وكانت حركة طالبان قد سارعت إلى إرسال قواتها إلى المنطقة لحصارها في محاولة للضغط من أجل استسلام المتحصنين هناك، إلا أنها لم تبادر إلى اقتحام الولاية حتى الآن، ربما في انتظار ما ستسفر عنه المفاوضات.
وتمهيدا لذلك، أعلنت الحركة أنها فتحت خطوط اتصال مع أحمد مسعود، نجل الزعيم الطاجيكي الراحل، أحمد شاه مسعود، الذي كان قد منعها طيلة فترة حكمها السابقة بين عامي 1996 و2001 من بسط نفوذها على المنطقة الحصينة.
وكان أحمد شاه مسعود الذي اغتيل في عملية لتنظيم "القاعدة" في عام 2001، قد وقف في وجه حركة طالبان خلال تلك السنوات، وقاد "تحالف الشمال" الذي كان قوامه قوات من القوميتين الطاجيكية والأوزبكية، ومنعها من بسط سيطرتها على بنجشير.
ويبدو أن تجربة الحركة المريرة في المنطقة، إضافة إلى التضاريس الصعبة، وعدم اكتمال انسحاب القوات الأمريكية، تدفع طالبان إلى التريث، والاكتفاء بحصار المنطقة، في محاولة للضغط من أجل استسلام المتحصنين هناك.
ولعل الحركة تعول على تشكيل حكومة مختلطة تضم مسؤولين من الحكومات الأفغانية السابقة، وحل مشكلة "وادي بنجشير" بطريقة سلمية.
في هذه الأثناء، يتجمع أعداء طالبان في بنجشير، في محاولة لتكوين مركز ثقل يكون قادرا على الضغط على الحركة ودفعها إلى عدم الانفراد بالحكم وتشكيل حكومة مختلطة مع خصومها، ما يعني أن المعركة حول هذه المنطقة الاستراتيجية التي لا تبعد عن العاصمة كابل إلا بنحو 150 كيلو مترا، هي حتى الآن "معركة لعض الأصابع".
وفي هذا السياق، نشر الضابط في الجيش الأفغاني السابق، الرائد وزير أكبر مهمند، تغريدة على حسابه في "تويتر"، توعد طالبان بالجحيم، وأشار فيها إلى وجود استعدادات لمعركة بنجشير تتمثل في "قناصة ومرابض مدفعية و20 ألف جندي على استعداد للقنال".
طالبان من جانبها، أعلنت على لسان المتحدث باسم مكتبها السياسي، محمد نعيم، أن "منطقة بنجشير جزء من بلدنا ولا يمكن السكوت على ما يحدث فيها".
وفيما أشار نعيم إلى أن حركته تريد حل المشكلة بطريقة سلمية، قلل من أهمية من وصفهم بأنهم "يريدون إثارة المشاكل في البلاد ويستجدون الخارج".
ويقصد المتحدث باسم طالبان، أحمد مسعود الذي ناشد عبر صحيفة واشنطن بوست الغرب المساعدة في معركة وادي بنجشير، مفيدا بأن بعض وحدات النخبة من القوات الخاصة احتشدت هناك من أجل "القضية".
وكتب مسعود قائلا: "لدينا مخازن ذخيرة وأسلحة جمعناها بصبر منذ عهد والدي، لأننا علمنا أن هذا اليوم قد يأتي"، مشيرا أيضا إلى أن من وصفهم بأمراء الحرب من طالبان إذا شنوا هجوما "فسيواجهون بالطبع مقاومة شديدة منا".
وهكذا يتوافق الطرفان في التصريح بالسعي إلى إيجاد مخرج سلمي، لكن بحسابات مختلفة بطبيعة الحال، وهما أيضا يقرعان في نفس الوقت طبول الحرب ويستعدان لمعركة ستكون مريرة وطويلة على الأرجح كما سابقاتها في هذا الوادي الحصين بتضاريسه الجبلية الوعرة، وبالأسلحة والخبرة المتراكمة منذ عقود.
المصدر: RT