وبحس ما نقلت "الشرق الأوسط" عن مصدر دبلوماسي غربي، فإن "اختبار النيات بقي تحت السيطرة، ولم يؤد إلى اندلاع حرب مفتوحة، وأريد منه من وجهة نظر حزب الله جس نبض الحكومة الإسرائيلية الجديدة بزعامة نفتالي بينيت، في ضوء الحرب النفسية التي يقودها ضد الحزب سواء من خلال إعلانه الاستنفار العام في صفوف الجيش الإسرائيلي، أو قيامه من حين لآخر بمناورات عسكرية مصحوبة بغطاء من الطائرات المسيرة والقنابل المضيئة".
وأشارت الشرق الأوسط إلى أنه "لذلك أراد حزب الله أن يختبر بالنيران رئيس وزراء إسرائيل الجديد للتأكد مما إذا كانت لديه نيات لتعديل قواعد الاشتباك والعودة إلى القواعد التي حددتها إسرائيل قبل اندلاع حرب تموز، وما إذا كانت تهديداته جدية أم أنه يقوم بالتهويل على الحزب باستعراضه لحالات الاستنفار التي ينفذها الجيش الإسرائيلي على طول الحدود الدولية مع لبنان، والتي تتخللها خروقات للأجواء اللبنانية برا وبحرا وجوا، لقطع الطريق على مزايدات سلفه بنيامين نتنياهو، الذي يتهم خلفه بوضع كل أوراقه السياسية والعسكرية في سلة الرئيس الأمريكي، جو بايدن".
وأفاد المصدر الدبلوماسي بأن "اختبار النيات انتهى بمبادرة تل أبيب وحزب الله إلى إيداع قيادة "يونيفيل" في مقرها بالناقورة رسالة سياسية من موقع الصراع العسكري الدائر بينهما تحت عنوان أن لا رغبة لديهما في إدخال تعديلات على قواعد الاشتباك، وهذا ما أراده الحزب وصولاً للإطاحة بها"، موضحا أن "الرسالة المزدوجة أُودعت في صندوق البريد الخاص بالقوات الدولية، بعد أن نجحت الدبلوماسية الأمريكية، بالتعاون مع نظيرتها الفرنسية، في تطويق رقعة تبادل القصف، وحصرها في مناطق مفتوحة لم تبدل من واقع الحال العسكري على الأرض، مع أن تل أبيب خرجت عن إطار ردها التقليدي على مصادر القصف وعمدت إلى توسيع رقعته".
وكشفت صحيفة "الشرق الأوسط" أنها علمت بأن "واشنطن وباريس سارعتا إلى التحرك باتجاه السلطة اللبنانية التي كانت على تواصل مع حزب الله من جهة وتل أبيب من جهة ثانية، حرصا منهما على عدم تحميل الوضع الداخلي حمولة زائدة تضاف الى اثقاله السياسية والأمنية والاقتصادية التي لا زالت تعيق تشكيل الحكومة اللبنانية، لأن أي فلتان في الجنوب سيؤدي إلى ارتفاع منسوب الانهيار، فيما هما يعملان على وقفه".
كما أن "واشنطن وباريس تمكنتا من خلال الضغوط التي مورست في كل الاتجاهات، من توفير شبكة أمان لاستمرار مشاورات تأليف الحكومة بين الرئيس اللبناني، ميشال عون، ورئيس الحكومة المكلف، نجيب ميقاتي، وإن كانت لا تزال تتراوح بين هبّ باردة وأخرى ساخنة، استدعت ترحيلها إلى أن يحسم عون أمره ويعطي الأجوبة المطلوبة منه للانتقال من مرحلة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف إلى مرحلة تسمية الوزراء"، بحسب المصدر.
هذا وأشار المصدر إلى أن "عون أوفد مندوبا عنه للقاء قيادة حزب الله، بالتلازم مع الدور الذي لعبته قيادة الجيش اللبناني في استيعاب ردود الفعل على مصادرة راجمة الصواريخ التي استخدمها الحزب في قصفه لمناطق في مزارع شبعا المحتلة، من قبل شبان من بلدة شويا في قضاء حاصبيا، وما ترتب عليها من ذيول، وإن كان بعضها أعاد التذكير بموقفه من الحزب الذي يتصرف على أن قرار السلم والحرب يعود له من دون الرجوع إلى السلطة اللبنانية".
وأضاف المصدر أن "حزب الله أراد بكلام آخر، أن يعلم تل أبيب بأنه لن يسمح لها بتحويل لبنان إلى ساحة حرب مفتوحة، باستهداف بلداته وقراه، أسوة بتعاملها مع النظام السوري وغزة، وإن كانت القوى الموجودة فيها قد نجحت في التصدي لاعتداءاتها بعد أن حققت حدا أدنى من توازن الرعب".
بالإضافة إلى ما سبق، أوضح المصدر الدبلوماسي الغربي لـ"الشرق الأوسط"، أن "العامل الآخر الذي أعاد الوضع إلى ما كان عليه في الجنوب اللبناني، يعود إلى أن واشنطن مارست رزمة من الضغوط على حليفها رئيس وزراء إسرائيل، وكانت وراء تسليمه بعدم اللعب، على الأقل في المدى المنظور، بقواعد الاشتباك"، مشيرا إلى أن "سبب ذلك هو أن الإدارة الأمريكية ليست مع إحداث انقلاب في الوضع السائد حاليا في الجنوب اللبناني، قبل أن تعاود مفاوضات فيينا اجتماعاتها في سبتمبر المقبل، إلا اذا تقرر تقديم موعد استئنافها كمدخل لاختبار مدى استعداد طهران، مع تولي الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي صلاحياته الدستورية، للتعاون لإنجاح المفاوضات النووية".
وبحسب الشرق الوسط، "تقف واشنطن لذلك إلى جانب تجميد الوضع في الجنوب اللبناني، إلى ما بعد جلاء النتائج المرجوة من المفاوضات النووية، لأنها لا تريد توفير الذرائع لطهران للهروب من الاستحقاق المرجو من المفاوضات، إضافة إلى أنها لا تحبذ انفلات الوضع في الجنوب اللبناني بتغيير قواعد الاشتباك التي ستأخذ لبنان إلى الانفجار الشامل، فيما تدعم الجهود الفرنسية لمنع انهياره، رغم أن المشهد العسكري الذي غطى الساحة الجنوبية لساعات لن يمر مرور الكرام وكأن شيئاً لم يحدث".
المصدر: "الشرق الأوسط"