا RT على
جذبت مدينة ماريوبول أنظار الإعلام بعد أن أصبحت إحدى أكثر ساحات المعارك سخونة في المواجهة بين قوات روسيا وجمهوريتي دونباس الشعبيتين من جهة والقوات الأوكرانية من جهة أخرى.

تستمد ماريوبول، وهي ثاني أكبر مدينة في أراضي جمهورية دونيتسك الشعبية (التي اعترفت روسيا باستقلالها هي وجمهورية لوغانسك الشعبية في فبراير الماضي) أهميتها الاستراتيجية من موقعها الجغرافي، فهي عبارة عن أكبر ميناء على بحر آزوف (المتصل بالبحر الأسود عبر مضيق كيرتش). 

ويقترب عدد سكان ماريوبول من نصف المليون نسمة، وغالبيتهم الساحقة من الناطقين باللغة الروسية، كما يعد الروس أحد أكبر مكونات التركيبة القومية لأهالي المدينة، إلى جانب الأوكرانيين واليونانيين والبيلاروس والأرمن واليهود وغيرهم.

وتعود بدايات تاريخ المدينة إلى تأسيس بلدة محصنة تابعة للقوزاق على ملتقى نهري كالميوس وكالشيك على بحر آزوف، قبل أن يقوم عادل كراي، أحد حكام خانية (إمارة) القرم (التابعة الدولة العثمانية) بتأسيس مدينة نعروفة تحت اسم "بالي ساراي" في المكان نفسه.

وقبل وقوع أراضي القرم تحت سيطرة الإمبراطورية الروسية عام 1783، تأسست في مكان ماريوبول الحالية عام 1778 مدينة بافلوفسك (بافلوغراد) الروسية التي أطلق عليها عام 1779 اسمها الحالي، نسبة إلى ماريا فيودوروفنا - قرينة الأمير الأكبر بافل بيتروفيتش - وكلمة "بول" (المدينة) باللغة اليونانية.

وجاء وجود عنصر "يوناني" في تسمية المدينة إلى حد ما، نوعا من تكريم للدور الذي قام به في تأسيسها المهاجرون اليونانيون الأرثوذكس الذين خرجوا من أراضي خانية القرم.

وأواخر القرن التاسع عشر تم في ماريوبول بناء ميناء بحري وسكة حديد ربطت المدينة بالمناطق الرئيسية من روسيا الإمبراطورية، كما بدأ تحول ماريوبول إلى مركز مهم للصناعات المعدنية، إضافة إلى تطور المدينة كمركز ثقافي مع تأسيس مسرح فيها (1887).

وبعد ثورة عام 1917 البلشفية والحرب الأهلية التي تلتها (1918-1921) أصبحت ماريوبول إحدى المدن الكبرى في جمهورية أوكرانيا السوفيتية، حيث دخلت عم 1932 ضمن تشكيل مقاطعة دونيتسك.

وفي أكتوبر 1941 وقعت ماريوبول في قبضة قوات ألمانيا النازية. وخلال فترة الاحتلال (أكتوبر 1941 - سبتمبر 1943) قامت السلطات الألمانية بإعدام نحو 10 آلاف من سكان المدينة وإرسال 50 ألف منهم إلى ألمانيا قهرا كعمال في أشغال شاقة، إضافة إلى مقتل 36 ألف من أسرى الجيش الأحمر في معتقلات ألمانية تم تأسيسها في المدينة.

وعام 1948، بعد ثلاث سنوات من انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية، أطلق على ماريوبول اسم أندريه جدانوف، أحد أبرز القياديين السياسيين في الاتحاد السوفيتي، وحملت ماريوبول اسمها هذا حتى استعادتها عام 1989 اسمها التاريخي أثناء إصلاحات حقبة "بيريسترويكا" التي أطلقها الرئيس السوفيتي الأخير ميخائيل غورباتشوف.

وبعد أحداث "ميدان الاستقلال" في العاصمة الأوكرانية كييف، والتي أدت إلى انقلاب على الحكم في البلاد في فبراير 2014، تحولت ماريوبول إلى إحدى ساحات المواجهة بين السلطات الأوكرانية الجديدة ومعارضيها. وفي أبريل 2014، أصبحت المدينة جزءا من جمهورية دونيتسك الشعبية (المعلنة من طرف واحد)، قبل أن تستعيدها السلطات الأوكرانية في يونيو من العام ذاته، نتيجة عملية هجومية خاضتها قوات الجيش النظامي وأفراد كتيبة "آزوف" المشكلة من القوميين الأوكرانيين المتطرفين. ومنذئذ باتت ماريبول مركزا عسكريا وسياسيا مهما للسلطات الأوكرانية على خط التماس بين طرفي النزاع المسلح في دونباس. واستضافت ماريوبول "بشكل مؤقت" إدارة مقاطعة دونيتسك الأوكرانية، نظرا لبقاء مركزها (دونيتسك) تحت سيطرة جمهورية دونيتسك الشعبية.

ومع إطلاق روسيا في 24 فبراير عمليتها العسكرية الخاصة في دونباس، التي جاءت فور اعتراف موسكو باستقلال الجمهوريتين الشعبيتين ضمن حدود مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، أصبحت ماريوبول هدفا لعمليات القوات الروسية والتابعة لـ "دونيتسك الشعبية".

وفي 25 فبراير بدأت الوحدات الروسية وقوات دونيتسك محاصرة المدينة، وجرى إحكام الطوق العسكري حولها بحلول 3 مارس الحالي. وتتعرض ماريوبول لعمليات قصف، وسط تأكيدات وزارة الدفاع الروسية على أن الضربات الدقيقة توجه فقط إلى أهداف عسكرية، متهمة الجانب الأوكراني وخاصة أفراد تشكيلات القوميين المتطرفين باستخدام المدنيين "دروعا بشرية" وعرقلة إجلاء المدنيين عبر ممرات آمنة يفتحها العسكريون الروس.

كما أفادت وزارة الدفاع الروسية بأن كييف رفضت عرض الجانب الروسي بشأن توفير فرصة لأفراد كتائب القوميين لمغادرة المدينة في حال إلقائهم السلاح.

المصدر: RT

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا